أرفق المحققون في استخبارات الجيش ملف التحقيقات المؤلف من نحو 100 صفحة بفيديو يُظهر بداية الإشكال الذي وقع في 14 تشرين الأول، عندما دعت حركة أمل وحزب الله إلى تظاهرة في محيط قصر العدل للتنديد باستنسابية المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار. يوضح الفيديو كيف بدأ الإشكال بين متظاهرين والمدعو جيلبير ماراسيديان. إذ ظهر الأخير يتوجّه بمفرده غاضباً نحو المتظاهرين الذين كانوا يمرّون في الشارع الرئيسي في طريقهم إلى قصر العدل. أعقب ذلك شتائم وتلاسن، ودخول عدد كبير من المتظاهرين إلى الشارع حيث أوسعوه ضرباً وأسقطوه أرضاً. تلت ذلك أعمال شغب وتكسير، قبل أن يتطور الموقف الى احتكاك مباشر مع مجموعات من «القوات اللبنانية» التي كانت تنتشر عند تقاطع الفرير، بإشراف من مسؤول الأمن في معراب سيمون مسلّم الذي تشير محاضر التحقيق إلى أنه انتقل مع عشرات الأشخاص في الليلة السابقة لوقوع المجزرة، واستطلع المكان برفقة المسؤول العسكري في عين الرمانة إلياس نخلة.كذلك تضمّن التحقيق فيديو آخر لسيارة من طراز «كيا» يملكها نبيل داود، يظهر لحظة ترجّل كل من إلياس نخلة وإدغار رزق وسلام أبو نقولا وتوجّههم نحو صندوق السيارة مع أشخاص آخرين، من بينهم سيمون مسلّم المقرّب من رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. وأخرج هؤلاء من الصندوق بندقيتَي كلاشنيكوف سلّموهما لآخرين. كما جمع المحققون مقاطع فيديو مصورة من كاميرات مراقبة ووسائل التواصل الاجتماعي تضمنت صور مسلحين وعمليات رمي حجارة وتحطيم ممتلكات، وصوراً لأشخاص من الطرفين يطلقون النار، وتظهر لحظة إصابة الشهيد حسن مشيك، وإلى جانبه المصاب عباس زعيتر، فيما تعذّر تحديد مكان سقوط الشهيد حسن نعمة.
تحقيقات استخبارات الجيش أثبتت أنّ مجموعات مسلحة من «القوات اللبنانية» استنفرت في الشوارع الداخلية لعين الرمانة منذ الليلة السابقة للتظاهرة، وتمركزت في النقطة التي حصل فيها الاشتباك الأول.
ينطلق التحقيق من إفادة الشاهد بيار ر. الذي يُشرف منزله على المكان الذي بدأ فيه الاشتباك، ويروي فيها كيف بدأ نهاره ونقل سيارته صباحاً خوفاً عليها في حال وقوع أعمال شغب. وأبلغ الشاهد المحقق العسكري أنّه قرابة العاشرة والنصف سمع محتجين يرددون هتافات: «بالروح بالدم نفديك يا بري»، و«صهيوني صهيوني سمير جعجع صهيوني»، قبل أن تنطلق المسيرة. وأضاف: «لدى بلوغ قسم منها المفترق المؤدي من شارع سامي الصلح إلى منزلي، شاهدت أحد الأشخاص ويبلغ من العمر حوالى خمسين عاماً، وأنا أعرفه سابقاً كونه من أبناء الحي، يقترب من المسيرة. وبدا لي أنّه كان مستاءً ومنزعجاً مما يسمعه من شعارات وهتافات». وأكمل الشاهد: «ما هي إلا دقائق حتى توقفت مجموعة من المسيرة وبدأت بالتلاسن وتبادل الشتائم مع ذلك الشخص، وتطور الأمر إلى عراك بالأيدي، ثم دخل عناصر من المسيرة من شارع سامي الصلح إلى الطريق المؤدية إلى عين الرمانة. وبدأت أشاهد أولئك العناصر يُكسرون السيارات ودراجة نارية تُحرق. إثر ذلك، بدأ تراشق الحجارة بين المتظاهرين وأشخاص آخرين من جهة عين الرمانة لم أتمكن من رؤيتهم بسبب وجود شجرة تحجب الرؤية. وتدخل عناصر من الجيش للعمل على فصل الطرفين وضبط الوضع. وتزامن ذلك مع التقاطي لبعض مقاطع الفيديو والصور من هاتفي الخاص». وأكّد أنّه لم يُشاهد أحداً يحمل مسدساً أو بندقية حربية، لكن شرفة منزله أصيبت بطلقتين، «الأولى أتت من جهة بدارو قرب مبنى شركة مرساكو وأصابت الواجهة الزجاجية، والثانية بعدما اشتعلت المنطقة بإطلاق النار. ولكن لا أستطيع أن أحدّد من هي الجهة التي بدأت بإطلاق النار ولا كيفية حصول ذلك».
وبحسب محاضر التحقيق، أوقفت استخبارات الجيش كلاً من: نسيم توما (مواليد ٢٠٠٠) ورودريك توما (مواليد ١٩٩١) وجورج توما (مواليد ١٩٦٧) للاشتباه في علاقتهم بحادثة الطيونة، وجمعت إفادات لعدد من الموقوفين؛ من بينها:

إفادة الياس نخلة
المسؤول العسكري للقوات اللبنانية في عين الرمانة
أوقفت مديرية المخابرات إلياس نخلة (مواليد ١٩٦٤) ونبيل داود (عام ١٩٦٤) اللذين عثر بحوزتهما على كاميرا وجهاز لاسلكي وبوكس حديدي وسكين وعلبة خردق عيار ٤.٥ ملم وحربة.
روى الياس أنه انتمى إلى حزب القوات اللبنانية منذ بدايات تأسيسه في عام ١٩٨١ ولغاية تاريخه، وتابع معه دورات عسكرية وتدرج في الرتب فيه. وذكر أنه يقوم حالياً بوظيفة مسؤول انضباط عين الرمانة ونائب رئيس مركز الشياح والمسؤول العسكري في المنطقة ومسؤول عن ٤٠ عنصراً. وأفاد أنه «بناءً على كلمة الدكتور سمير جعجع عبر وسائل الإعلام عن وجود شارع مقابل شارع وأنّه يريد حماية القاضي البيطار، تبلّغت من خلال الأمانة العامة لحزب القوات اللبنانية عبر رئيس مركز الشياح بيار معوض أنّه يجب علينا أن نكون يقظين وموجودين في مراكزنا في حال حصول أي إشكال أو اعتداء على أبناء المنطقة للتصدي له». وأضاف: «وردتنا تعليمات بعدم التصادم مع الجيش اللبناني بأي شكل من الأشكال». واعترف بأنّه عقد اجتماعاً لعناصر الانضباط في عين الرمانة، ودعا عناصر القوات، بطلب من رئيس المركز، إلى اجتماع في المركز الرئيسي في الليلة السابقة للتظاهرة للتأكيد على الجهوزية. وفي اليوم التالي، «بتمام السابعة صباحاً، وصلت إلى المركز حيث كان يوجد ١٥ شخصاً. وبعد وصولي بعشر دقائق، تلقّيت اتصالاً من مسؤول جهاز أمن معراب سيمون مسلّم أخبرني فيه أنه موجود مع ٤٠ عنصراً تقريباً عند مفترق سيدة لورد الذي يبعد عن الطريق العام حوالى ١٠٠ متر. فذهبت إليه حيث كان برفقة عدد من الشبان لا أعرف أحداً منهم كونهم ليسوا من أبناء المنطقة. سألني عما إذا كان يوجد أي مفارق بعد محل OMT باتجاه عين الرمانة، فأجبته بأنّه لا يوجد سوى مفرقين. الأول هو مفرق OMT والثاني مفرق سيدة لورد، وهذان المفرقان يؤديان إلى نفس النقطة التي يتمركز فيها سيمون مسلّم وعناصره. عدت بعدها إلى مركزي في الشارع الطويل. وبتمام العاشرة والنصف، سمعت أخباراً عن دخول بعض المتظاهرين عبر مفرق سيدة لورد، فتوجهت إلى هناك. ولدى وصولي شاهدت المتظاهرين يقومون برشق الحجارة باتجاه عين الرمانة، فيما يقوم عناصر سيمون مسلم بالرد عليهم. وحضر عدد من الشبان من المركز بحوزتهم مسدسات وبنادق. بدأ بعدها إطلاق النار من الطرفين حيث تعرض جورج هاشم لإصابة بطلقة في بطنه ونقل إلى مستشفى أوتيل ديو، علماً بأنّه من عناصر مجموعة سيمون مسلّم. انسحبت بعدها إلى المركز في الشارع الطويل. وعند الساعة الواحدة والنصف، تلقيت اتصالاً من سيمون مسلّم يطلب مني فيها تأمين قطعتَي سلاح والقدوم».
وعلى الفور ــــ تضيف رواية محققي المخابرات ــــ توجّه نخلة برفقة المدعوَّين سلام أبو نقولا ونبيل داود إلى محله في شارع البريد. ويضيف: «طلبت منه إعطائي قطعتَي سلاح. وبالفعل زوّدني ببندقيتين كلاشنيكوف ثم توجهنا إلى مكان وجود سيمون مسلم الذي أخذ مني البندقيتين. وبتمام الرابعة والنصف، تواصلت مع سيمون مسلّم لاستعادة البندقيتين بعدما هدأت الأوضاع، فأخبرني أنّه غادر محلة عين الرمانة، وأنّه سيعيد لي البندقيتين لاحقاً». وذكر الياس نخلة أنّ عناصر مجموعته يملكون أسلحة حربية، لكنهم كانوا يضعونها في سياراتهم ليكونوا جاهزين في حال حصول أي أعمال أمنية للتدخل. وذكر أنّه لم يُشاهد سوى جورج توما وولديه نسيم ورودريك وتوفيق معوض ونجيب حاتم أثناء قيامهم بإطلاق النار باتجاه المتظاهرين في الطيونة.

إفادة جوج توما
أما الموقوف جورج توما فقد أفاد ــــ ودائماً بحسب محاضر التحقيقات ــــ «أنني أنتمي إلى القوات اللبنانية منذ كان عمري ١٤ عاماً، وشاركت في العديد من مخيمات التدريب، وأنا من ضمن عناصر القوات في عين الرمانة، والمسؤول عن المكتب هو بيار معوض ومعاونه الياس نخلة، وهو المسؤول المباشر على الأرض، أي المسؤول العسكري في المنطقة. ويوجد عدة أعضاء بالمكتب هم جورج سماحة وسليم الحلو مسؤول الحشد وآخرون لا أعرف أسماءهم».
وذكر توما أنّه على «إثر الخلافات السياسية على القاضي طارق البيطار والتحضير لمظاهرات تندد به وتدعو إلى إقالته، خرج الدكتور سمير جعجع عبر الإعلام في الليلة السابقة للتظاهرة متحدثاً عن شارع مقابل شارع. وسمعت عن حمايته القاضي البيطار. وأثناء وجودي في المحل، حضر رئيس مركز القوات بيار معوض واشترى بعض الحاجيات، وطلب مني الحضور إلى المكتب لحضور اجتماع للحزب، وأنّ الياس نخلة سيخبرنا عن المطلوب منا. وبالفعل، توجهت في الموعد المذكور إلى المكتب حيث وجدت معوض وتوفيق معوض ونجيب حاتم وسليم الحلو. وأخبرنا نخلة أنّ الوضع الأمني ليس بخير، وهناك تخوّف من دخول عناصر من حزب الله وحركة أمل إلى عين الرمانة للقيام بأعمال شغب، وأنّ الجيش سيكون منتشراً على الطرقات الرئيسية ويقفلها، وأنّ هناك مجموعات من معراب ستكون موجودة خلف الجيش. وأن القوات اتفقت مع الجيش على أنّ كل شخص سيتخطى الجيش ستتعامل معه مجموعات معراب. والمسؤول عن مجموعات معراب هو المدعو سيمون مسلّم المقرب من الدكتور سمير جعجع. وأبلغنا أنّ مسلّم طلب من الجميع البقاء على جهوزية والحضور في السادسة من صباح اليوم التالي. وقال