طهران | تحت ظلال الحرب في أوكرانيا والتصعيد الدائر بين روسيا والغرب، وصلت محادثات إحياء الاتفاق النووي في فيينا، إلى النقطة الحاسمة. إذ اقترب طرفاها الرئيسان، أي أميركا وإيران، من الاتفاق أكثر من أيّ وقت مضى، بيد أن كلّاً منهما لا يزال يُحمّل الآخر مسؤولية اتّخاذ القرار النهائي. وفي هذا الإطار، أعلن المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أنه «تمّ إعداد ما بين 97 و98 في المئة من مسودة الاتفاق بشكل مشترك، وما تبقّى هو قضايا تحتاج إلى معالجة»، معرباً، في مؤتمر صحافي أمس، عن أسفه لـ«عدم اتخاذ الغرب والولايات المتحدة قراراً سياسياً بشأن القضايا الخلافية المتبقّية». وكان كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، قد عاد، يوم الاثنين، إلى فيينا، بعدما وصل إلى طهران الأربعاء الفائت، لإجراء مشاورات مع كبار المسؤولين حول المسودة المُقدَّمة من المنسّق الأوروبي لمحادثات فيينا، إنريكي مورا. في هذا الوقت، ذكر موقع «نور نيوز»، التابع للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن القضايا العالقة في فيينا وضعت المحادثات على «تخوم الاتفاق أو الطريق المسدود»، وأن «قبول أيّ اتفاق رهن بمعالجة هذه القضايا». وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن إيران تطالب الطرف الآخر بمزيد من التنازلات في ثلاثة موضوعات، فيما ليس مقرَّراً أن تعلن موافقتها النهائية في هذه المرحلة على المسودة التي قدّمها مورا. ويتعلّق الموضوع الأوّل بتوسيع نطاق العقوبات التي سيجري رفعها؛ إذ تنوي الولايات المتحدة رفع العقوبات المتّصلة بالاتفاق النووي، وكذلك جزء من تلك التي فُرضت في إطار حملة «الضغوط القصوى» ضدّ طهران في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، غير أن إيران تطالب بإضافة عناوين أخرى إلى هذه القائمة، بما فيها العقوبات ضدّ الحرس الثوري.
القضايا العالقة في فيينا وضعت المحادثات على «تخوم الاتفاق أو الطريق المسدود»


أمّا الموضوع الثاني فيتّصل بالضمانات التي تطلبها طهران بعدم انسحاب واشنطن مجدّداً من الاتفاق. وفي هذا الإطار، تنصّ المسودة على أن أميركا لم توافق على منح هكذا ضمانات، لكن إيران تصرّ على ذلك المطلب، وتدعو إلى أن يؤخذ في الاعتبار حفظها لبعض قدراتها النووية على الأقلّ، كضمانة، وهو ما أشار إليه أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، الأسبوع الماضي، بقوله على «تويتر»: «إن القدرات النووية السلمية الإيرانية يجب أن تسلَّط كسيف داموقليس دائماً على رؤوس ناكثي العهد، لكي تكون ضمانة لتنفيذ التزاماتهم».
أخيراً، يرتبط الموضوع الثالث بالمواقع النووية الأربعة التي تقول «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» إنها عثرت في ثلاثة منها على «جزئيات اليورانيوم ذات المصدر الإنساني»، وفي الرابع على «جزئيات نظائرية متحوّرة»، الأمر الذي لم تُجِب إيران على أسئلة الوكالة في شأنه (أحد هذه المواقع هو تورقوز آباد في ضواحي طهران، والآخر في أصفهان، وكلاهما دُمّرا عامَي 2003 و2004 على الأرجح بهدف إزالة آثار اليورانيوم). وتقول طهران إن الملفّ المتعلّق بماضي البرنامج النووي الإيراني يجب أن يُغلَق مع إبرام الاتفاق، فيما تدّعي «الدولية للطاقة الذرية» أن المعطيات التي بحوزتها جديدة ويمكن تسليط الضوء عليها.
وكانت الولايات المتحدة قد حدّدت مهلة حتى نهاية شباط للتوصّل إلى اتفاق، فيما يبدو أن إيران تنوي مواصلة المحادثات لفترة زمنية قصيرة أخرى على الأقلّ، حتى تُظهر تجاهلها للمهلة الأميركية من الناحيتَين الرمزية والاعتبارية، فضلاً عن تمكّنها من انتزاع المزيد من التنازلات من الطرف الآخر، لا سيما بالتزامن مع تصاعد الحرب في أوكرانيا. وعليه، يبدو أن المفاوضات ستتواصل لبضعة أيام أو بضعة أسابيع أخرى، قبل أن يعلَن نجاحها أو فشلها. وفي هذه الحالة الأخيرة، سيكون التصعيد بين إيران والغرب هو سيّد الموقف.