اللقاء الرئاسي الذي انعقد في بعبدا، الجمعة الماضي، هدف إلى إعطاء «غطاء وطني» للنتيجة التي توصّلت إليها اللجنة التقنية المصغرة المكلفة درس اقتراح الوسيط الأميركي عموس هوكشتين، وخَلُصت إلى اعتباره «غير صالح للتطبيق وتعتريه شوائب تقنية»، فيما يؤكد متابعون أن «إشراك الجميع» في قرار الرفض، كان لمنع الاستفراد بمرجعية واحدة.وفي انتظار إبلاغ لبنان رده بشكل رسمي إلى الجانب الأميركي، فإن السؤال هو حول مستقبل وساطة هوكشتين، فيما برز إلى الواجهة «مشروع أزمة» حول الأسلوب الذي سيعتمد في صياغة قرار الرفض الذي سيُقدّم إلى الجانب الأميركي. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن المعنيين يفضلون صدور «رد متوازن» يغلق الباب على أي تفسيرات سلبية، لا سيما أن الوسيط الأميركي بات متردداً في العودة إلى بيروت طالما أن نتيجة وساطته لم تسفر عن شيء.
بعد القرار الذي لم يكن على «المزاج» الأميركي، بادرت السفارة الأميركية في بيروت إلى التواصل مع المرجعيات للوقوف على أسباب رفض الاقتراح، خصوصاً أن البيان الرئاسي تضمن اقتراحاً بالعودة إلى اتفاق الإطار، أي عملياً نسف «مسار هوكشتين» القائم على «التفاوض الجوّال»، والعودة إلى «مسار الناقورة» الذي يرفضه الإسرائيليون لأنه لم يطرأ أي تغيير على الموقف اللبناني الذي تم تثبيته على «طاولة الناقورة» بمطالبة الوفد العسكري - التقني المفاوض بالخط 29، بالتالي لا مصلحة للجانب الإسرائيلي في العودة إلى الناقورة طالما أن اللبنانيين «سلّموا» بالخط 23.
تجدر الإشارة إلى أن «تل أبيب» لا ترغب في العودة إلى طاولة الناقورة من دون «ضمانات» تتمثل بإقرار الجانب اللبناني الالتزام بالتفاوض ضمن منطقة الـ860 كلم2 حصراً، وهو ما سبق أن رفضه رئيس الجمهورية ميشال عون في آذار الماضي تحت عنوان «رفض وضع شروط مسبقة للمفاوضات غير المباشرة». فهل يمكن اعتبار الدعوة إلى إعادة العمل باتفاق الإطار مقدمة لقبول حصر التفاوض ضمن الـ860؟
مصادر الفريق المتمسك بالخط 29 وصفت نتيجة لقاء الرؤساء بأنها «مخيّبة للآمال»، لكونها لم تقترن بفعل واضح كـ«تعديل المرسوم 6433 لمنح أسبقية للجانب اللبناني تدفع بالطرف الإسرائيلي إلى العودة لطاولة المفاوضات غير المباشرة وبالطرف الأميركي إلى استئناف وساطته بشكل مفيد أكثر».
ترافق ذلك مع قرار جديد لقيادة الجيش بأخذ مسافة من الملف. إذ أكّدت مصادر قيادة الجيش أنها لن تُعيّن بديلاً عن العميد المتقاعد الطيار بسام ياسين، لافتةً إلى أن لا علاقة للمؤسسة بملف الترسيم بعد أن تم تركه في عهدة السلطة السياسية. لذلك، لا يبدو الفريق العسكري التقني المفاوض معنياً بما يجري تداوله. ولم يتبلغ الوفد بعد أي توجيهات بحصول أي تعديل في مجال التفاوض أو بالاستعداد للتوجّه مجدداً إلى الناقورة، ما يعزز الاعتقاد بتوافر رغبة لدى الفريق السياسي في إجراء تعديلات بنيوية على الوفد. غير أن دون ذلك عقبات، تتمثل بداية برفض أي تعديلات على التفاهم المبدئي الذي أسفر عن تعيين الوفد العسكري - التقني بشكله الحالي، رغم اعتراض ثنائي حزب الله - حركة أمل حينذاك على ضم شخصيات مدنية إلى الوفد. وعلم أن الثنائي يرفض أي تعديلات جديدة على طبيعة الوفد، خصوصاً أن حزب الله أبدى امتعاضه من المسار المتبع، وطالب بإيضاحات حول التراجع عن الخط 29 إلى 23.