بروكسل | منذ بعد ظهر أمس، تكثّفت الاتصالات الهاتفية من بيروت برئيس مجلس النواب نبيه بري الموجود في بروكسل، حيث كان يحضر جلسة عامة للبرلمان الاوروبي. على الجانب الآخر، كان الوزير علي حسن خليل يخطره برفض تيار المستقبل المشاركة في جلسة الحوار مع حزب الله (امس) في عين التينة. طلب بري من خليل التحدث الى النائب وليد جنبلاط للتوسّط لدى الرئيس سعد الحريري وثنيه عن مقاطعة الحوار. عاود وزير المال الاتصال برئيس المجلس لابلاغه باخفاق محاولة جنبلاط، فطلب منه التوجه الى رئيس الحكومة تمام سلام، قبل ان يبادر بدوره الى مكالمته بعد ارفضاض اجتماع لجنة الصداقة مع لبنان المنبثقة من البرلمان الاوروبي.
تمسك بري بانعقاد جلسة الحوار بعدما بلغه اقتراح الحريري تأجيلها الى وقت لاحق، على ان يصدر التأجيل عن رئيس المجلس. رفض، وأصر على انعقاد الحوار وإن ناقصاً، مقتصراً على نادر الحريري وحسين خليل ووزير المال. ثم اظهر مرونة من ضمن هذا الاصرار مقترحاً اجتماع الثلاثي بعض الوقت ليتقرر اثره تأجيل استكمال الحوار. ظل الحريري رافضاً متشبثاً بالغياب عن الحوار في سياق حملته وتياره على حزب الله. فلفت رئيس المجلس الى ان تأجيل الجلسة في التوقيت الحالي سيكون بالغ الخطورة نظراً الى وفرة التفسيرات التي ستعطى له وتحمّله أسبابا شتى. لا يمانع فيه لكن بعد اجتماع جلسة الاربعاء المقررة سلفاً بعدما وافق الطرفان على حضورها.
وسّط بري سلام وجنبلاط لثني الحريري عن مقاطعته الحوار

لم يُصغ اليه الى ان قال: تعطيل طاولة الحوار يعني ضرب الحكومة، ومن ثم طاولة الحوار. ماذا يريدون؟
لم يخف رئيس المجلس قلقه من تداعيات توقف الحوار ليس على الحكومة وطاولة الحوار الوطني فحسب، بل ايضا على الشارع، وبدا انه يتحدث عمن يلعب بالنار. تبلغ من خليل موقف الحريري ومفاده تأجيل الحوار على ان يجتمع برئيس المجلس بعد عودته ويناقشان المشكلة. رد بري كان: مستعد للاجتماع به ما شاء بعد عودتي. لكن الحوار اولاً والليلة.
خابر بري رئيس الحكومة وتمنى عليه ايضاً محادثة الحريري وابلاغه ان الاجتماع مقرر سلفاً وليس جديداً او طارئاً، خصوصاً ان وزير الداخلية نهاد المشنوق كان يناقش جدول اعمال الجلسة قبل ان ينقلب الحريري عليها ويقرر مقاطعة الحوار. واعاد على مسامع سلام قلقه من اعطاب الحكومة، ولمس مقاسمة رئيس الحكومة اياه هذه المخاوف عليها.
في وقت لاحق من المساء تبلغ رئيس المجلس التئام الطاولة بالثلاثي في عين التينة تبعا لاقتراحه بغية استعادة الحوار انفاسه.
وكان بري واصل في اليوم الثاني من زيارته بروكسل لقاءاته، فالتقى رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز الذي قال على الاثر: "تبادلنا الاراء وبحثنا في الاوضاع في المنطقة، والدور الاساسي الذي يلعبه لبنان في العلاقة التي تربط الجهات الاوروبية بالمنطقة. تحدثنا ايضا في التحديات الكبرى التي تواجه لبنان والمنطقة التي تمر بأزمة تقوّض استقرارها، كما تحدثنا عن الاوضاع في سوريا ومشكلة اللاجئين، ليس السوريين الوافدين الى لبنان فحسب، بل اللاجئين برمتهم بما في ذلك اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في لبنان منذ عقود. واتفقنا على ان الاتحاد الاوروبي ينبغي ان يفي بوعوده الرامية الى تقديم المساعدة المطلوبة بما في ذلك المساعدات المادية لهذا البلد. عندما تحدثنا عن ارقام اللاجئين الموجودين في لبنان اليوم، وكذلك عندما درست نسبة اللاجئين مقارنة باجمالي السكان في لبنان، شعرت بصفتي اوروبيا بكثير من الخجل. فنحن في اوروبا نتجادل في ما يتعلق بامكان استقبالنا مليون لاجىء ينضمون الى 500 مليون اوروبي ويوزعون على 28 دولة اوروبية. وبالتالي عندما قارنت الجدل القائم على مستوى الاتحاد الاوروبي في هذا المضمار حيال ما يعيشه لبنان شعرت بالفعل بخجل كبير". واشاد بجهود بري "من اجل اضفاء الاستقرار على الوضع السياسي من خلال رعايته الحوار بين المجموعات والاحزاب واللاعبين على الساحة السياسية اللبنانية".
ورد بري بالقول: "طالبت بان يصير الى التركيز على الحل السياسي للازمة السورية قبل البحث بأي مساعدة"، وحض البرلمان الاوروبي على "لعب دور كبير حيال علاقات الجوار بين الدول العربية الخليجية وخصوصا المملكة العربية السعودية وبين الجمهورية الاسلامية الايرانية". وحذر من ان تؤدي الحرب السورية الى "ما حصل للاخوة الفلسطينيين وتهجيرهم من وطنهم فلسطين". واقترح:
"1 ـ تأمين قروض تفضيلية لمشاريع استثمارية يستفيد منها النازحون السوريون.
2 ـ الى الهبات، دعم فوائد سندات الخزينة ما سيساعد المالية اللبنانية على التحمل سيما ان خسائر لبنان نتيجة اللاجئين السوريين هي 17 مليار دولار منذ خمس سنوات حتى اليوم".
وبعد الظهر حضر بري جلسة عامة للبرلمان الاوروبي فرحب به رئيسه شولتز والقى كلمة تحية ثم دعا النواب الاوروبيين الحاضرين الى استقباله بالتصفيق. وقال شولتز: "يتحمل بلدكم عبئا كبيرا من خلال استضافة مليون ونصف نازح سوري اضافة الى نصف مليون لاجىء فلسطيني. نؤكد لكم وقوف الاتحاد الاوروبي مع بلدكم ومعكم شخصيا في هذا العبء. لقد كان يوم 4 شباط مناسبة لترجمة ذلك في لندن وسنحرص على تحقيق الوعود التي تم الاعلان عنها".
ثم عقد بري جلسة مع مجموعة الصداقة مع لبنان في البرلمان الاوروبي برئاسة رامونا مانيسكو التي اكدت دعم الاتحاد الاوروبي وارادته في مساعدة لبنان في سبيل استمرار استقراره.