نال «العدالة والتنمية» في أحدث استطلاع 30.1 في المئة متراجعاً عمّا كان عليه الشهر الماضي
وفي هذا الإطار، تَنقل صحيفة "بركون" عن مسؤولين في "حزب الشعوب الديموقراطي"، قولهم إن إردوغان يحاول تكرار استراتيجيّته التي اتّبعها قبل الانتخابات البلدية عام 2019، بزعْمه أنه تسلّم حينها رسالة من أوجالان. ويَعتبر الباحث، وهاب جوشكون، أن إردوغان "يعمل على استمالة الأكراد، وتفريق صفوفهم، بالقول إن الدولة التركية على تواصُل مع أوجالان". ويضيف أنه "حين يرى ضرورة، سيلجأ إلى نشر ما يمكن أن يكون أدلّة على لقاءات الدولة مع أوجالان". إلّا أن جوشكون يرى، من ناحية أخرى، أن "تصريح إردوغان يعكس انزعاج السلطة من كَوْن ديميرطاش هو الرئيس الطبيعي لحزب الشعوب الديموقراطي الكردي، على رغم أن الحزب انتخب رئيساً بدلاً منه لتسيير أموره". وبناءً على ذلك، يوضح أن رئيس الجمهورية "بدأ باتّباع استراتيجية من شقَّين: الأوّل، هو ربط نشاط حزب الشعوب الديموقراطي بالإرهاب، ومن ذلك نشر صور للنائبة الكردية، سمرا غوزيل، في معسكر لمقاتلين من حزب العمال الكردستاني، وسيلي هذا إنزال ملفّات أخرى عن الرّف بهدف إيجاد شرخ بين الحزب الكردي والحزب الجيد". أمّا الشق الثاني، فهو "إيجاد شرخ بين حزب الشعوب الديموقراطي، والناخب الكردي المتعاطف بالكامل مع أوجالان". غير أن جوشكون يعتقد أن "هذه مناورة صعبة، ولن يكون لها تأثير على الناخب الكردي"، لافتاً إلى أن "الهوّة بين الناخب الكردي، وحزب العدالة والتنمية، تتّسع أكثر فأكثر". ومن هنا، يخلُص الباحث إلى أنه "كي ينجح إردوغان في خطّته، عليه أن يقوم بتغييرات سياسية"، معتبراً أن "هذا غير ممكن الآن، في ظلّ تحالفه مع حزب الحركة القومية، وفي ظلّ أن مجال حركته ضيّق جدّاً". وربطاً بما تَقدّم، يرى بعض المتابعين أن انتهاء عملية حلّ المسألة الكردية، واعتقال ديميرطاش، أفقدا "العدالة والتنمية" أيّ إمكانية لكسب الصوت الكردي من جديد. ويَعتقد هؤلاء أن "تصريحات الرئيس عن تصفية حساب داخل حزب الشعوب الديموقراطي، قد تكون نتيجة تقارير استخبارية قرأها"، مذكّرين بأن "أوجالان يحمّل ديميرطاش مسؤولية وصول المحادثات مع الدولة، إلى طريق مسدود".
في غضون ذلك، أثارت تصريحات إردوغان انتقادات المعارضة؛ إذ اتّهم زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، كمال كيليتشدار أوغلو، رئيس الجمهورية بأنه "تحوَّل إلى ساعي بريد بين إيمرالي والآخرين. ويحاول أن يطلب من إيمرالي المَدد لينصب الأفخاخ". وأشار إلى أن "هذا ما فعله إردوغان عشية الانتخابات البلدية، إذ أرسل أحد الأكاديميين إلى أوجالان، على أمل أن يكسب أصواتاً كردية، كما بثّ ذلك مباشرة على شاشة تلفزيون الدولة". من جهته، رأى مدّعي عام الجمهورية المتقاعد، نادي تورك أصلان، في تصريحات إردوغان، إنكاراً لواقع أن تركيا دولة قانون. وتساءل: "كيف يمكن أن يُقال إن رئيساً سابقاً لحزب (ديميرطاش)، سوف يقدّم الحساب لزعيم منظّمة إرهابية معتقل (أوجالان)؟"، مجيباً على ذلك بالقول إنه "في دولة قانون، يحاسِب الأفراد الآخرين أمام القضاء. أمّا إردوغان فيعطي، بتصريحاته، مشروعيّة لشخص محكوم ورئيس لمنظمة إرهابية".
بدوره، قدّر الباحث رها رهاوي أوغلو، من "معهد الأبحاث الاجتماعية والسياسية"، أن "كلام إردوغان ليس مرتبطاً بعملية حلّ المسألة الكردية، بل بتراجُع أصوات حزب العدالة والتنمية"، مضيفاً أنه "لو أن ديميرطاش مسؤول عن فشل العملية السياسية، لكان إردوغان استمرّ مع الآخرين". واعتبر رهاوي أوغلو أن "إردوغان ربّما يريد من هذا التصريح، إرسال رسالة إلى الرأي العام الكردي، والحطّ من شأن ديميرطاش في عيون أوجالان، وإضعاف دوره داخل حزب الشعوب الديموقراطي". وقال: "لو افترضنا أن إردوغان قال إنه يريد إقامة علاقة مع أوجالان، وتنحية ديميرطاش جانباً، فلن يكون مقنعاً للجمهور الكردي بما فيه الكفاية"، لافتاً إلى أن "70 في المئة من ناخبي حزب الشعوب الديموقراطي، يقولون إنهم ذاهبون إلى الانتخابات المقبلة بهدف واحد، وهو إخراج إردوغان من السلطة". وخلُص أوغلو إلى أن "إردوغان سيخسر، بهذا التصريح، جزءاً من الأصوات القومية التي معه".