لم تعرف يوماً كرة القدم او اي رياضة اخرى ضجة بحجم تلك التي احيطت بالانتخابات الرئاسية للاتحاد الدولي للعبة الشعبية الاولى في العالم منذ اكثر من عام. هي بطبيعة الحال الانتخابات الاغرب في التاريخ والاكثر اثارة من دون شك، وهي الانتخابات التي يمكن اخراج فيلم هوليوودي من رحمها، والدليل شكل المرشحين الخمسة الذين بقوا للسباق الاخير، فهناك الشيخ والامير والمناضل والدبلوماسي والموظف المكافح.
وهنا الحديث عن الشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة، ابن العائلة الملكية البحرينية. والحديث عن الامير علي بن الحسين ابن العائلة الملكية الاردنية. اما الافريقي الجنوبي طوكيو سكسويل فهو المناضل السابق الذي سجن على جزيرة روبن مع الشهير نيلسون مانديلا، بينما نشط جيروم شامباني في السلك الدبلوماسي الفرنسي، وتعب السويسري جياني إينفانتينو طوال حياته ليطل الى الاضواء عام 2000 مع دخوله الى الاتحاد الاوروبي وتحوّله اميناً عاماً له.
وكما بات معلوماً فان الحصانين الاقوى حتى الآن هما الشيخ سلمان واينفانتينو، لكن حسابات الاصوات دقيقة جداً وهي السؤال الابرز اليوم قبل ساعات على اجراء العملية الانتخابية في زيوريخ مع تحرك عمليات "البوانتاج" عند كل ماكينة انتخابية حيث سيعرف كل واحد منها حجمه الحقيقي بعد ظهر الجمعة.
هي الانتخابات التي يمكن اخراج فيلم هوليوودي من رحمها

207 اعضاء من اصل 209 ينتمون الى عائلة "الفيفا"، سيصوتون مع استبعاد الكويت واندونيسيا بسبب ايقافهما، لكن اللافت ان احد اللاعبين الاساسيين في العملية الانتخابية سيكون كويتياً وهو الشيخ احمد الفهد الذي يقبض على كتلة انتخابية آسيوية مهمة. وببساطة إذا حصل اي مرشح من الدورة الاولى على ثلثي الاصوات اي 138 صوتاً فسيعلن رئيساً للفيفا. اما في حال عدم حصول هذا الامر فان المرشح الذي سيحصل على الاكثرية في الدورات اللاحقة سيفوز بالمنصب.
والكلام هنا بالارقام مهم جداً لايضاح العملية الانتخابية التي قد تكون معقّدة بالنسبة الى البعض، فالقارة الافريقية مثلاً التي تعدّ الاكبر على صعيد الاتحادات الوطنية بمجموع 56 اتحاداً، سبق ان اعلنت انها تدعم الشيخ سلمان، الذي يتوقّع ان يحصل على غالبية الـ 47 صوتاً من قارة آسيا التي يرأس اتحادها.
بدوره، فان اينفانتينو سيحصل على غالبية اصوات "اليويفا" التي يبلغ مجموعها 54 صوتاً، ليكون موقفه قوياً لان 10 اتحادات من اميركا الجنوبية اشارت علناً الى انها تؤيده ايضاً، ليبقى بانتظار استيضاح اكثر موقف اتحاد الكونكاكاف الذي يبدو ان غالبيته يميل اليه. وهذه المجموعة اضافة الى الاتحادات الوطنية الـ 11 الآتية من قارة اوقيانيا قد تؤدي دوراً مهماً في اختيار الرئيس الجديد، وخصوصاً تلك التي يبدو موقفها مبهماً على غرار ابناء تلك القارة البعيدة عنا.
وبهذه الحسابات البسيطة، يمكن القول ان الامير علي سيحصل على فتات الاصوات، التي قد تأتي اغلبيتها من منطقة غرب آسيا التي تضم 13 اتحاداً، وهو الذي يعوّل ايضاً على بعض اتحادات شرق آسيا التي صوّتت له في ايار الماضي، امثال كوريا الجنوبية واليابان، من دون ان تساعده في التغلب على الرئيس السابق المستقيل والموقوف السويسري جوزف بلاتر.
لذا ما يمكن حسمه بأن أيّاً من المرشحين سيحصل على الثلثين في الدورة الاولى بل قد يتقدّم الشيخ سلمان على إينفانتينو بفارق 10 اصوات تقريباً، ما يعني ان الحسم سيتأجل الى الجولة الثانية، لكن الاكيد اكثر انه في معركة كهذه سيستخدم المرشحون كل المهارات التي اكتسبوها من خلال حياتهم الشخصية والمهنية من اجل التأثير في المصوّتين. هي معركة حيث كل الوسائل فيها مشروعة اصلاً، ما عدا تلك التي اغرقت "الفيفا" وقطعت رؤوسه الكبيرة اخيراً.