بعيداً من «حفلة المزايدات» المحيطة بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، ومحاولات «التعليم» على المقاومة وصولاً إلى اتهامها بالتغاضي عن «التنازل» عن السيادة على المنطقة المتنازع عليها، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم للحديث في هذا الملف، والتأكيد على الموقف المعلن بأن المقاومة جاهزة للدفاع عن السيادة اللبنانية متى ما حدّدت الدولة اللبنانية حدودها، مع التشديد على جاهزية المقاومة متى استشعرت اعتداء على حقوق لبنان وثرواته.اللافت أمس كانت مواقف «التهدئة» الإسرائيلية التي حملت تعويلاً على استئناف المفاوضات غير المباشرة مع لبنان، وهي مواقف لم تكن لتؤخذ لولا إدراك الإسرائيليين استناد لبنان في موقفه التفاوضي إلى قوة قادرة على تشكيل تهديد لأي إنتاج من المناطق المتنازع عليها، وعلى الإضرار بكل القطاع النفطي والغازي في كيان العدو.
وعليه، فإن الجميع في انتظار عودة الوسيط الأميركي في الملف عاموس هوكشتين «المؤكدة الأحد أو الاثنين» وفق مصادر مطلعة، رغم عدم صدور أي موقف رسمي أميركي في هذا الشأن بعد. وبحسب المصادر فإن التواصل قائم بين الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، للاتفاق على مقاربة هذا الملف. وفي هذا السياق، جرى تواصل بين عون وبري صباح الثلاثاء، فيما يزور ميقاتي قصر بعبدا نهاية هذا الأسبوع للبحث في الخطوات الواجب اتخاذها.
وعلمت «الأخبار» أن هوكشتين سيسمع رداً لبنانياً موحداً على اقتراحه الذي قدمه في زيارته الأخيرة في شباط الماضي (منح لبنان الخط 23 معدلاً، مع قضم جزء من حقل قانا، قبل أن ينحني أمامه بشكل مائل باتجاه خط هوف، ويقضم قسماً من البلوك الرقم 8 لمصلحة العدو)، ومفاد الرد هو عدم قبول الطرح كما هو مع تقديم ملاحظات لبنان عليه وفق رؤية واضحة ومتفق عليها، ودعوة هوكشتين لاستئناف وساطته، مع استمرار الامتناع عن تعديل المرسوم 6433 لتوسيع حدوده البحرية وفقَ الخط 29، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام المفاوضات. علماً أن هوكشتين «يريد أن يسمع ملاحظات، وهو كان واضحاً سابقاً في إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بأن الإصرار على الخط 29 وتوقيع المرسوم يعنيان أن لبنان يقفل باب التفاوض، وعندها لا لزوم لعودته، فيما العدو مستمر في أعمال التنقيب والحفر». وفي تقدير أوساط متابعة للملف، فإن لبنان سيعود للمطالبة بكامل الخط 23، مع مساحة 80 كيلومتراً مربعاً إضافية مع جزء من حقل قانا».
وفي هذا السياق، فسّرت مصادر مطلعة على الملف أنه بمجرد تعديل المرسوم 6433، فإن ذلك يعني أن لبنان ثبّت حدوده البحرية عند الخط 29، بالتالي لا يمكنه التراجع بعدها قيد أنملة عن هذا الخط، «مشيرة إلى أن كل المزايدين في موضوع الترسيم يركّزون على أن الخط 29 هو خط تفاوضي، فكيف يستقيم اعتباره خطاً حدودياً وفي الوقت نفسه خطاً تفاوضياً بما يعني إمكان التراجع عنه. في اللحظة التي نقول فيها إن الخط 29 هو خط حدودي فإن التراجع عنه سنتيمتراً واحداً يعدّ تفريطاً بالسيادة وخيانة عظمى». وشدّدت على أن «لبنان يتفاوض من موقع قوة على عكس ما يوحي به المزايدون على الموقف الرسمي وعلى موقف المقاومة».
هوكشتين اعتبرالإصرار على الخط 29 إغلاقاً لباب التفاوض

وذكّرت بأن الوفد التقني الذي عقد اجتماعات في قصر بعبدا في الشهرين الماضيين استمع إلى ملاحظات قدمها ممثل قيادة الجيش، «ولم تصل هذه الملاحظات في أي مرة إلى القول إن الخط 29 هو خط حدودي». وذكّرت بأن رئيس الوفد اللبناني إلى المفاوضات العميد بسام ياسين أبلغ الرئيس نبيه بري لدى زيارته له برفقة وزيرة الدفاع السابقة زينة عكر في كانون الأول 2021 أن الحصول على الخط 23 «سيكون إنجازاً تاريخياً». ونبّهت مصادر إلى «قطبة مخفية» تحاول التسويق مسبقاً بأن أي اتفاق دون الخط 29 سيكون تنازلاً.
إلى ذلك، حذّرت مصادر قريبة من عين التينة إلى أن هناك «ربما من يريد توريط لبنان في مشكل قد يبعد عملية استثمار ثرواتنا النفطية لسنوات في وقت يعمل العدو على قدم وساق في الحفر والإنتاج في مناطق أخرى». وأشارت إلى أن كل «المزايدات القائمة اليوم تستند إلى احتمال ضعيف بأن يقبل العدو عدم وجود تأثير لصخرة تخيليت»، مشيرة إلى أن الأمور كانت «ماشية استناداً إلى اتفاق الإطار الذي توصّل إليه الرئيس نبيه بري قبل أن يُخلق الخط 29 من مكان ما».