لنا إن مهمتنا حفظ أمن عين الرمانة من الداخل». وذكر توما أنّه سأل الياس عن طبيعة العمل بالدقة، فأجابه بأنّ «علينا التحرك فقط داخل شوارع عين الرمانة للتعامل مع أي خلل ولم يُطلب منا إحضار أسلحة. عندها سأله نجيب أو توفيق عما إذا حضر شباب مسلحون، فأجابه الياس نخلة بأنّ الجيش سيكون على المفارق والمداخل، ومجموعة أمن معراب هي من ستنسق مع الجيش. وبعد انتهاء الاجتماع وصل طوني خوري من كسروان ومعه شابان من القوات وأخبرنا أنهم جالوا في الأشرفية والمراكز. وفي اليوم التالي، تلقيت اتصالاً من معوض بتمام السادسة صباحاً، ووصلت إلى المكتب حوالى السادسة والنصف ووجدت جميع الأشخاص الذين كانوا موجودين قبل يوم، إضافة إلى شبان لا أعرفهم. وقد أحضروا ٢٠٠ منقوشة وزعت على الشبان في المنطقة». وقال جورج إنّ ابنه رودريك الذي يعمل شرطياً في بلدية الشياح كان برفقته، وإنّ شعوراً انتابه بأنّ أمراً ما سيحصل، فذهب إلى منزله وأحضر «بندقية أوتوماتيك مع عدة طلقات. كما لديّ بندقية بومب أكشن دائماً في المحل. وعند الساعة العاشرة والنصف، تلقيت اتصالاً من نخلة يطلب مني الحضور إلى قرب مدرسة الفرير أي الطريق المؤدي إلى عين الرمانة. وشاهدت ابني رودريك ينطلق على الدراجة النارية نحو المنطقة. فصعدت في الرانغلر الأسود العائد لابني وصعد معي حسن الملقب بـ«ريغن» وشاب آخر لا أعرف اسمه. ورودني الأسود أخذ معه توفيق معوض على الدراجة ونجيب حاتم بواسطة الجيب العائد له. وانطلقنا نحو الفرير وكنت وضعت بندقيتَي الأوتوماتيك في الجِيب قبل الانطلاق، ولدى وصولي شاهدت الياس نخلة يقف، فسألته عما يحصل فأخبرني أنهم دخلوا إلينا من الشارع. عندها أصيب شاب إلى جانبي يدعى إدي بيده ونقل إلى المستشفى. فتوجهت إلى سيارتي وأحضرت بندقيتي وقمت بإطلاق العديد من الأعيرة النارية باتجاه حائط المبنى المقابل. فشاهدت عناصر من الجيش في الشارع، فسارعت وأعدت السلاح إلى السيارة. وتقدمت إلى جانب الياس نخلة وسألته عن سبب حضور المتظاهرين إلى المنطقة وعن شبان معراب، فلم يُجب. وشاهدت ابني نسيب يحمل بومب أكشن عائدة له ولا يرتدي قميصاً، فغادرت إلى شارع صنين حيث أنزلت فتاة كنت قد أقلّيتها. وشاهدت عناصر المخابرات في شارع صنين حيث أقيم. عندها عدت إلى المنزل مع أولادي حيث أخبرتني زوجتي بأنّ هناك خبراً نشرته قناة NBN يتضمن اسمي واسم أولادي، فقام نسيم بالاتصال بالمحطة وكذّب الخبر وأبلغهم أننا سنتقدم بدعوى. وغادرت بعدها مع أولادي إلى بصاليم».
