أعضاء في الجمعية أكّدوا أن البيان جاء بعد التخبّط في الوصول إلى إجراء مشترك بين من يريد التصعيد بإعلان الإقفال، وهو توجّه يقوده رئيس الجمعية سليم صفير ومعه بضعة مصارف من بينها «فرنسبنك»، وبين من يرفض ذلك بحجّة أنه لم يتضرر حتى اليوم من الإجراءات القانونية. وبسبب عدم الوصول إلى قرار موحّد، احتفظت الجمعية بـ«العزم»، وإن كان الجميع يعلم أن الجمعية العمومية لن تعقد اجتماعاً واحداً لمناقشة ما حصل مع «فرنسبنك». وهذا ما أثار حفيظة إدارة المصرف التي اعتبرت أن عدم دعوة الجمعية العمومية والبيان الذي صدر عن الجمعية لا يرتقيان إلى مستوى ما تعرّضت له. لذا، أصدرت الجمعية بياناً ثانياً أفصحت فيه عما تتوق إليه أي «الكابيتال كونترول»، إذ دعت السلطات المعنية، بما فيها السلطة التنفيذية، إلى «الإسراع في اتخاذ كافة القرارات العاجلة اللازمة لوقف هذه المخالفات القانونية واتخاذ التشريعات اللازمة للتعامل مع الأزمة المالية والنقدية الحالية وعلى رأسها قانون الكابيتال كونترول، وإلا اضطرت المصارف إلى اتخاذ كافة الإجراءات التي تراها مناسبة صوناً لمصلحة المواطنين وللمصلحة الوطنية العليا».
إرباك الجمعية إزاء الإقفال لم ينعكس على هدفها الرامي إلى إرهاب المودعين والإيحاء بأن محاولاتهم للجوء إلى القضاء ستنقلب عليهم سلباً. هذا تحديداً ما قام به «فرنسبنك» رداً على الدعوى المقدّمة منذ شهرين من تحالف «متحدون» و«جمعية صرخة المودعين»، بوكالتيهما عن المودعَين المصريين عياد غرباوي إبراهيم وحنان الحاج، بعد إغلاق المصرف حساب الأخيرة تعسفاً وإيداع شيك مصرفي بمبلغ الوديعة لدى كاتب العدل. وبعد أسابيع من متابعة وكيل الدفاع عنهما المحامي رامي عليق رفضت القاضية المنفردة المالية في بيروت رولا عبدالله طلب وقف تنفيذ الحجز الاحتياطي الذي تقدّم به المصرف وأعادت الملفين إلى دائرة التنفيذ لمتابعة تنفيذ الحجز.
ورغم الضغوطات التي تعرّضت لها القاضية عناني وسيل الاتصالات من سياسيين وأمنيين ونافذين، أصرت على قرارها بإنفاذ الحجز التنفيذي في حال رفض المصرف تسديد كامل مبلغ الوديعة وملحقاته فوراً، والتي تبلغ أقل من 100 ألف دولار، وإعادة الحساب المصرفي. واستندت القاضية في متن قرارها إلى أن «الشيك المصرفي ليس وسيلة للإيفاء ولا يُبرئ ذمّة المصرف بمجرّد إيداعه لدى كاتب العدل وبالتالي عدم اعتباره بمثابة سند تنفيذي».
امتنع «فرنسبنك» عن دفع رواتب موظفي القطاع العام رغم استثنائها من قرار الحجز الاحتياطي
وبالفعل، أرسلت عناني أمس مأموري تنفيذ إلى فرعي المصرف في الأشرفية والحمرا قاموا بجرد الموجودات، بما فيها خزائن النقود، على أن يستكملوا في الأيام المقبلة جردتهم في الفروع الأُخرى. وخلال الجولة أعطى مأمورو التنفيذ 3 خيارات إلى إدارة المصرف: دفع المبلغ مع ملحقاته نقداً في الحال، أو تنفيذ الحجز بختم الموجودات بالشمع الأحمر. وفي حال رفض التنفيذ، يتم إخطار القوى الأمنية بغية تنفيذه بالقوة. حينها، اختارت إدارة المصرف دفع المبلغ. وسريعاً، بدأ مدير المصرف في المركز الرئيسي في الحمرا بجمع المبلغ إلى حين دخول أحد المسؤولين في الدائرة القانونيّة الذي رفض التنفيذ، وبدأت إدارة المصرف بالضغط على مأمورة التنفيذ ف. ع. التي ارتكبت خطأ بوضع الشمع الأحمر على 5 صناديق موصولة بالـATM ومخصّصة لدفع رواتب الموظفين، علماً بأن رواتب الموظفين وتعويضاتهم غير مشمولة بقرار القاضية. وحين عادت مأمورة التنفيذ أدراجها إلى الغرفة لإزالة الأختام عن هذه الصناديق بأمرٍ من القاضية التي أصرّت على تنفيذ قرارها بحذافيره، منعها بعض الموظفين في المصرف من ذلك، وقالوا لها حرفياً إنهم يريدون الإبقاء على الأختام على هذه الصناديق، قبل أن يتم تصويرها من قبل بعض الموظفين ونشر الفيديو للإيحاء بأن القضاء ختم الخزنة التي تحتوي على رواتب الموظفين بالشمع الأحمر. هكذا، عرف المصرف كيف يسوّق لهذا الخطأ لصالحه ويتلاعب بأعصاب المودعين.
محاولة تخويف المودعين من اللجوء إلى القضاء باءت بالفشل، إذ يتردّد بين المحامين أن هناك العديد من المودعين الراغبين في الادعاء على المصرف لاسترداد ودائعهم بعدما علموا أن قرار القاضية أتى بنتيجة ضدّ «فرنسبنك»، علماً بأن بعض هؤلاء حصلوا على شيكات مصرفية كوسيلة إيفاء من المصرف.
القرارات القضائية تتوالى
هناك العديد من الدعاوى التي تنتظر المصارف باعتبار أن قرار القاضية مريانا عناني فتح الباب أمامهم، إلى جانب قرارات قضائية أخرى مماثلة جرى التعتيم عليها. ففي مطلع 2020 نجحت مجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام» في الاستحصال على قرار بإنفاذ الحجز التنفيذي على موجودات مصرف «بلوم بنك» ومنع سفر أعضاء مجلس إدارته قبل أن يقوم المصرف بردّ الوديعة للمدعي، وقبل نحو أسبوع قضى قرار قضائي ضدّ بنك الاعتماد اللبناني بردّ الوديعة أو بإلقاء الحجز الاحتياطي على موجودات المصرف ما أبقى فرع المصرف مغلقاً ليومين. القضية ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة.