«الحبل عَ الجرّار». هكذا يمكن وصف عملية مواصلة طرد الموظّفين العرب المناصرين للقضية الفلسطينية من قناة «دويتشه فيله» (DW) الألمانية الناطقة بالعربية. بعد أسبوع على فصل خمسة صحافيين (مدير مكتب القناة في بيروت باسل العريضي، وداوود ابراهيم، ومرهف محمود، ومرام سالم (شحاتيت)، وفرح مرقة)، أُبلغ الصحافيان الفلسطينيان زاهي علاوي وياسر أبو معيلق أخيراً بانتهاء تعاونهما مع DW. تلفت معلومات إلى «الأخبار» أنّ اسم الصحافيين الفلسطينيين ذُكر في التقرير الذي قدّمته لجنة التحقيق التي تألّفت من وزيرة العدل الألمانية السابقة زابينه لويتهويزر شنارنبرغر، والفلسطيني أحمد منصور الصهيوني الهوى. وكانت هذه اللجنة قد تألّفت قبل شهرين تقريباً بعدما بدأت الصحافة الألمانية عملية تجسّس على الصفحات الافتراضية الخاصة بالصحافيين والمتعاقدين مع الشبكة الألمانية، وألصقت بهم تهمة «معاداة السامية».
(روبرت يونغ ــ كندا)

توضح المعلومات أنّ اللجنة قدّمت إلى إدارة القناة لائحة من ثمانية أسماء جديدة ملصقةً بها التهمة نفسها، ومن بينهم الصحافيان الفلسطينيان اللذين طُردا أخيراً، على أن يتم لاحقاً تحديد مصير الأسماء الستّة المتبقية.
في المقابل، تتوالى الاستقالات من القسم العربي في DW. بعدما أعلن مدير القسم العربي في الشبكة، ناصر شروف، عن تخلّيه عن مهامه بسبب عملية الطرد المجحفة بحق الصحافيين الخمسة، كشفت المعلومات أنّ مدير الأخبار في القسم العربي، محمد إبراهيم، استقال من منصبه، لكنّه لن يترك العمل نهائياً، بل ستوكل إليه مهام أخرى.
في السياق نفسه، يتجه باسل العريضي وداوود ابراهيم نحو تقديم دعوى قضائية في بيروت يؤكّدان فيها أنّ طردهما بسبب معاداتهما لإسرائيل، يتنافى مع قانون العمل اللبناني اللذين وقّعا عقد عملهما مع DW بناءً عليه.
وعلى خطٍ موازٍ، فوجئ متابعو الشبكة الألمانية بنشرها استبياناً على صفحتها على فايسبوك، «يأتي في سياق دراسة تقوم بها أكاديمية «دويتشه فيله»...». وجّه الاستبيان أسئلة للصحافيين العاملين في لبنان، من بينها: ما هو واقع المهنة اليوم؟ ما هو تقييمكم للعلاقة مع نقاباتكم المهنية؟ ما الذي تتوقعونه منها؟.
تُشير مصادر مطلعة إلى أنّ الاستبيان ليس بريئاً ولا مجرّد عملية استطلاع عادية أو دورية تقوم بها DW، بل يندرج في سياق «تشويه» صورة «نقابة محرّري الصحافة اللبنانية»، موضحةً أنّه يحتوي على أسئلة «ملغومة»، خصوصاً أنّه يمكن ملء الاستطلاع من دون ذكر اسم صاحبه، ما ينفي عن العملية صدقيّتها، وسط فوضى تعمّ السوشال ميديا من أسماء وهمية وحسابات مزوّرة. هنا، توضح المصادر أنّ الاستبيان يضيء على العمل الصحافي في لبنان ودور النقابات، في محاولة للتشكيك بصدقية النقابة التي كانت قد أصدرت بياناً تدعم فيه ابراهيم والعريضي. وفي ضوء ما يجري، وزّعت النقابة التي يرأسها جوزيف القصيفي بياناً نبّهت فيه من «محاولة غير بريئة تقوم بها «دويتشه فيله» من خلال إرسال استمارة استبيان إلى الصحافيين والإعلاميين والمصورين اللبنانيين تطرح فيها أسئلة لتكوين «داتا» لاستخدامات مجهولة وملتبسة، وتثير الشكوك وعلامات الاستفهام، بخاصة أنّ هذه الاستمارة تزامنت مع صرف اللبنانيين، بصورة تعسفية من العمل بذريعة اتخاذهما مواقف مندّدة بإسرائيل وسياساتها العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني».
وتكشف المعلومات أنّ ملفّ الصحافيَيْن اللبنانيَيْن لن يُقفل قريباً، مشيرة إلى تدخّل سياسي ألماني في بيروت قبل رفعهما دعوى قضائية، بهدف جمع معلومات عن الجهات الإعلامية والسياسية الداعمة لهما، على أمل استخدامها ضدّهما لاحقاً.