لا تزال هبة الأسلحة الروسية للجيش اللبناني متوقفة على صدور قانون عن مجلس النواب يضع اتفاقية التعاون العسكري والتقني الموقعة بين البلدين، منذ شباط 2010، في حيّز التنفيذ. وفي وقت تكبّل التجاذبات السياسية الهبة، ردّت موسكوعلى طلب الجيش شراء عددٍ من الدبابات وصواريخ الكورنيت، باستعدادها لتقديم 55 دبابة «تي 72» مجاناً، إضافة إلى 28 دبابة أخرى يدفع لبنان ثمنها، وبيع الجيش صواريخ كورنيت حديثة (مداها 10 كلم). كذلك كررت روسيا استعدادها لتقديم مروحيات هجومية، وعشرات المدافع الميدانية، وأكثر من 30 ألف قذيفة، فضلاً عن تقديم عرضٍ للجيش لشراء راجمات «سميرتش» (مداها مئة كلم).ولا يحتاج صدور القانون إلا إلى إضافة عبارة من أربع كلمات على البند الأول من الاتفاقية، وهي: «تقديم مساعدة عسكرية وتقنية»، علماً بأن تيار المستقبل وفريق 14 آذار عملا على المماطلة في تصديق مجلس النواب على الاتفاقية، امتثالاً لرغبة السفير الأميركي ديفيد هايل. غير أن مصادر مواكبة قالت إن «من المقرر أن يناقش هذا الأمر في أول جلسة للمجلس النيابي الشهر المقبل، ويصوّت على الهبة بعد إضافة الكلمات الأربع».

ويصل إلى موسكو الاثنين المقبل وفد عسكري برئاسة رئيس الأركان اللواء وليد سلمان، يرافقه الضباط زياد بركات وزياد زيادة وأنطوان أنطون، وأحد أركان التجهيز وأحد ضباط القوة الجوية وضابط من اللواء اللوجيستي. وعلمت «الأخبار» أن مستشار الرئيس سعد الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان سيرافق الوفد الذي سيلتقي رئيس الأركان الروسي ورئيس مؤسسة التعاون العسكري التقني الفدرالية، ويزور شركة «روس أوبورون أكسبورت» لتصدير الأسلحة، فضلاً عن زيارة مصنعين للأسلحة.
ونقلت مصادر دبلوماسية عن الملحق العسكري اللبناني في موسكو العميد حسين خليفة قوله لشخصيات روسية إن «هناك من لا يريد داخل المؤسسة العسكرية اللبنانية تسليح الجيش بسلاح روسي».
وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق زار موسكو، الأسبوع الماضي، للبحث في التعاون العسكري، والتقى خلالها مسؤولين رفيعي المستوى من الاستخبارات الروسية، ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. وشارك المشنوق في عشاء أقامه السفير شوقي بو نصار على شرفه، ودُعي اليه السفراء العرب باستثناء السفير السوري. كذلك استثني من العشاء، لأسباب مجهولة، الملحق العسكري اللبناني، علماً بأن مدير مكتب وزير الداخلية شئيم عراجي كان قد طلب من السفير اللبناني تزويده مسبقاً بلائحة المدعوين. وفي سياق الزيارات الرسمية، عقد المشنوق لقاءً مع نظيره الروسي فلاديمير كولوكولتسيف، حضره بو نصار والضباط فارس فارس (الأمن الداخلي) والياس البيسري (الامن العام)، والياس خوري (وزارة الداخلية). كذلك التقى الأمين العام لمجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، ورئيس أجهزة الاستخبارات ألكسندر بورتنيكوف.
الهبة الروسية متوقّفة على أربع كلمات يصوّت عليها مجلس النواب!

وعقد وفد من فرع المعلومات، برئاسة العميد عماد عثمان، لقاءات مع الأمين العام لمجلس الامن القومي ومدير الاستخبارات بحضور ضباط روس مسؤولين عن مكافحة الإرهاب. واجتمع ضباط مرافقون للوزيرمع ممثلين لشركة «روس أوبورون»، ووكالة التعاون العسكري والتقني.
وعلمت «الأخبار» أن شعبان طالب الجانب الروسي وبونصار بعدم إفساح المجال للبناني محمد ن. (وهو سمسار لدى «روس أوبورون») بحضور أي من الاجتماعات! وذكرت مصادر متابعة لـ«الأخبار» أن «شعبان يذهب إلى السفارة اللبنانية في موسكو ويدّعي أن الروس كلفوه بتمثيلهم، ويعود إلى موسكو ويوهم الروس بأنه مكلف من قبل الحكومة اللبنانية». وسئل شعبان عشية زيارة المشنوق، خلال أول اجتماع للوفد الممهد للزيارة مع شركة «روس أوبورون» عن الملحق العسكري اللبناني، فأجاب بأنه «مشغول». وفي اليوم التالي، كرّر الروس السؤال عن الملحق العسكري، نظراً الى معرفته بكيفية التعاطي مع الملف، ويملك معلومات حول ملفات تسليح سابقة، فسمعوا الجواب نفسه.
محور الزيارة كان شراء معدات وأسلحة تموّلها الهبة السعودية التي يدير صرف أموالها الرئيس الحريري، والبالغة مليار دولار أميركي. وطلب المشنوق والوفد المرافق شراء «أجهزة تجسّس، وسيارات مكافحة الشغب، ومعدات عسكرية أخرى». في المقابل، طلب الروس من الوفد اللبناني عرض طلباته على الطاولة، واستمهال الرد عبر الملحق العسكري اللبناني! مع العلم بأن قوى الأمن لا يحق لها إبرام اتفاقيات شراء أسلحة من دون توقيع وزارة الدفاع ومنحها شهادة المستفيد النهائي، لكي يصبح السلاح المقتنى سلاحاً «أميرياً». ومن دون هذا الإجراء، لا يمكن الحصول على تراخيص لنقل السلاح عبر الأجواء التركية، علماً بأن هذه الطلبات هي طلبات شراء، ومن بينها أجهزة معينة لفرع المعلومات.
من جهة أخرى، وبعد اللقاء الذي عقده الوفد اللبناني مع بوغدانوف، لم يدل الأخير بأي تصريح، لا سلباً ولا إيجاباً، بشأن الانتخابات الرئاسية في لبنان. ودعا الى عدم إساءة استغلال القرار 2170، فـ«هذا القرار ومحاربة الإرهاب ليسا من اختراع الولايات المتحدة، والروس طالبوا بهذا الأمر منذ زمن». وأوحى بوغدانوف للمشنوق بأن «محاربة الإرهاب في لبنان تستدعي التنسيق مع سوريا وإيران».
(الأخبار)