أصدرت المحكمة العسكرية في بيروت حُكماً بسجن لبناني مقيم في ألمانيا بـ«جريمة» زواجه من فلسطينية من عرب 48 لكونها تحمل جواز سفر إسرائيلياً. «القرار الاستعراضي» لرئيس المحكمة العسكرية العميد منير شحادة بدا وكأنه يريد من خلاله الإيحاء بتشدّده في الملفات المتعلقة بالعدو الإسرائيلي، خصوصاً أن الخبر عُمّم في الإعلام على أنه حكمٌ صادرٌ بسجن لبناني لـ«زواجه من إسرائيلية»!الضابط المُعيّن في منصب قاضٍ على رأس المحكمة العسكرية أدان اللبناني محمد بنوت وحكم عليه بالسجن لمدة عام، بعدما ساوى بين لبناني يتزوّج «إسرائيلية» مغتصِبة للأرض ولبناني يتزوج فلسطينية أُكرِهت على استعمال الجنسية الإسرائيلية. والحكم مؤشرٌ على السطحية التي تُمارس فيها المحكمة العسكرية دورها. فالمشترع الذي وضع النص القانوني انطلق من سببٍ موجب بأنّ الغاية حماية الأمن القومي اللبناني. والنصّ الذي استند إليه رئيس المحكمة فسّره بغير معناه، مع أنّ هناك قاضياً مدنياً يجلس إلى يمينه، لكون المقصود فيه ليس الفلسطينيين الذين وُلِدوا في الأراضي المحتلة عام 1948، إنما الصهيوني العدو. وبحكمه هذا، يقول رئيس المحكمة العسكرية لأي فلسطيني أو فلسطينية إنّ عليكم التنازل عن جواز السفر الذي لم تختاروه إرادياً وإن كان وسيلتكم الوحيدة للعودة إلى أراضيكم.
استند رئيس المحكمة إلى المادة 278 من قانون العقوبات التي تنصّ على أنّ «كل لبناني قدم مسكناً أو طعاماً أو لباساً لجاسوس أو لجندي من جنود الأعداء يعمل للاستكشاف أو لعميل من عملاء الأعداء أو ساعده على الهرب أو أجرى اتصالاً مع أحد هؤلاء الجواسيس أو الجنود أو العملاء وهو على بينة من أمره، يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة». إلا أن هذه الشروط لا تنطبق على الحالة الماثلة أمامنا. فقد أوقف بنوت في تركيا على خلفية إعارته إقامته الألمانية وجواز سفره لأحد الأشخاص مقابل مبلغ مالي قدره 6 آلاف دولار ليتمكن من السفر إلى هولندا.
السجن عاماً للبناني تزوج فلسطينية من عرب 1948!

وقد حققت الشرطة التركية معه بعد إبلاغ القنصلية اللبنانية ثم تم ترحيله إلى لبنان. ولدى وصوله، سحب الأمن العام جواز سفره وطلب منه مراجعة المديرية العامة للأمن العام بعد أسبوع. وفي الوقت المحدد، ذهب للمراجعة فأوقف بإشارة القضاء في ملف محاولة تهريب شخص، وقرر المحامي العام زياد بو حيدر تركه بموجب سند إقامة، لكن القضاء العسكري توسَع في التحقيق معه بشأن زوجته الفلسطينية حلا ر. (مواليد 1996) باعتبارها إسرائيلية. وروى الموقوف للمحققين أنه تعرف إليها في ألمانيا التي يقيم فيها منذ عام 2002 أثناء ترددها إلى مطعمه، كاشفاً أنّ علاقته توطدت بها إثر إجرائه عملية جراحية في مستشفى تعمل ممرضة فيه. بنوت لم يكن يعلم أنّ حبيبته التي ستُصبح زوجته تحمل جنسية إسرائيلية، معتبراً أنه تعرف إليها على أنها فلسطينية تتحدث العربية إلى أن اكتشف أنها تحمل جواز سفر إسرائيلياً أثناء تسجيل الزواج. وقال الموقوف: «لدى سؤالي لها ذكرت أنها من عرب 48 الذين أجبروا على حمله للبقاء في أراضيهم». وأكد بنوت للمحققين أن زوجته مع ذويها تركوا مدينتهم حيفا في الأراضي المحتلة وقدموا إلى ألمانيا منذ سنوات، ولم يعودوا بعدها. ونفى أن يكون قد دخل الأراضي المحتلة. كما نفى أن تكون زوجته قد حضرت إلى لبنان مطلقاً لكونها لا تحمل سوى جواز سفر إسرائيلي. ولدى تحليل هاتفه للكشف على محادثاتهما تبين أن كل المحادثات عاطفية، مؤكداً أنها لم تسأله يوماً عن أي شيء خارج علاقتهما الزوجية.