بغداد | على رغم استمرار تمسّك «الاتحاد الوطني الكردستاني» بمرشّحه للرئاسة، الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح، إلّا أن «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بدأ يشيع أجواء عن اتفاق قريب جدّاً مع «الوطني» على مرشّح واحد، وهو ما يمثّل تطوّراً كبيراً، من شأنه، إذا ما تَحقّق، أن يفتح كوّة في جدار الأزمة السياسية، إذ يعني ذلك أنه سيكون بالإمكان، نظرياً، عقْد جلسة لمجلس النواب بنصاب مكتمل، على طريق البدء بإعادة بناء السلطة، والذي تأخَّر لسنة كاملة تقريباً، أو على الأقلّ مضاعفة الضغوط على «التيار الصدري»، الذي دفَعه نفْض الحليفَين السُّنّي والكردي أيديهما من «إنقاذ وطن»، إلى البحث عن حلفاء في صفوف «القوى التشرينية» عشيّة ذكرى الحراك
منذ الانتخابات النيابة الأخيرة في العراق، مثّل الخلاف بين «الحزب الديموقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، وتحديداً لناحية رفْض الأوّل إعادة ترشيح الرئيس برهم صالح المنتمي إلى الثاني، عقبة أساسية أمام إطلاق العملية السياسية على مستوى العراق كلّه، ولا سيما أن انتخاب الرئيس هو، دستورياً، الإجراء المطلوب حالياً، والذي من دونه لا يمكن تشكيل حكومة، باعتبار أن رئيس الجمهورية هو مَن يكلّف شخصاً تختاره الكتلة الكبرى في مجلس النواب للقيام بهذه المهمّة. ويتحدّث الحزبان الكرديان، راهناً، عن رغبة في التفاهم، لكنّ «الديموقراطي» الذي يؤكد أنه يَجري وضع اللمسات الأخيرة على اتّفاق صار شبه ناجز بين الحزبَين على مرشّح واحد، يقول إنه بقي اختيار الاسم للذهاب به إلى بغداد، فيما يؤكد «الوطني» أن هذا المرشّح يجب أن يكون صالح لا غيره. فهل فعلاً ثمّة اتفاق قريب، أم أن كلّاً منهما لا يزال على موقفه ويغلّفه بالكلام عن التفاهم؟
القيادي في «الديموقراطي»، علي الفيلي، يؤكد في حديث إلى «الأخبار»، «أننا أصبحنا بعد اللقاءات والمحادثات المستمرّة بين الحزب والاتحاد، أقرب من أيّ وقت مضى إلى الاتفاق، ويمكن القول إن 90% من هذا الاتفاق أُنجز، وبقيت فقط اللمسات الأخيرة واختيار مرشّح توافقي للذهاب به إلى بغداد، إذا عُقدت جلسة مجلس النواب». وفي المقابل، يقول القيادي في «الوطني»، محمود خوشناو، إن «الاتحاد بالتأكيد يراهن على التفاهم الكردي - الكردي، ويرى أنه كلّما كانت العلاقة طيّبة وودّية، ستكون هناك نتائج إيجابية، لكن كلّ هذا لا يتحقّق من دون التوازن السياسي»، جازماً، في حديث إلى «الأخبار»، «(أنّنا) مع مرشّح واحد لإقليم كردستان، وهذا المرشّح بنظر الاتحاد يجب أن يكون الرئيس برهم صالح. نحن نعتقد أن خلاف ذلك سيضرب التوازنات السياسية، ويؤثّر على الملفّات الأخرى ذات العلاقة، كالانتخابات، وإدارة الحُكم، والمال والطاقة، والعلاقة مع بغداد». ويلفت خوشناو إلى أن «الاتحاد يرى منذ اللحظة الأولى، أن كلّ تفاهم وتوافق، فيهما مصلحة عليا للدولة العراقية، سواءً كان بين الثنائية الكردية أو السنّية أو الشيعية، وحتى بين الحركات الناشئة والنوّاب المستقلين»، مضيفاً أنه «بهذه الطريقة، نستطيع أن نستكمل الاستحقاقات الدستورية، ونستفيد من الوفرة المالية، بتنظيم العلاقة بين المؤسّسات ذات العلاقة. وبخلاف ذلك، سيكون هناك تناحر وتشظٍّ، وهذان لا ينفعان الدولة العراقية».
