«قوّشوني بسبب كبّابين الحرام فولّعت اليطأ وبلّشت الانتفاضة!» قال جعفر (اسم مستعار) عبر هاتف غير شرعي للصحافي الذي لم يفهم، وكأن السجين يخاطبه بلغة أجنبية. «كيف؟ شو قلت؟» ضحك جعفر، ثم قال «عم قلّك الدرك ألغوا وظيفتي كشاويش وأعادوني الى القاووش بسبب افتراء بعض السجناء الآخرين (كبّابين الحرام) عليي من خلال نقلهم أخباراً غير صحيحة عني إلى إدارة السجن. فأشعلت النيران بالفراش (اليطأ) وبدأ العصيان في السجن (الانتفاضة)».
تحسّن فهم الصحافي، لكنه لم يستوعب المقصود بكلمة «قاووش» وبكلمة «شاويش»، وهي عبارات من العهد العثماني تستخدم اليوم في السجون للإشارة إلى الزنزانة (قاووش) وإلى السجين المكلّف إدارة بعض شؤون السجن بسبب حسن سلوكه أو بسبب نفوذ يتمتّع به لدى ادارة السجن. يستخدم السجناء كلمات أخرى يصعب على من لا يعرف السجن معناها مثل «الأروانة» وهي العبارة التي تشير الى الطعام الذي تقدمه إدارة السجن، و«الأرنب» وهو السجين الذي يقال إنه يمارس الجنس مع السجناء الآخرين، أو «الباش» وهو الرتيب المسؤول عن حراسة السجن، و«الجورة» أي الزنزانة الانفرادية، أو «العلبة» وهي الحافلة التي تنقل قوى الأمن السجناء فيها وليس فيها نوافذ.
«هيدا باين عليه انو استحبس»، قال سجين عن سجين آخر خلال أوقات النزهة في «البرندا». المقصود بـ«الاستحباس» أن السجين تأقلم مع ظروف السجن والعادات السائدة فيه. وهو مفهوم يستدعي اهتمام الباحثين في فعالية العقوبات المانعة للحرية؛ فالسجين الذي «يستحبس» لا يعود السجن عقوبة بالنسبة إليه، بل محطة على طريق سيرته الجنائية. «البرندا» هي باحة النزهة. أما الـ«أسانصور»، فهو حبل يرمى من نافذة قاووش إلى نافذة قاووش آخر، وتربط فيه أغراض يمكن أن تكون حبة بندورة ورغيف خبز أو ممنوعات مهرّبة. ويتطلّب تشغيل «الأسانصور» مهارات استثنائية.