أنجلينا أيخهورست*في دولة القانون، على كافة الفاعلين في المنظومة الجزائية أن يتصرفوا بما يتوافق مع مبادئ حقوق الانسان – وذلك في شتى الأوقات: منذ لحظة الاعتقال، أثناء الحجز، خلال فترة السجن قبل صدور الحكم وبعده، وأكثر من ذلك، أثناء مرحلة إعادة الاندماج الاجتماعي.

الحرية حق أساسي، والحرمان منها في الإطار الجزائي ينبغي أن يوفّق بين عناصر عدّة: حماية المجتمع ومصالح الضحية من جهة، ومعاقبة المُدان وضرورة التحضير لإعادة اندماجه مستقبلياً في المجتمع من جهة أخرى.
لهذا الغرض، لا بد من تطوير عدالة جزائية وإدارة سجنية فاعلتين ومستقلتين تحترمان الضمانات القانونية الأساسية. يبقى هذا التحدي قائماً في كافة أنحاء العالم، بما في ذلك في الاتحاد الأوروبي. بهذا المعنى، ليس لبنان استثناءً. لكن في هذا البلد، نواجه صعوبات كبيرة جداً بسبب نقص الوسائل إلى جانب التحديات الهيكلية.
وضع السجون اللبنانية معروف جيداً. على سبيل المثال لا الحصر الاكتظاظ ونقص الدعم الاجتماعي والطبي المناسب والحصول المحدود على المساعدة القانونية. لا تعزز هذه التحديات الدور الاجتماعي للسجون الذي أتيت على ذكره سابقاً. لكن هناك إرادة قوية من جانب الحكومة والمجتمع المدني وشركاء دوليين من أجل تحسين الوضع القائم.
أود أن ألقي الضوء على مسألة الحبس الاحتياطي. على هذا الصعيد، أحيي الجهود المبذولة في لبنان في سبيل الحد من عدد السجناء في الحبس الاحتياطي. عام 2010، كان أكثر من 70% من السجناء في الحبس الاحتياطي. واليوم، تراجعت هذه النسبة إلى 57% (احصاءات وزارة العدل). لكن يبقى الكثير للقيام به.
في إطار سياسة الجوار الأوروبية، التزم الاتحاد الأوروبي ولبنان بالعمل معاً في سبيل الإصلاح القضائي، بما في ذلك إصلاح السجون، بغية تعزيز قدرة نظام إقامة العدل وفعاليته ودعم الهيئات الموكلة تطبيق القانون.
يدعم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء من خلال إجراءات ملموسة تحسين نظام السجون. على سبيل المثال، ندعم مالياً مواكبة نقل إدارة السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل مع دعم مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، الموكل من قبل الحكومة لتسهيل عملية النقل. وقد تحققت نتائج ملموسة حتى الآن: منهج لتدريب العاملين، وضع برامج للتأهيل المهني، قاعدة بيانات الكترونية فضلاً عن دعم فني لتحديد سياسات وخطط العمل على صعيد السجون.
فضلاً عن ذلك، يدعم الاتحاد الأوروبي جهود المجتمع المدني في سبيل تحسين الظروف في السجون وتعزيز احترام حقوق الانسان. إحدى هذه المبادرات طبقها الاتحاد العالمي لجمعيات الكهنة DIAKONIA، وتهدف هذه المبادرة إلى تحسين وضع السجينات في لبنان وبخاصةٍ في سجون النساء في طرابلس وبعبدا وفردان وزحلة بتعاونٍ وثيق مع السلطات في السجن من أجل احترام حقوق الانسان للنساء المعتقلات والسجينات. والعمل جارٍ على قدمٍ وساق. يتلقى المعتقلون والسجناء الدعم القانوني والاجتماعي الذي هم بأمس الحاجة إليه وثمة مبادرات تشريعية قيد التحضير لجعل قانون السجون ينسجم مع المعايير الدولية.
في سجن روميه، أثمر مشروع طموح وضعته جمعية عدل ورحمة نتائج إيجابية جداً، إن على صعيد دعم الضحايا أو تحسين الأدوات الموضوعة في تصرف قوى الأمن لإنجاز مهمتها في إطار احترام حقوق الانسان. حتى يومنا هذا، استفاد أكثر من 700 معتقل وسجين من دعمٍ قانوني ونفسي و/ أو طبي.
في إطار برنامج دعم الشراكة والإصلاح والنمو الشامل الذي يهدف إلى مواكبة توطيد الإصلاحات الديمقراطية في جنوب البحر الأبيض المتوسط، حشد الاتحاد الأوروبي أموالا إضافية لتحسين الوصول إلى العدالة داخل السجون ومراكز الاعتقال وتعزيز قدرات المؤسسات العقابية.
يبقى الاتحاد الأوروبي ملتزماً بدعم لبنان لتُدار مع الوقت المؤسسات العقابية انسجاماً مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال.
* رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان