تطل ريم البنا (1966) في احتفالية الحزب الشيوعي اللبناني، محتفلةً بشبوبية أحد أقدم الأحزاب العربية. الفنانة الفلسطينية التي درست الموسيقى والغناء وقيادة المجموعات الغنائية في معهد Gnesins في موسكو، تعتبر واحدةً من أهم تجارب بلادها الغنائية إن لناحية الصوت، والأداء، أو طريقة تقديم نفسها.هي مقاومة بالتأكيد. الفنانة التي تغلّبت قبل سنين على مرض سرطان الثدي ووضعت صورتها «حليقة الرأس» على صفحتها الشخصية على الفايسبوك، تؤكد مراراً أنَّ «المقاومة» هي فعلٌ إرادي، وأنّها انتصرت على السرطان «لأنه أناني، وأنا أكره الأنانية. هزمته لأنني امرأة عاشقة للفرح والجنون، وهو يتربّص بخبث كي يقتنص منا الحياة والابتسامة. هو لا يعرف أنه لا يتغلّب إلا على مَن يرغب في الرحيل، هو لا يعرف أنني وآلاف النساء، نعرف كيف نشق طريقنا إلى الضوء، وهو يكره الضوء فيغيب في العتمة ويتلاشى؛ لنحيا». إذاً، الفنانة الآتية من الناصرة، ابنة الشاعرة المعروفة زهيرة صباغ التي غنّت لها سابقاً «كرمل الروح» (في ألبومها «مرايا الروح») تأتي لتكريم الحزب الشيوعي اللبناني. هي تعرف بيروت تماماً، فقد زارتها أكثر من مرَّةٍ في السابق، وأقامت حفلاتٍ فيها.
تعشق البنا «التهليلات» وهي الأغاني التي تنشدها الأمهات لأطفالهن وهن يضعنهم في المهد. ونشطت كثيراً للحفاظ على هذا التراث الشفوي الفلسطيني من خلال تحويله إلى أغنيات وقدمته أكثر من مرةٍ ضمن أطر متعددة. في الإطار عينه، حافظت على نمطٍ غنائي «متقدٍ» ومختلفٍ عن المعتاد في الوسط الفلسطيني وخصوصاً ألبومها الأخير «مرايا الروح»؛ رغم شبهه بتجربة فرقة «صابرين» الفلسطينية مع مغنيتها الرئيسية كاميليا جبران. تجربة ألبوم «صابرين» الأشهر «جاي الحمام» اختمرت كثيراً لدى البنا، فرفعت مستوى التجربة إلى مرحلةٍ كبرى في ألبومها «مرايا الروح»، فكانت القصائد «الوجودية» التي بدا استثمارها جلياً. نأخذ مثالاً أغنية «صوت الرائحة والأشياء» التي تنساب موسيقاها بطريقةٍ غير معتادة، فضلاً عن أن الكلام هو لغةٌ غير مسبوقة إلى حدٍ كبير في الأغنية العربية.
تأتي البنا إلى جمهورٍ يعرف عنها الكثير، كما يحفظ أغلب أغنياتها، ويحبها لأنها بشكلٍ أو بآخر صلته مع «بوصلته» الأولى والأخيرة: فلسطين.

ريم البنا: 20:30 مساء 27 ت1 (أكتوبر)