يعتصر قلب الحاج قاسم علي، المثخن بثلاث عمليات جراحية، ألماً ووجعاً وخوفاً على ولده علي، العريف في اللواء الثامن في الجيش، والمخطوف منذ ما يقارب شهراً في عرسال. أبناء الحاج قاسم الستة لا يفارق أحدهم على الدوام والدهم الستيني المريض بالقلب. منذ اختطاف علي، والوالد لا يتوقف عن البحث والتفتيش عن خبر يكشف له مصير «حبيب قلبي اللي ما كفى بعد السبع والعشرين سنة».
يصول ويجول مع لجنة أهالي العسكريين المخطوفين في كل لقاءاتهم مع المسؤولين، والهمّ الذي يحمله يختصره «بمعرفة خبر يكشف لي مصير ابني وماهية الأسباب التي حالت دون عرضه في مقاطع الفيديو التي عرضت وظهر فيها زملاء له». بغضب يروي الرجل أنه بعد ثلاثة أيام على اختطاف علي، تلقينا اتصالاً من «بيت حماه» في سوريا، أشاروا فيه إلى أن إحدى وسائل الإعلام عرضت مشهداً لستة عسكريين مخطوفين لدى المسلحين، وبدا فيها علي، «وبالطبع الصورة تبيّن أنها صحيحة وباتت في حوزتنا، وسؤالنا لرئيس الحكومة ووزير الداخلية وهيئة علماء المسلمين: لماذا لم يعرض منذ ذلك الحين رغم مقاطع الفيديو والصور التي وزعت ونشرت؟ نريد عرض صورة لابننا حتى نطمئن عليه، متل ما الكل شافو ولادهم، نحنا كمان بدنا نشوف ابننا، ما بدي موت بحسرتو».
علي ابن بلدة الخريبة، الذي يقطن مع زوجته وابنه حمزة (3 سنوات) مع أهله في طليا محلة النقطة الرابعة، لا يزال يسعى من خلال القروض المالية لإكمال بناء منزله بالقرب من أهله. الوالدة سميرة كنعان بدت أكثر هدوءاً، حملت صورة ابنها، وطالبت أهل عرسال وهيئة علماء المسلمين، «وكل ذي رحمة وأخلاق، ويعتنق الدين الإسلامي، بالعمل على إطلاق هالولاد جميعهم دون استثناء، لأنهم فقرا وراكضين ورا لقمة عيشهم». تقول إنها وزوجها سارعا مع أبنائهما، بعد الاتصال الأخير الذي وردهم عصر يوم السبت المشؤوم من ابنها علي، إلى التوجه نحو عرسال، وقد حال الجيش في اللحظات الأخيرة دون دخولهم، «حرقة قلبنا خلتنا نطلع ع عرسال لنطمن ع إبننا، ووصلت الأمور فينا للتفتيش في الجثث عن إبننا، وبين الجرحى الموجودين في المستشفيات».