هاجمت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قرار الحكومة الإسرائيلية بسحب الوحدات العسكرية من أراضي القطاع، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة، بنيامين «نتنياهو، اختار الانسحاب من دون تسوية ومن دون حسم». وبحسب الصحيفة، فإن نتيجة هذا القرار ستكون وخيمة، وهي «استمرار ألم إسرائيل وحرب استنزاف بلا أي أفق وبلا أي مدة». وكتب شمعون شيفر في الصحيفة، تحت عنوان «انسحاب إلى المجهول»، مهاجماً نتنياهو وقراره، لافتاً إلى أن التأييد الجماهيري لرئيس الحكومة كـ«شخص حكيم ويعمل على تقدير الأمور» لا يطول كثيراً، إذ تبين أنه شخص ضعيف يختار أهداف الجيش بحسب تصورات يصعب فهمها حتى لدى مرديده. وأضاف: «إذا كانت حركتا حماس والجهاد الإسلامي تسعيان إلى رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر الحدودية للغزيين، فإن نتنياهو في مقابل ذلك يبني برجاً ورقياً من أهداف تتهاوى أمام أعيننا».
وأشار شيفر إلى أن نتنياهو أورثنا خيبة أمل يصاحبها غضب بسبب الثمن الذي دفعناه في 28 يوماً من القتال ومن دون التوصل إلى حسم وبلا شيء يمكن الافتخار به، إلا أن نتنياهو «يعزي نفسه بجملة تُنسب إلى هنري كيسنجر بأن الحكومات تفعل الشيء الصحيح، إذا لم يكن لديها إمكانات لفعل شيء صحيح آخر». من جهتها، أكدت صحيفة «هآرتس» في مقالتها الافتتاحية أمس، خطأ قرار الوزاري المصغر بالتغيب عن المحادثات الجارية مع الوفد الفلسطيني في مصر، وتساءلت عن الحكمة في اتخاذ قرار التغيب «الذي سيصيب إسرائيل كسهم مرتد لاحقاً». وبحسب الصحيفة، لا يمكن إسرائيل أن تتجاهل أي اتفاق يجري التوصل إليه في القاهرة، بين مصر والوفد الفلسطيني، وبحضور الوفد الأميركي، إذ «لا يمكنها أن تتذرع بأنها غير مشاركة في التفاهمات وأن نتائجها لا تلزمها».
وحذرت «هآرتس» القيادة السياسية في تل أبيب بأن نجاح مفاوضات القاهرة والتوصل إلى تفاهمات، من شأنه أن يرسم الواقع الجديد الذي يتعين على إسرائيل أن تواجهه في السنوات القريبة المقبلة، و«عليه من الخطأ الامتناع عن المشاركة في المباحثات، وخاصة أنها تعنى بمسائل حيوية لأمن إسرائيل».
بن كسبيت، في «معاريف»، أكد من جهته ما سماه «هراء القرارات»، وكتب يشير إلى أنه لا يمكن فهم شيء من قرارات وقف العمليات البرية. وعبّر عن أمله ألّا تكون الوجهة لدى إسرائيل هي إلحاق الهزيمة بالفصائل الفلسطينية في قطاع غزة من خلال إزعاجها حتى الموت.
وأشار الكاتب إلى أن «نتنياهو يريد حركة حماس مردوعة ومستضعفة، لكن هل هي كذلك؟ قام رئيس الحكومة بإضعاف حماس وردعها إلى حد أنها من شدة إضعافها فإن جنوب إسرائيل ينهار والناس يخافون العودة إلى منازلهم والأعمال التجارية تنهار والإحساس بالأمن مفقود».
وحول نهاية المواجهة العسكرية، أشارت «معاريف» إلى أن «سيناريو أحلام نتنياهو هو أن يتوصل المصريون إلى تفاهم مع الوفد الفسطيني، فرئيس الحكومة يرى أن الخلاص يأتي من القاهرة». و«إذا تقرر أخيراً وقف لإطلاق النار، فالسلطة الفلسطينية ستدخل إلى غزة وتسيطر على معبر رفح، على أمل أن تنتشر في القطاع لاحقاً». ومن هنا، تضيف الصحيفة، «سينشأ التحالف الشهير مع مصر وإسرائيل، وأيضاً مع السلطة الفلسطينية والأردن والسعودية والخليجيات، ويأتي الخلاص إلى صهيون. لكن الحقيقة أن ذلك يذكرنا بخيالات الشرق الأوسط الجديد (للرئيس الإسرائيلي شمعون) بيريز».
وكان لافتاً أمس، مقالة للرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، اللواء في الاحتياط غيورا ايلاند، عبّر فيها عن عنصريته وتحريضه ودعوته إلى مزيد من عمليات القتل بحق سكان غزة، وبلا تمييز. كتب ايلاند، في «يديعوت أحرونوت»، يحمّل الفلسطينيين مسؤولية المجازر الإسرائيلية بحقهم. وتحت عنوان «الحرب كما في الحرب»، أشار إلى أن «سكان غزة مذنبون في ما يحصل لهم، تماماً كما كان حال الألمان في الحرب العالمية الثانية، لأنهم هم الذين انتخبوا الزعيم النازي أدولف هتلر وجعلوه حاكماً لهم، ونتيجة لفعلتهم هذه، وعن عدل، دفعوا ثمناً باهظاً». وأضاف ايلاند أن «حركة حماس ليست تنظيماً إرهابيا جاء من مكان بعيد واحتلّ قطاع غزة بالقوة، بل هو الممثل الحقيقي للسكان هناك، وسيطر على الحكم في غزة جراء خوضه لانتخابات ديموقراطية، بل إن هذا التنظيم بنى قدراته العسكرية المثيرة للإعجاب بدعم من السكان».
ولم يكتف الضابط الإسرائيلي بالتحريض وتبرير مجازر إسرائيل بحق سكان غزة، بل ادعى أن الجيش الإسرائيلي يحارب في هذه المواجهة حماس حصراً، وفي نفس الوقت يعمل على تزويد القطاع بالمواد الغذائية والوقود والكهرباء و«هذا أمر خاطئ»، إذ يجب أن تخاض هذه الحرب ضد دولة غزة، لا ضد حركة حماس. وأضاف: «الحرب هي الحرب، وما إن تبدأ، يجب فعل الصواب فيها، وهو إغلاق المعابر ومنع إدخال البضائع، بما في ذلك الطعام، وطبعاً ينبغي منع إدخال الوقود والكهرباء، إذ ليس هناك منظمة إرهابية في غزة تنشط وسط سكان مدنيين أبرياء».