إسرائيل، وللأسف الشديد، لم تنتصر. لم نستوعب دروس حرب لبنان الثانية، والكثير من الأخطاء كررت نفسها. هذا ما خلصت إليه صحيفة «معاريف»، في مقال تحليلي نشرته أمس تحت عنوان «لماذا لم ننتصر؟». وأشارت الصحيفة في معرض عرضها لأسباب عدم الانتصار الى أن الجيش عانى من «استخبارات معطوبة» في مقابل رغبة العدو في المواجهة واندفاعه إليها و«استراتيجية أنفاق لم تكن معروفة لاستخباراتنا الفاخرة، أو الفاخرة زيادة عن اللزوم».
وأضافت «معاريف» إن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب، موشيه يعلون، اللذين عرفا بتهديداتهما اللفظية أمام الكاميرات، كانا مترددين يبحثان عن تسويات وعن حلول وسط، علماً بأن الحذر هو أبو الهزيمة نفسها. وتساءلت الصحيفة: «ما العمل في حال عدم نجاح الاقتراح المصري في تقليص قدرة الفصائل الفلسطينية إلى الحجم المرغوب فيه، وما هو سيناريو نتنياهو إذا فشلت الاتصالات» في القاهرة؟
وكتب مناحم بن في موقع «واللاه» الإخباري، مقالة تهكمية ضد صناع القرار في تل أبيب، وما سماه وكلاء الحكومة من الإعلاميين والكتاب، الذين سارعوا إلى الإعلان عن الانتصار في غزة، مشيراً إلى أن نتيجة الحرب لا تمثل في الواقع سوى «هزيمة مدوية».
وأشار بن إلى أن «جيشنا انسحب من قطاع غزة ذليلاً، ومن دون أن يحقق الأهداف التي حددتها الحكومة، وعلى رأسها القضاء على قدرات حماس العسكرية، وسمح لها بالاحتفاظ بقوتها، ما يعني أن الجولة المقبلة ليست إلا مسألة وقت لا أكثر».
وأوضح بن أن الجيش لم يعد قادراً على مواصلة الحرب، وهو خائف من سقوط قتلى في صفوفه ومن إمكان أن ينجح الفلسطينيون في اختطاف جندي، ومن هنا أقول لرئيس الحكومة: «أستحلفك بالله أن لا تطلق على نتيجة هذه الحرب انتصاراً، لأنها هزيمة، وهي هزيمة ستتسبب بهجرة المستوطنين، وليس من مستوطنات غلاف قطاع غزة وحسب، بل وأيضاً من المدن الجنوبية الكبرى، عسقلان وبئر السبع وأسدود».
من جهته، كتب غدعون ليفي في صحيفة «هآرتس»، هازئاً من «فرقة الإنشاد التي تزوّر النصر الإسرائيلي في غزة»، والتي تزوّر هزيمة «حماس» مقابل تزوير نصر إسرائيل. وأضاف: «قد زورت قبل ذلك وحدة الشعب وثباته الصلب، وزورت بطولة الجيش وأخلاقيته. وهي تزوّر كل رشقات الانتقاد من العالم باعتبارها معادية للسامية. هكذا هي فرقة الإنشاد الوطنية، إنها فرقة التزوير».
وسأل ليفي «مزوري الانتصار» عن طمس طلب «حماس» خروج الجيش الإسرائيلي من القطاع كشرط للهدنة، وهو الشرط الذي امتثلت إسرائيل أمامه. وماذا عن تجاهل حقيقة أن تل أبيب أصبحت فجأة مستعدة، وبعد الحرب، للتباحث مع ممثلي حكومة الوحدة الفلسطينية؟ أليس في ذلك إنجاز لـ«حماس»؟
صحيفة «يديعوت أحرونوت» ركزت في مقالها الافتتاحي حول استطلاع للرأي نشر في أعقاب الإعلان عن الهدنة المؤقتة، كان قد أظهر أن 21 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون بأن الجيش الإسرائيلي هو المنتصر، بينما يعتقد 28 في المئة منهم بأن الفصائل الفلسطينية هي المنتصرة، «أما نسبة الـ 45 في المئة من الإسرائيليين، فترى أن نتيجة وسطية، بين بين، وهو تعبير آخر الاكتئاب الذي تفشى في أوساطنا وعن إضاعة الفرصة».
وأشارت الصحيفة إلى أن الاستطلاع ونتنائجه جاءا بعدما دخلت التهدئة حيز التنفيذ، وتبين للإسرائيليين أن جيشهم لم يكن هو نفسه، «لقد كان الجيش نوعاً من فريق تسخين، أما الفعل الأساسي فيأتي من بعده، وتحديداً في القاهرة، وربما أيضاً في غيرها»، وبحسب الصحيفة، يأتي كل ذلك بعدما «أمل70 في المئة من الإسرائيليين، كما تظهر استطلاعات الرأي، بأن نحتل غزة ونقضي على «حماس» وعلى الإرهاب وأن ننتصر إلى الأبد، وأن تكون هذه هي نهاية كل العرب».
وكانت افتتاحية صحيفة «هآرتس» قد تطلعت إلى مرحلة ما بعد العدوان على قطاع غزة، وتحت عنوان «العودة إلى المفاوضات»، دعت الصحيفة نتنياهو إلى المبادرة ومجاراة الانقلاب الملموس في نظرة الجمهور الإسرائيلي لرئيس السلطة محمود عباس، بعدما عبرت الأغلبية عن تأييدها له في آخر استطلاعات الرأي، مشيرةً إلى أن 53 في المئة من الإسرائيليين يريدون بعد أن ينتهي القتال تدعيم مكانة عباس واسئتناف المفاوضات مع السلطة.
وأكدت الصحيفة ضرورة أن يتخذ نتنياهو قراراً شجاعاً حول المفاوضات، رغم الائتلاف اليميني الرافض للسلام، أمثال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير الاقتصاد نفتالي بينت، إذ «يجب على رئيس الحكومة أن يستغل الفرصة لأنه ثبت خلال الشهر الأخير أن مستقبل إسرائيل يعتبر أكثر أهمية من الحسابات الائتلافية والبقاء السياسي، وهذا هو الوقت لتدعيم عباس ومنح قيادته وزناً مناسباً كي يتمكن من التأثير على «حماس»، لأنه الشخص الذي يمكن لإسرائيل أن تتفاوض معه على اتفاق سياسي».