أن يقول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو «إنّ حماس عدو الشعب في غزة»، أو أن يحمّل فصائل المقاومة مسؤولية إراقة الدم الفلسطيني، فذاك بجاحة تتوافق مع منطقَ الاحتلال، لكن الصدمة أن نكتشف وجود كتاب ومثقفين مصريين يتبنون الخطاب ذاته.
مع بدء صراع النظام في مصر ضد جماعة الإخوان في منتصف العام الماضي، تتطلب الأمر من أنصار الجنرال عبد الفتاح السيسي خططاً منظمة للهجوم على الجماعة وما يرتبط بها من تنظيمات أبرزها «حماس» حتى بلغ الأمر ذروته مع العدوان الحالي على غزة.
«اتّحاد كتاب مصر» ممثلاً في رئيسه، محمد سلماوي الذي يشغل منصب الأمين العام لـ «الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب»، لم ير المجازر الصهيونية تجاه الأطفال والنساء، فكشف عما أسماه بـ «وهم إعادة الإخوان للسلطة»، وكتب على تويتر: «هل يتصور بعضهم أنهم يستطيعون إعادة الإخوان إلى مصر عن طريق «داعش» من العراق أو «حماس» من غزة، أو غيرهم من ليبيا؟ واهمون»! أما الشاعر سيد حجاب المعروف بمواقفه المناصرة للمقاومة، فساوى على شاشة «العربية» بين إسرائيل والمقاومة، مشيراً إلى الأخيرة بـ «أمرها ليس في يدها».
الإعلاميون لم يفوتوا الفرصة للهجوم على «العدو» المصطنع في خطاباتهم طوال الأشهر الـ 14 الماضية إلى أن وصفوا رجال المقاومة بـ «السماسرة». وعلق الإعلامي أسامة منير على مطلب فتح المعبر بـ «تولع حماس بجاز وسخ». السياسيون بدورهم وقفوا في صف النظام في معركته ضد الإخوان. رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشاري لـ «حزب التجمع» ـ أقدم الأحزاب اليسارية ـ اتهم «حماس» بتهريب عناصر «داعش» إلى مصر لمحاربة الجيش، فيما كشف العدوان على غزة زيف الشعارات التي رفعها بعض شباب «30 يونيو». هكذا، شنّ المتحدثان باسم «تمرد» محمد نبوي ومها أبو بكر هجوماً على «حماس» التي «تمثل جناح الخيانة»، وحاولت إسراء عبد الفتاح إحدى مؤسسات حركة «6 أبريل» أن تبدو «حيادية»، فاتهمت كل الأطراف بالعمل ضد القطاع واصفةً الفصائل بـ«جماعات المساومة»! من جهته، حمّل صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة «القاهرة» مسؤولية الفتور و«العتب» بين مصر كشعب ونظام من جهة، والجانب الحمساوي من جهة أخرى على الإعلام الفلسطيني لتبنيه خطاباً عدائياً تجاه مصر على حد قوله. وأضاف لـ «الأخبار»: «بالنسبة إلى الجانب الرسمي في القاهرة، فكل ما يعنيه هو الأمن القومي، ما جعل النظام مستعداً لمعالجة قضية معبر رفح مع «منظمة التحرير» فقط، وليس مع أي فصيل آخر، بخاصة أن القوى الرئيسية في غزة تحاول أن تقوي النفوذ القطري والتركي، وهو أمر مرفوض من جانبنا، فإما التراجع أو «فربنا يسهلهم مع الدوحة وأنقرة»» على حد زعمه!
ورغم قوله «لا أقلل من المقاومة»، إلا أنّ المفكر والباحث الاجتماعي السيد ياسين شكك في وجود استراتيجية لدى الفصائل الفلسطينية في معاركها مع إسرائيل، إذ تبدو أعمال المقاومة «رد فعل» يدفع الشعب ثمنه. وقال لـ «الأخبار»، إنّ «مصر تحملت مسؤوليتها التاريخية وقدمت مبادرة واضحة الأهداف قبلت بها السلطة ورفضتها «حماس». وكل طرف يتحمل مسؤوليته أمام الله والتاريخ»، مردداً مقولة السيسي ذاتها «ما حدش يزايد علينا»!