وعلى الرغم من أن الصين دعت على لسان سفارتها لدى الولايات المتحدة، الجانبَين إلى التراجع فوراً عن الصفقة، على اعتبار أنها «تعرّض للخطر العلاقات الصينية - الأميركية، والسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان»، مٌذكّرةً الأميركيين بأن عليهم «احترام التزامهم بمبدأ الصين الواحدة»، اعتبرت الإدارة الأميركية أن الصفقة «تمتثل» لهذه السياسة المنصوص عليها في «قانون علاقات تايوان» لعام 1979، حاضّةً بكين على «وقْف ضغوطها العسكرية والديبلوماسية والاقتصادية ضدّ تايوان، والدخول معها في حوار هادف».
من بين المتأخّرات صواريخ «هاربون» و«ستينغر» التي تمّ إرسالها إلى أوكرانيا بدلاً من تايوان
وفي إطار الصفقة الأحدث بين الجانبين، اعتبر الباحث في جامعة سنغافورة الوطنية، درو طومسون، في مقالٍ في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن ما جرى يؤكد أن الجزيرة تريد «إمدادات أكبر من الذخائر الاحتياطية في متناول اليد قبل نشوب أيّ صراع»، لافتاً إلى أن تصريحات السفارة الصينية «تتماشى مع ردود الفعل السابقة على صفقات السلاح»، علماً أنها «قد تكون أكثر حذراً من تلك السابقة التي دعت إلى فرض عقوبات على الشركات التي تزوّد تايوان بالسلاح». ومع ذلك، يُتوقّع أن تصعّد الصين ضغوطها؛ إذ يمكن أن تلجأ إلى فرض إجراءات اقتصادية جديدة ضدّ الجزيرة، وأن تعزّز «حصارها» عليها، كذلك، وأن تزيد من وتيرة مناوراتها العسكرية في محيط مضيق تايوان.
ودفعت التدريبات العسكرية التي أجرتها الصين في محيط الجزيرة بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان الشهر الماضي، المشرّعين الأميركيين إلى التشديد على الحاجة إلى تصدير أكبر كمٍّ ممكن من السلاح إلى تايبيه، بهدف ردع الصين عن محاصرة الجزيرة، أو غزوها مباشرة. ومع ذلك، فإن بعض الصفقات التي تمّ الإعلان عنها بشكل رسمي، لا تزال حبراً على ورق. وفي هذا السياق، أفاد موقع «Defense News» بأن الكونغرس الأميركي «يتحرّك لمعالجة التراكم في إرسال السلاح إلى تايوان، فضلاً عن التأخيرات المحتملة الأخرى في مبيعات السلاح إلى اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا». ونقل الموقع عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، غريغوري ميكس (ديموقراطي)، قوله إن لجنته «تعمل على مشاريع قوانين الآن للمساعدة في الحصول على مستلزمات الدفاع بطريقة أسرع». من جهتها، أعلنت الموظفة في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، لارا كراوتش (جمهورية)، الشهر الماضي، أن «هدفنا النهائي هو تعزيز دفاعات تايوان لإحباط أهداف جيش التحرير الشعبي الصيني، وإعطاء أنفسنا خيارات في ما يتعلّق بكيفية الردّ»، وفق ما نقل عنها الموقع. وأضافت: «يجب أن يكون هناك ارتباط دائم بين سياسة الولايات المتحدة في شأن مبيعات السلاح إلى تايوان، والدرجة التي يزيد أو ينقص فيها التهديد الآتي من بكين». أيضاً، أشار الموقع إلى أن «التراكم الهائل للسلاح يوضح كيف أن عملية المبيعات العسكرية الخارجية البطيئة وغير العمليّة تقوّض جهود الولايات المتحدة لردع بكين في منطقة المحيط الهادئ»، لافتاً إلى أن أسباب البطء تعود إلى «تأخيرات الحكومة، وقضايا سلسلة التوريد ومتطلّبات الإنتاج». وأشار إلى أن «المشكلات المتعلّقة بعمليّة المبيعات العسكرية الخارجية استمرّت لسنوات، لكن مشكلات سلسلة التوريد الأخيرة المتعلّقة بالوباء داخل القاعدة الصناعية الدفاعية فاقمَت التأخيرات»، مضيفاً أن المشرّعين الأميركيين يقولون إن «الطلبات التي قدّمتها تايوان منذ سنوات لم يتمّ الوفاء بها... من بين المتأخرات صواريخ هاربون وستينغر، والتي تمّ إرسالها إلى أوكرانيا بدلاً من ذلك».