بغداد | تسعى أطراف «الإطار التنسيقي» إلى كتْم خلافاتها بشأن مرشّحيها لمنصب رئيس الوزراء وغيره من المناصب المخصَّصة للشيعة في الدولة، وأبرزها نيابة رئاسة الجمهورية. إذ يَعتقد بعضها أن ترشيح نوري المالكي الذي يطرحه «ائتلاف دولة القانون» سيكون استفزازياً للصدر، الذي دفع نواب كتلته إلى الاستقالة من البرلمان وانسحب من العملية السياسية، ولكن فقط على أمل العودة بعد إثبات فشل الطرف الآخر في التشكيل، كما يتوقّع الصدر. لكن في المقابل، لدى المالكي الطامح إلى العودة إلى المنصب، حجّة متمثّلة في أنّ ائتلافه هو الفصيل الأكبر داخل «التنسيقي» الذي صار الكتلة الكبرى في البرلمان، بعد أن استحوذت فصائله على معظم المقاعد التي أخلاها الصدريّون بالاستقالة. ويقول أحد قياديّي الائتلاف، زهير الجلبي، لـ«الأخبار»، إنّ «المرحلة الحالية تتطلّب اختيار رئيس وزراء لديه خبرة في العلاقات الخارجية والداخلية، وفي اتّخاذ القرارات بعيداً عن التأثيرات»، رافضاً فكرة مجيء رئيس وزراء مستقلّ «لأن أيّ رئيس غير مدعوم من كتلة برلمانية قوية، سيستمع إلى كلام من هنا وهناك، ويكون ضعيف الأداء لإرضاء الجميع وعدم استفزاز الآخرين، وسنعود إلى حكومة تسوية كما في عام 2018. نحن بحاجة إلى حكومة وطنية غير إقصائية، حكومة خدمات وتنمية اقتصادية لحلّ المشكلات العالقة والمتراكمة».ويقرّ «تحالف الفتح»، من جهته، بأن المالكي هو الشخصية الأقوى داخل «التنسيقي». وفي هذا الإطار، يبدي القيادي في التحالف، جبار المعموري، في تصريح إلى «الأخبار»، اعتقاده بأن «المالكي هو المرشّح الذي يستطيع التنسيقي من خلاله أن يحقّق دولة قوية، وأيضاً يستطيع أن يستفيد من خبرته الطويلة، وكذلك برامجه التي عُطّلت والتي سوف ينجزها وبقوّة»، مضيفاً أن «نسبة كبيرة من التنسيقي تجد ضالّتها في المالكي، وإن لم يكن هو الشخصية الواعدة، فهنالك أيضاً مرشّحون آخرون قد يقع عليهم الخيار ربّما قريباً جدّاً. الحلّ بعد العيد». لكن بعض فصائل «التنسيقي» تتخوّف من أن يؤدّي ترشيح المالكي إلى استفزاز الصدر الذي يملك شعبية كبيرة في العراق، ويرى في رئيس الوزراء الأسبق خصماً من النوع الذي لا يريد له دوراً في الحُكم، فكيف بأن يكون رئيساً للوزراء.
من جهته، يوضح القيادي في «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، هيثم المياحي، في حديث إلى «الأخبار»، أنه «لا يوجد مرشّح متّفق عليه لغاية هذه اللحظة، بل أسماء طُرحت واعتدْنا أن أيّ اسم يُطرح في الإعلام هو للاستهلاك الإعلامي». ويرى المياحي أن «رئيس الوزراء سوف يتمّ التوافق عليه بعد أخْذ رأي الصدر، من أجل تشكيل حكومة في أسرع وقت وبما يتماشى مع رؤية المرجعية»، مستبعداً في الوقت نفسه أن يكون الحلّ سريعاً، ومتخوّفاً من بقاء الأمور على ما هي عليه من تسويف. لكنه يؤكد أنه «إذا اتّفق الإطار على مرشّح واحد، والمكوّن الكردي حسَم مرشّح رئاسة الجمهورية، فستُشكَّل الحكومة قريباً».
بعض فصائل «التنسيقي» تتخوّف من أن يؤدّي ترشيح المالكي إلى استفزاز الصدر


أمّا بالنسبة إلى رئيس «مركز الشرق للدراسات الاستراتيجية والمعلومات» في هولندا، علي مهدي الأعرجي، فلا يزال المشهد السياسي يمتاز بضبابية عالية، فيما «لا توجد قراءة حقيقية للواقع في ظلّ هذه الانقسامات والتشظّي داخل البيت الواحد». ويلفت الأعرجي، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «الإطار حتى الآن منقسم وغير متّفق على ترشيح المالكي، إلّا أن أطرافه يدركون ضرورة إدارة خلافهم خلال المرحلة المقبلة وإلّا فسيكون مصيرهم التشظّي»، مضيفاً أن «ترشيح المالكي بحدّ ذاته ورقة يصعب تقبّلها من قِبَل التيار الصدري وزعيمه»، متوقّعاً أن يكون هناك «نِزال كبير في حال لم يتمّ التوافق والجلوس على الطاولة بين الفرقاء الشيعة والفرقاء الكرد. وإذا لم يحصل اتّفاق ما بين الصدر والمالكي، ستبقى ورقة الأخير ورقة استفزاز وتهديد تجاه التيار الصدري».