«عملية نصب» كبيرة تعرّض لها الحجاج اللبنانيون هذا العام. هكذا يصف عدد من المطّلعين على ملف الحج السياسة التي اتبعتها حملات الحج والشركات المسيّرة للرحلات مع الراغبين في أداء فريضة الحج. فقد سجّلت كلفة أداء الحج لهذا العام ارتفاعاً لافتاً، والحجّة من وجهة نظر الحملات أن هيئة شؤون الحج في بيروت أنذرت شركات الحج والحملات بالتحسّب لغلاء الخدمات، وارتفاع الأسعار في مكة، بزيادة مبلغ 800 دولار على كلّ حاج. لكن ما حصل أن مبلغ الـ 800 دولار قفز إلى الـ 4000 دولار. والأسباب التي تقدّم للحجاج مختلفة، فتارة يقال إنها لحماية المعرّفين من ارتفاع الأسعار في السعودية، وتارة ثانية إنها لتسديد بدل الخدمات الصحية أو بسبب غلاء السكن! علماً بأن هيئة إدارة الحج والعمرة هي المكلّفة نقل أموال خدمات الطوافة، وعرفة ومنى والنقل والسكن في مكة والمدينة.في السابق، وقبل أزمة كورونا، كانت الحملات تدفع ما كلفته نحو 1400 دولار لهيئة شؤون الحج، أما الأكلاف الأخرى فتحدّد حسب كلّ حملة والخدمات التي تقدّمها، من عادي إلى خمس نجوم. فتصل كلفة أفخم حملة إلى 4000 دولار أو خمسة آلاف على أبعد تقدير. أما هذه السنة فتراوحت كلفة الحج بين أربعة آلاف وسبعة آلاف دولار حسب كلّ شركة.

(هيثم الموسوي)

هذا ما لا يفهمه بعض أصحاب الحملات، إذ تبيّن أن الأسعار في السعودية تدنّت كثيراً عما قبلها من سنوات، والسبب تراجع أعداد الحجاج الذين تستقبلهم السعودية هذا العام من نحو 3 ملايين إلى مليون حاج بسبب الظروف الصحية.
«المبنى الذي كنا نحصل عليه مقابل 300 ألف ريال صارت كلفته 100 ألف، لأنه عندما لا يأتي حجاج تنخفض الأسعار». وتشير المصادر إلى أن الخدمات التي يجري الحديث عن رفع كلفتها في السعودية لا تتعدى قيمتها الـ 500 دولار «بالنظر إلى ما وجدناه في السعودية من خدمات حج هذا العام يجب أن لا تتعدى تكلفة أفخم حملة لـ 14 ليلة أكثر من 4000 دولار». في المقابل، يتحدّث آخرون عن ارتفاع في كلفة رحلات الطيران، ورفع قيمة الرسوم في السعودية.

حجج غير مقنعة
لهذه الأسباب، ألغت بعض الحملات رحلاتها لأن حجج ارتفاع الأسعار لم تكن مبرّرة. يقول أحد المعرّفين لـ«لأخبار» إن هذا المال فيه بالحد الأدنى شبهة، وعليه «تواصلت حملتنا مع الحجاج وأخبرناهم عن حلقة مبهمة ومفقودة بسبب الأسعار، وأننا أخذنا قراراً بعدم الذهاب إلى الحج وخيّرناهم بأن بإمكان من يريد أن يذهب مع حملة أخرى أو يشطب اسمه ويؤجل للسنة القادمة».
الزيادة التي حصلت في الأسعار هي من قبل شركات الحج والمملكة


من جهتها، أصدرت هيئة رعاية شؤون الحج والعمرة بياناً، نهاية الشهر الفائت، أكدت فيه أن لا علاقة لها بهذه الزيادات. وأشارت إلى أن «الزيادة التي حصلت في أسعار برنامج الحج لهذا العام هي من قبل شركات الحج اللبنانية، وذلك شأن خاص بها». وأوضحت «أن لا علاقة لهيئة رعاية شؤون الحج والعمرة أو سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت بالمتطلبات المالية أو تكاليف برنامج الحج، وأن اختصاص الهيئة تنظيمي فقط».
لكن ذلك لم يردع الشركات ولا الحملات عن المضيّ في طلب هذه المبالغ. أما الحملات التي اعتكفت عن الذهاب فأكدت أن لا منطق من ربح 1500 إلى 2000 دولار عن كل حاج، رافضة استمرار تسريب أن هيئة شؤون الحج أكدت على زودة مالية قدرها 4000 دولار عن كل شخص، لتتعدّى كلفة الحج النهائية الـ 7000 دولار، رغم إنكار الهيئة هذه الزودة.

قطّاع طرق الحج!
وبدأ تداول بيان تحت عنوان قطّاع طرق الحج. وصف ما يجري بـ«عملية نصب موصوفة أبطالها قطّاع طرق»، لافتاً إلى أن عدداً من الراغبين في الحج «اضطروا إلى الاستدانة وبذل ماء الوجه، وآخرين لبيع حليّهم الذهبية ومدّخراتهم البسيطة، لإكمال ما نقصهم لما طلبته تلك الشركات والحملات من مبالغ غير مفهومة أو مبررة». وطالب البيان بتحرّك المعنيين بهذا الملف رسمياً «استدراكاً لهذا الخلل الفادح، لعل عدداً من العاجزين عن السفر بسبب الكلفة، مع كونهم موافقاً عليهم، يمكن إلحاقهم بوفد الحجيج لهذا العام، وإرجاع الأموال لأصحابها والتراجع عن هذه الجريمة؟».
يذكر أن لبنان لم يحقق الكوتا المخصصة له من قبل السعودية وهي تقارب الـ 3500 لهذا العام، أولاً بسبب الوضع الاقتصادي وثانياً بسبب تراجع بعض الحجاج عن الذهاب نتيجة الارتفاع الكبير في التكاليف، ويجري الحديث عن 2000 حاج فقط سيؤدون الفريضة هذا العام من لبنان، من بينهم 695 فلسطينياً.