وبالتوازي مع تلك التطورات، كشفت المصادر عن اتصالات أجرتها حركة «حماس» مع الوسيط المصري، أكدت خلالها رفضها عمليات الاغتيال في مخيم جنين، محذرة من أن «تكرار مثل هذه الجرائم كفيل بتفجير الأوضاع في جميع الساحات الفلسطينية». في المقابل، لم يفوّت رئيس وزراء الاحتلال، نفتالي بينيت، الفرصة لتكرار تصريحاته السابقة عن أن حكومته غيّرت سياستها في التعامل مع غزة ما حقّق «هدوءاً لا مثيل له منذ سنوات»، بحسبه. وأشار إلى أنه «بعد تشكيل الحكومة، أوقفنا فوراً نقل حقائب الدولارات إلى حماس، وانتقلنا من سياسة احتواء إطلاق (القذائف الصاروخية) على إسرائيليين إلى صفر تسامح، وغيّرنا توجّهنا نحو سكّان القطاع، وفتحنا من أجلهم إمكانية العمل في إسرائيل»، مشدداً على أن «هدفنا هو منع تعاظم قوة حماس مجدّداً». وفي ظلّ احتدام الأزمة السياسية، ومناكفة رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، للحكومة، اعتبر بينت أنه «في الماضي كنّا نشري هدوءاً مؤقتاً وندفع الثمن بتعاظم قوة (حماس)»، مستدركاً بأن «تعاظم القوة اليوم بطيء جداً، وهو الأبطأ منذ سنوات، لأننا نغلق إمكانية إدخال وسائل قتالية عن طريق رفح، بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة». وجاء ذلك في وقت وُجّهت انتقادات حادّة إلى سياسة الحكومة تجاه قطاع غزة، بخاصة بعدما قصفت قوات الاحتلال برج مراقبة على حدود شمال القطاع، واستطاعت المقاومة ترميمه خلال ساعات قليلة. وفي هذا الإطار، رأى وزير المالية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن «هناك مِن قادة حركة حماس مَن يجلس ويحرّض ويبارك العمليات «الإرهابية» ويشعر وكأنه يتمتع بحصانة أو بوليصة تأمين».
الصاروخ الذي لم يحمل توقيعاً أو تبنّياً من أيّ من الفصائل، كان عبارة عن رسالة ميدانية إلى العدو
في غضون ذلك، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، الفصائل الفلسطينية وصنّاع القرار الرسمي إلى التركيز على أربعة متغيّرات مهمة يجب التعامل معها ومع نتائجها لبناء الرؤية الاستراتيجية الفلسطينية المستقبلية، وهي نتائج معركة «سيف القدس» التي شكّلت نقلةً نوعيةً وتحولاً استراتيجياً في إدارة الصراع مع العدو الإسرائيلي، والثاني هو الانكفاء الأميركي عن المنطقة في أكثر من ساحة، والثالث يتمثل في الحرب بين روسيا وأوكرانيا والتي لن يكون العالم بعدها كما قبلها، والرابع هو عمليات التطبيع واختراق المنطقة. وشدد هنية، خلال مؤتمر علمي دولي نظّمته جامعة الأمة في غزة بعنوان «السيادة الفلسطينية... المتغيرات الاستراتيجية والمسارات المستقبلية»، على أن الفلسطينيين بحاجة إلى ثلاثة عوامل مهمة، أولها الاتفاق على استراتيجية وطنية لتجاوز حالة الانقسام، وثانيها بناء جبهة واحدة تحمي الثوابت وترعى المقاومة وتشكّل مرجعية على طريق إعادة بناء «منظمة التحرير» والحصول على القوة، فيما العامل الثالث يتلخّص في الحاجة إلى حلفاء على أكثر من صعيد وجبهة.