«ما عاد في قلب يتحمل... اللي عم يصير فينا الله لا يفرجيه لحدا». تصرخ وداد الحاج حسن والدة الجندي علي الحاج حسن المخطوف منذ أكثر من شهر تقريباً في عرسال. تهاجم الوالدة تارة زوجها وابنها وأقاربها، طالبة منهم التحرك والنزول إلى الشارع كل يوم، وتارة أخرى الدولة «اللي ما عندها إلا المماطلة، ونحنا عم نموت مية موتة باليوم مع كل خبر تهديد بذبح أولادنا، ما عم يحس فينا حدا».
لوعة الوالدة يدركها الجميع، بعدما مضى أكثر من شهر على احتجاز ابنها الذي التحق بالمؤسسة العسكرية منذ سنتين ونصف سنة. فطيلة 28 يوماً من اختطاف الحاج حسن، لم تتمكن من معرفة مصيره، إذ لم يظهر في أية صورة أو مقطع فيديو عرض خلال الفترة السابقة، إلى أن عرض مقطع فيديو قصير، (30 آب) بدا فيه الحاج حسن مربكاً، وطالب أهله وخصوصاً أخاه الشيخ محمد الحاج حسن (رئيس التيار الشيعي الحر) بالنزول إلى الشارع ومطالبة الدولة بالإفراج عن موقوفي سجن روميه، وإلا «فالدولة الإسلامية رح يدبحونا وخلال مهلة ثلاثة أيام». لا تحسد الوالدة على ما تمر به، بعد عرض الفيديو والمعلومات عن فشل مبادلة المخطوفين بموقوفي سجن روميه، وانتهاء مهلة الأيام الثلاثة والتهديدات بذبح عسكري جديد ما لم تستجب الدولة لمطلب «داعش».
نزلت الوالدة والعائلة إلى الشارع وقطعوا طريق بعلبك الدولية مرات عدة، إلا أن الحكومة لم تستمع إلى مطلبهم «شو بدي إعمل. ما حدا عم يرد علينا لأننا معترين، ومش سائلين على أولادنا»، داعية الحكومة الى الإسراع في تلبية طلب الخاطفين، «حتى يرجع ابني والمخطوفين كلهم».
في منزلها المتواضع في بلدة شمسطار تقطن عائلة الحاج حسن، «هيدي خطيبته لعلي»، تشير إلى حوراء الحاج حسن، التي تقول بصوت متقطع «بدنا يتركولنا علي خليه يرجعلنا بخير وسلامة». في ركن آخر من المنزل يجلس الوالد يوسف الحاج حسن، سائق سيارة أجرة، لوّحت وجهه الشمس. يتكلم بحرقة: «إبني ما كان عم يخالف الدين ولا الأخلاق والمبادئ حتى ينخطف.. هوي ابن دولة ومؤسسة أمنية، وكان بمهمة للدفاع عن الوطن وأبناء هالوطن، ومنهم أهل عرسال». يشدد الرجل على أن الدولة مسؤولة عن «اللي عم يصير فينا، وما بدي شي منهم إلا يرجعولي ابني سالم معافى». وناشد رئيس الحكومة تمام سلام «إعادة التنسيق مع هيئة العلماء المسلمين للعودة إلى التفاوض ومتابعة ملف إطلاق العسكريين من جيش ودرك، حتى يكملوا مسعاهم الإنساني ومبادرتهم من أجل أولادنا وإعادتهم لأهلهم وعائلاتهم، وأنتو وعدتونا من البداية، وانتو مشايخ وبتعرفوا الآية الكريمة: أوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا».