زار الرئيس اليمني الفار عبد ربه منصور هادي تركيا، يوم أمس، للمرة الأولى منذ توليه الحكم عام 2012، بعد زيارةٍ خاطفة للرياض، ما أثار تساؤلات عدة عن أسبابها ومراميها، خصوصاً في هذا الوقت بالتحديد. وطرحت أسئلة عمّا إذا كانت هذه الزيارة التي شملت لقاءات بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبرئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، لها علاقة بالحديث عن تحرك سعودي تركي نحو تدخل عسكري برّي في سوريا. الزيارة التي قرئت من زوايا متعددة، جاءت في وقت شهدت فيه المنطقة مقدمات انفجار بين الأقطاب المتصارعة في سوريا، بينما قال الإعلام المؤيد للسعودية إن زيارة هادي جاءت في سياق التحرك والتنسيق الموازي لما سمّته «حسم المعركة في اليمن واستعادة العاصمة صنعاء». وقال مصدر سياسي يمني مطلع لـ«الأخبار» إن الزيارة تأتي في إطار الصراع الدائر في المنطقة والتحالف السعودي التركي ضد سوريا. وأضاف المصدر أن السعودية تحالفت مع تركيا بعد انقطاع طويل بسبب الأزمة السورية وارتباطها بملف اليمن، لأن التدخل البري السعودي التركي في سوريا «لا يزال مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بملف اليمن»، مؤكداً أنهم لا يمكن أن يتدخلوا في سوريا فيما لا يزال ملف اليمن مفتوحاً وعالقاً. وفيما لا يستبعد مراقبون أن يكون هادي قد أرسل دعوة إلى تركيا لتتدخل في اليمن ولتقديم ذلك كورقة ضغط على روسيا وإيران مقابل ملف سوريا، يؤكد رئيس تحرير صحيفة «الثورة» اليمنية الحكومية، في حديث إلى «الأخبار» أن الزيارة «تأتي من قبيل الدفع المعنوي للتحالف السعودي التركي الغارق في الوحل السوري»، مشيراً إلى أن توقيت الزيارة «يحمل رسالة لروسيا بإمكانية توريط الدواعش اليمنيين والإخوان في الحرب على سوريا تحت لافتة المشاركة السعودية». ويقول المنصور إن «هادي لديه قاعدته ودواعشه ومرتزقته في اليمن الذين يمكن الزجّ بهم في الصراع في سوريا برغبة سعودية أميركية في مواجهة محور روسيا ــ إيران ــ حزب الله، خصوصاً بعد انهيارات داعش في الكثير من مناطق الصراع في سوريا، ولا سيما في المناطق الشمالية المحاذية لتركيا».
وبعد لقائه بهادي، أكد أردوغان أن تركيا «ستقف إلى جانب اليمن في هذه الأيام المضطربة»، معرباً عن أمله في تأسيس سلطة الدولة الشرعية في اليمن من جديد.
في هذا الوقت، أفاد السكرتير الصحافي لهادي بأن زيارة الأخير لتركيا «تندرج في إطار تنسيق الجهود الدبلوماسية والسياسية لمرحلة ما بعد تحرير صنعاء»، مذكراً بأن عودة هادي إلى عدن مكّنته من التحرك خارج اليمن لتنسيق العلاقات. من جهته، رأى المصدر السياسي في حديثه إلى «الأخبار» أن مهمة هادي الغرض منها التسويق للتجربة السعودية في اليمن، بالرغم من أنها لا تزال متعثرة، وتابع قائلاً إن هادي يريد القول إنه بفضل السعودية وتدخلها في اليمن «استطاع العودة إلى اليمن (عدن) واستعادة القرار والدولة من قبضة المشروع الإيراني»، ولا سيما بعد تصريحات هادي الأخيرة عن أن التحالف السعودي أفشل نية «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» بتبنّي «الطراز الإيراني» في الحكم. ولفت المصدر إلى أن هذا الكلام رسالة يراد منها القول إن سوريا وفي سبيل «الخلاص» تحتاج إلى «عاصفة حزم» سعودية أخرى على غرار ما حصل في اليمن.
ويرى المصدر أن هادي لم يعد له قيمة حقيقة تجعله صاحب ثقل لدى السعودية أو تركيا، مستدركاً بأنه كما يبدو «تم الدفع بهادي سعودياً لكي توجه عبره رسالة لإيران وروسيا»، خصوصاً أن السعودية منزعجة من التقدم السوري المدعوم روسياً على الأرض في سوريا، في الوقت الذي هي تغرق فيه في اليمن وتعجز عن إنجاز أي تقدم في العمق من شأنه أن يجعلها تتدخل وتفرض معادلة في الشأن اليمني».
وكان هادي قد تحدث في المؤتمر الصحافي الذي عقده في تركيا، أول من أمس، عن «التدخل الإيراني في اليمن»، متهماً إيران و«حزب الله» بلعب دور في تأزيم اليمن. وفي هذا الصدد اعتبر المصدر كلام هادي في المؤتمر الصحفي عن تدخل إيران و«حزب الله» في اليمن أنه يحاول كسب موافقة تركية بالانضمام إلى «التحالف» مقابل أن يكون ذلك ورقة ضغط جديدة على إيران وروسيا.