ليس «أحلى» على قلب الرئيس نبيه بري من أن يرى نوّاب 14 آذار وتيار المستقبل يتأبطون ملفات سميكة داخل أروقة المجلس النيابي. ترى النائب أحمد فتفت أمس يزداد نشاطاً من تصريح إلى تصريح، وهو يحلّل ويناقش القوانين و«السلسلة» كمشرّع حقيقي، في مجلس نوّاب حقيقي. ومثله النائب جمال الجراح وباسم الشاب ومحمد الحجّار وسائر نوّاب «لا للتشريع قبل الرئاسة».
حتى إن النائب جورج عدوان «تقمّص» الدور، وبدا ملكياً أكثر من الملك، وبقي يجود بالتشريع بعد خروجه من الجلسة حتى «رأس» الشارع الواصل من ساحة النجمة إلى شارع المصارف. إنها اللهفة إلى التمديد للمجلس النيابي.
فعلها بري أمس. أحيا عظام المجلس وهي رميم، لأن قاعدة عين التينة تقول: «لا يمدّد لمجلس ميت». يوم أمس، ردّد نوّاب 8 آذار، على اختلاف انتماءاتهم، بزهو، ان «برّي يعرف جيّداً منذ أشهر أن فريق 14 آذار لا تناسبه الانتخابات، وسيفعل ما بوسعه للتمديد، فاقتنص الفرصة لربط عودة الحياة إلى المجلس بأي استحقاق مقبل».
ومن جملة ما «حصّله» برّي أمس، عدا عن عودة التشريع وإقرار مجموعة من القوانين، تثبيته صلاحيات رئاسة المجلس على ما يتمّ بالتوافق في هيئة المكتب، حين ردّ على فتفت واعتراضه على إدراج اقتراح «قانون الاعتماد الإضافي»، بأن إضافة أي اقتراح هي من صلاحيات الرئاسة. غير أن إقرار القانون، ولو أنه تمّ بالتوافق مع الرئيس فؤاد السنيورة، فإنه يضع موقف وزير المال علي حسن خليل برفض صرف الأموال من دون المجلس النيابي موضع التنفيذ، وينقضّ على رغبة السنيورة في التسوية الشاملة للملفّ المالي، ويكسر آلية الصرف العشوائي برمتها، التي اعتمدها السنيورة منذ 2006 حتى اليوم.
ليس هذا فحسب، فمنذ تبلّغ برّي، خلال الـ24 ساعة التي سبقت الجلسة، نتيجة الاجتماع الذي جمع قائد الجيش جان قهوجي وضباط القيادة ورفضهم الإجحاف بحقّ العسكريين، عزم رئيس المجلس على إقناع السنيورة بإنصاف العسكريين. بقي بري يراهن على «القمحة»، حتى ظهرت «الشعيرة» قبل دقائق من موعد الجلسة، ولم يقبل السنيورة. توقّف التصويت على «سلسلة الرتب والرواتب» في المجلس أمس، لأن العسكر «زعلانين»، « برّي لا يزعّل العسكر»، كما يقول أحد نوّاب «كتلة التنمية والتحرير».
قبل الجلسة بقليل، لم يكن النوّاب في معزلٍ تام عمّا يجري بين بري والسنيورة والجيش، ممثلاً بوزير الدفاع سمير مقبل. غير أن إحالة مشروع «السلسلة» على اللجان النيابية المشتركة لإعادة درسه «بسبب وجود ثغرات فيه، ولأن هناك قطاعات لا تزال تشكو» عند بداية الجلسة، أحدث صدمة عند النّواب. وحتى ساعات بعض الظهر، كان بعضهم لا يزال يسأل إن كان «التأجيل» سياسياً أم تقنياً، ليحسم الجدال لاحقاً بأنه «تأجيل تقني بسبب رفض الجيش».
عاد التشريع إذاً، وسيستمر. وهذه ليست أمنيات، بل «نتيجة اتفاق أفضى إلى عقد الجلسة أصلاً»، يؤكّد أكثر من نائب. يبقى أن يتّضح مصير «السلسلة»، وإذا ما كانت ستنام في أدراج اللجان النيابية أم ستعود إلى المجلس بحلّة جديدة ترضي الجميع على وقع «تشريع الضرورة»، بانتظار «تمديد الضرورة»!




الجيش «الإجحاف» يطال المعنويات

علمت «الأخبار» أن قيادة الجيش سبق أن أرسلت لجنة عسكرية خاصة، للبحث في السلسلة الخاصة بالعسكريين، إلى لجنة المال والموازنة النيابية أثناء بحثها في السلسلة قبل أشهر. ووضعت اللجنة النواب في صورة مطالب السلك العسكري. وكذلك تواصلت الاتصالات لاحقاً، وبصورة دائمة مع الوزير علي حسن خليل عند تسلمه وزارة المال. وبعد أن استؤنفت الاتصالات بين وزير المال والرئيس السنيورة والنائب جورج عدوان، لم تطّلع قيادة الجيش على تفاصيل مشروع السلسلة. وما إن أُعلن الانتهاء منها، تبين لقيادة الجيش أن الإجحاف لحق بالعسكريين، الأمر الذي استدعى إعطاء ملاحظات حول بعض البنود، وإبلاغ خليل بذلك في اجتماع عقده مع اللجنة العسكرية المختصة، ووصفت مصادر أجواء اللقاء بـ«الإيجابية جداً».
وتتضمن الملاحظات إجحافاً يطال العسكريين (وعائلاتهم) في الخدمة الفعلية أو في التقاعد، إضافة إلى الملاحظات حول دوام العسكريين الذين يؤدون أياماً طويلة من الخدمة وكيفية احتسابها. وتواصلت لاحقاً الاتصالات مع قيادة الجيش، التي أبدت خشيتها من أن يمس إقرار السلسلة بمعنويات العسكريين، وطالبت بإعادة درس هذه الملاحظات.