هدد احد مسؤولي حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا ابو دردار، فرنسا بردّ قوي على هجماتها الجوية على مواقع المقاتلين الإسلاميين في شمال مالي، ورأى «أن فرنسا هاجمت الإسلام، وسنضرب فرنسا في الصميم»، متوعداً بمهاجمتها «في كل مكان، في باماكو، وفي افريقيا واوروبا». ورفض ابو دردار اعطاء حصيلة للغارات الفرنسية على مواقع الاسلاميين المسلحين. وأوضح أنه «ليس لدي ما اقوله في هذه الأمور، لكن كل المجاهدين الذين قتلوا مآلهم الجنة». من جهته، أعلن وزير الدفاع الفرنسي، جان ايف لودريان، أمس أن المسلحين الإسلاميين سيطروا على بلدة ديابالي الصغيرة على بعد 400 كلم شمال باماكو قرب الحدود مع موريتانيا. وقال لورديان: «كنا نعرف أن هناك هجوماً مضاداً في الغرب، نظراً إلى وجود عناصر في هذه المنطقة، يبدون تصميماً وهم اكثر تنظيماً واكثر تطرفاً، سيطروا على ديابالي، وهي بلدة صغيرة بعد معارك عنيفة، وبعد أن ابدى الجيش المالي مقاومة لم تكن كافية في تلك اللحظة المحددة».

وعن تطور الوضع العسكري في مالي، اوضح وزير الدفاع الفرنسي لدى خروجه من اجتماع مجلس الدفاع في الاليزيه، في اليوم الرابع من الحرب، أن تطور الوضع يتفق مع توجيهات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، «إنه يتطور بصورة مواتية». وأضاف: «في شرق مالي، قُطعت الطريق على المجموعات الارهابية، اخليت مدينة كونا والمجموعات الارهابية تراجعت نحو دوينتزا».
وتابع لورديان: «في غاو، نُفذ اول من أمس الاحد عدد من الضربات الهادفة على قاعدة خلفية لجماعة التوحيد والجهاد اعطت نتائج جيدة للغاية وادت إلى تشتيت عناصر هذه المجموعة الإرهابية باتجاه الشرق والجنوب». وكشف عن وجود نقطة صعبة في الغرب حيث تواجه القوات الفرنسية «مجموعات جيدة التسليح وحيث تتواصل العمليات حتى في هذه اللحظة مع القوات المالية».
وفي سياق متصل، أفاد مصدر امني من بوركينا فاسو أن قصف الطيران الفرنسي الحق بعناصر تلك الحركات خسائر فادحة ويجدون صعوبات في تجميع قواتهم وشن هجمات. وتابع: «رغم ذلك لم ينهزم المقاتلون الاسلاميون، انهم يقاومون وسيقاومون حتى النهاية وسيحاولون فتح جبهات بمجموعات صغيرة».
من جهة اخرى، اعلن المسؤول في الحركة الوطنية لتحرير ازواد، موسى اغ اساريد، أن مقاتلي حركة الطوارق «مستعدون لمساعدة» الجيش الفرنسي على التصدي للمجموعات الاسلامية المسلحة في شمال، من خلال «التحرك على الارض». واكد اغ اساريد دعم الحركة بقوة للتدخل الجوي الفرنسي، مضيفاً: «نحن مستعدون للاضطلاع بدورنا بصفتنا سكان البلاد الاصليين الذين يقاتلون من اجل حقوق شعب ازواد».
وفي اطار متصل، تسارعت الاستعدادات لنشر قوة من دول غرب افريقيا مكلفة طرد المجموعات المرتبطة بالقاعدة، مع بدء طلائع قوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا انتشارها أمس تحت قيادة الجنرال النيجيري شيهو عبد القادر.
من جهة اخرى، استبعد الاتحاد الاوروبي أمس القيام بأي دور قتالي في مالي. وذكر المتحدث باسم الاتحاد الاوروبي لشؤون السياسة الخارجية مايكل مان أن الاتحاد لا ينوي إضفاء اي دور قتالي على مهمة التدريب العسكري التي سيقوم بها في مالي، بعدما تدخلت فرنسا في مواجهة الإسلاميين المرتبطين بتنظيم القاعدة في البلاد.
وكشف مان، في إفادة صحافية يومية: «نحن نعجل بالاستعدادات. ما استطيع قوله الآن هو أن المهمة ستبدأ على الارجح خلال النصف الثاني من شباط أو في أوائل آذار. هذا ما يُخطَّط بشأنه حالياً».
بدوره، رحب حلف شماليّ الأطلسي بالتدخل العسكري الفرنسي، كاشفاً أنه لم يُتلَ أي طلب فرنسي للمساعدة. وقالت المتحدثة باسم الحلف أوانا لونجسكو للصحافيين: «نرحب بجهود المجتمع الدولي في دعم تطبيق قرار مجلس الامن التابع للامم المتحدة 2085. تصرفت فرنسا بسرعة لصد هجوم الجماعات الارهابية في مالي، ونأمل أن تسهم هذه الجهود في استعادة حكم القانون في مالي والحد من تهديدات المنظمات الارهابية. وبهذا الشكل فإن الحلف ليس ضالعاً في الأزمة». وأضافت لونجسكو أن الوضع يمثل تهديداً أمنياً يتجاوز حدود مالي نفسها، لكن الحلف لم يتلق اي طلب ولم تجر أي مناقشة داخل الحلف بشأن الوضع في مالي.
سياسياً، اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي سيعقدون «اجتماعاً طارئاً حول مالي هذا الاسبوع خلال يومين او ثلاثة»، وأضاف فابيوس في مؤتمر صحافي أن فرنسا «لا تنوي البقاء وحدها إلى جانب مالي»، مشيداً بالدعم الدولي «شبه الاجماعي» الذي حظيت به العملية العسكرية الفرنسية في هذا البلد.
من جهتها، تجاوزت الجزائر تحفظاتها السابقة على اي تدخل عسكري في النزاع في مالي، وقررت دعم العملية العسكرية الفرنسية ضد الاسلاميين، عبر السماح للطيران العسكري الفرنسي بالتحليق في اجوائها في طريقه إلى مالي. وقال دبلوماسي اجنبي في الجزائر «إن الجزائر فوجئت بسرعة اطلاق العملية»، الا أنها عادت و«قبلت بالوضع» مع اشارته إلى أنها لم تكن تستبعد ابداً الخيار العسكري لمحاربة الارهاب.
وفي المواقف الدولية، تحفظت الصين في دعمها للحملة الفرنسية، مشددةً على نشر القوة الدولية لدعم مالي التي وافق عليها مجلس الامن «في اسرع وقت ممكن».
(أف ب، رويترز)