يبدو أن «التيار الصدري» فشل إلى الآن في اجتذاب قوى «حراك تشرين» إلى صفّه


ويأتي الحديث عن التقارب الكردي - الكردي، على خلفية تَغيّر في الاصطفافات السياسية أبعدَ كلّاً من «الديموقراطي الكردستاني» و«تحالف السيادة» برئاسة رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، عن «التيار الصدري» الذي صار تحت ضغط أكبر للقبول بالتفاوض مع «الإطار التنسيقي» على تشكيل الحكومة الجديدة. والظاهر أيضاً أن «الصدري» فشل في اجتذاب قوى «حراك تشرين» الممثَّلة في مجلس النواب إلى صفّه، وذلك من بوّابة التظاهرات المقرَّر أن تُنظَّم في ذكرى الحراك في الأوّل من تشرين الأول المقبل. ويقول القيادي في «حركة امتداد»، مسعد الراجحي، في هذا الإطار، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «العراقيين هم أسياد الميدان الأساسيون، وهم وَحدهم مَن يقرّرون مصيرهم العام»، مؤكداً أن «تحالف من أجل الشعب، بقطبَيه، حركة امتداد والجيل الجديد، يتمسّك بأنظمته الداخلية وميثاق عمله السياسي بعدم التحالف مع أيّ حزب أو كتلة أو تيّار مارس سياسة المحاصصة وتقسيم المغانم وكان سبباً في قتل المتظاهرين السلميين العراقيين، وأساء إدارة البلاد، وأهدر المال العام»، مضيفاً أن «هذا التحالف أعلن وبشكل رسمي وصريح، أنه ينتهج أسلوب المعارضة السياسية البنّاءة ولا يشترك في أيّ حكومة». ويرى الراجحي «أن حركة امتداد والجيل الجديد يمثّلان أيقونة الأحزاب الوطنية العابرة للطائفية والقومية والعرقية البغيضة»، معتبراً أنه «بما أن أغلب الأحزاب التقليدية الفاسدة الممسِكة بالسلطة والمهيمنة على مقدّرات الدولة، تخشى من تماسك ونجاح الحركات الناشئة، فإنها تعمد، عبر عدد من الأجندات والذباب الإلكتروني، إلى إشاعة أخبار مزيّفة ومضلِّلة، كمحاولة منها لصرف أنظار العراقيين عن واقع الفساد والتقصير».
أمّا القيادي في «التيار الصدري»، عصام حسين، فيؤكد، لـ«الأخبار»، أنه «لا يوجد تحالف بين التيار وتشرين، وإنّما تظاهرات ستنطلق في الأوّل من تشرين الأول المقبل، يشترك فيها كلّ الشعب العراقي. في النهاية كلّنا عراقيون، وأيّ عراقي سواءً كان من التيار الصدري أو تشرينياً أو غيره، فمن حقّه أن يخرج ويتظاهر». ويَعتبر حسين أن «الإطار التنسيقي وصل إلى قناعة بأنه غير قادر على تشكيل الحكومة من دون أن تكون هناك موافقة وطنية على حكومته، وغالبية الأطراف ترفض تشكيل الحكومة من قِبَل الإطار نتيجة ذكرياتها السيّئة السابقة»، مبيّناً أنه «قبل شهر من الآن قتلوا 50 مواطناً عراقياً (...) جاءت أوامر شخصية من قيادات داخل الإطار لميليشياتهم بقتل المتظاهرين»، وهو ما أقلق «كلّ الكتل السياسية، ومن ضمنها تشرين التي بدأت مخاوفها تكبر»، متابعاً أن «كثيراً من الشباب خائفون من وصول الإطار إلى سدّة الحكم، وقيامه باعتقالات وقتل تعسّفي مثلما حدث في الديوانية، لدى اعتقال شيخ كبير في السنّ بتهمة الانتماء إلى البعث».