لطالما كانت سياسة فرنسا في «المساعدات» متمايزة في الكمّ والنوع والكيف. في الكمّ، كانت باريس من أكبر المنفقين بعد واشنطن، وفي أحيان كثيرة كانت ميزانياتها تتقارب مع الميزانيات الأميركية، رغم اقتصادها المتقزم كإمبراطورية سابقة تخشى الانزلاق نحو الاعتماد على نفسها للنمو. في النوع، تميّزت المساعدات الفرنسية بتضخم قطاع المساعدات التقنية ففاقت ميزانياتها لعقود حتى الميزانية الأميركية، وهذه المساعدات هي باب دوّار لإعادة الأموال الى المتروبول، ويغلب عليها الطابع الثقافي كون الفرنسيين معنيين بالتماهي الاستعماري والهيمنة الثقافية إلى هذا اليوم، إضافة الى المساعدات العسكرية التي تقرض الدول مالاً بفوائد تنفقه الدول المقترضة في خدمة مصالح فرنسا الأمنية والعسكرية وفتح أسواق للصناعات العسكرية الفرنسية الكاسدة. وهذا ما يسميه الفرنسيون بالمساعدات والتنمية، وهو استغلال أحادي الجانب اشترطته فرنسا على المستعمرات السابقة من خلال اتفاقيات تعاون إجبارية مقابل منحها الاستقلال. وترافق مع هذه الاتفاقيات منح فرنسا «حق النقض» في مجال التعدين، وهو أمرٌ لا يزال سارياً الى يومنا. إذ يحق لباريس الاعتراض على أي استثمار منجمي أو استخراجي في هذه الدول إن لم يعرض عليها أولاً.
أما في الكيف، فتتميز الطريقة الفرنسية بـ«الشبكة» الرئاسية المغلقة. إذ إن عدداً قليلاً من رؤساء الحكومات والنواب الفرنسيين يستطيعون توجيه سياسة المساعدات، كما أن دستور الجمهورية الخامسة يعطي الأفضلية للجناح التنفيذي ويجعل من التأثير البرلماني والحزبي استشارياً بشكل عام. المسألة هنا تتعدى الصراع الداخلي في فرنسا الى الصراع الأميركي - الفرنسي ومحاولة الأميركيين تطويعه ضمن «نظام المساعدات العالمي» من خلال إدخال لاعبين مؤثرين متنافسين إلى داخل الشبكة وتغيير مسارها.
أما في الكيف، فتتميز الطريقة الفرنسية بـ«الشبكة» الرئاسية المغلقة. إذ إن عدداً قليلاً من رؤساء الحكومات والنواب الفرنسيين يستطيعون توجيه سياسة المساعدات، كما أن دستور الجمهورية الخامسة يعطي الأفضلية للجناح التنفيذي ويجعل من التأثير البرلماني والحزبي استشارياً بشكل عام. المسألة هنا تتعدى الصراع الداخلي في فرنسا الى الصراع الأميركي - الفرنسي ومحاولة الأميركيين تطويعه ضمن «نظام المساعدات العالمي» من خلال إدخال لاعبين مؤثرين متنافسين إلى داخل الشبكة وتغيير مسارها.