ورداً على سؤال عن مشاهدته أياً من المسلحين الذين أطلقوا النار، أجاب أنه لم يشاهد أحداً في منطقة الاشتباكات يحمل السلاح، إنما «علمتُ أنّ عناصر من أمن معراب تدخلوا عند بدء الإشكال قرب مدرسة الفرير. كما أنّ ابني نسيم أطلق النار من بندقية بومب أكشن. وعلمت أنّ الشاب الملقب بـ«حسن ريغن» كان يحمل مسدساً حربياً وهو عاري الصدر. وذكر جورج أنّه اتصل بمنسق بعبدا في القوات جورج مزهر الذي طلب مني تدبير وضعي للصباح ثم أقفل الخط معي. واتصل بعدها بالياس نخلة وأخبره عن ذكر أسمائنا على وسائل الإعلام، فطلب مني التوجه إلى مركز كرم الزيتون في الأشرفية والبقاء هناك».

إفادة رودريك توما
الإفادة الثالثة التي وردت في محاضر تحقيقات مخابرات الجيش تخص المدعو رودريك توما، الذي قال: «لدى سماعي تصريحات الدكتور جعجع على وسائل الإعلام في ١٣ تشرين الأول حيث طلب النزول إلى الشارع تحسباً للمظاهرة التي سينفذها حزب الله وحركة أمل ضد القاضي بيطار بهدف إقالته، وللدفاع عن المنطقة في حال تعرّض لها المتظاهرون. وفي الصباح تواصلت مع والدتي التي طلبت مني الحضور سريعاً إلى المنزل لمشاهدتها متظاهرين متوجهين إلى داخل عين الرمانة. وعلى الفور، توجهت بواسطة دراجتي النارية إلى محلات body chika حيث شاهدت هناك كلاً من رودني أسود ونجيب حاتم وشكري بو صعب بحوزتهم أسلحة حربية وإلى جانبهم مختار عين الرمانة إيلي قيصر وحوالى ثلاثين شخصاً من عين الرمانة بعضهم ملثم ومرتدون اللباس الأسود، وأغلبيتهم بحوزتهم أسلحة حربية وشقيقي نسيم ووالدي جورج برفقتهم». ونفى أن يكون قد شاهد مطلقي النار من عين الرمانة، إنما «شاهدت الكثيرين ممن يحملون أسلحة حربية فقط».

إفادة نسيم توما
أما نسيم توما، الذي سبق أن أوقف سابقاً بجرائم إشكال وتضارب، فقد أفاد أمام محققي المخابرات بأنّه مؤيد لحزب القوات، وأنه علم من والده المنتسب إلى الحزب منذ زمن طويل أنّ الوضع الأمني خطير وهناك تخوف من دخول عناصر من حزب الله وحركة أمل إلى عين الرمانة، وذكر أنّ المسؤول العسكري للقوات في عين الرمانة طلب من الحاضرين في الاجتماع أن يكونوا على جهوزية تامة في الشوارع الداخلية وأنّ «مجموعات أمن معراب سوف تقوم بالتنسيق مع الجيش اللبناني لمنع المتظاهرين من الدخول إلى عين الرمانة»، مضيفاً إنه انتقل إلى فرن الشباك، شارع سيدة لورد، بواسطة دراجته النارية قرب مدرسة الفرير حيث «يوجد هناك عدد من أمن معراب بحوزتهم أسلحة حربية، عندها وصل المتظاهرون وحاولوا الدخول إلى المنطقة بالقرب من الشارع العريض وبدأ تكسير زجاج السيارات ورمي الحجارة من المتظاهرين. فعدت إلى مركز صنين وأخبرتهم ما يحدث في شارع سيدة لورد، وتناولت بندقيتي الحربية من نوع بومب أكشن ووضعتها في الجيب. وكان بحوزة والدي بندقية بومب أكشن أحضرها من المنزل. في هذه الأثناء اتصل إيلي نخلة بوالدي، وأبلغه بوجوب الانتقال إلى الفرير. ولدى وصولنا شاهدت شخصين على الأرض هما إيلي طوق وإدي عبد الله، وكان عناصر أمن معراب يطلقون النار باتجاه الطريق المؤدي إلى العدلية. فتناولت بندقيتي وأطلقت النار في الهواء وأطلق والدي النار».

إفادة جيلبير ماراسيديان
أوقفت مديرية المخابرات جيلبير سيمون ماراسيديان (مواليد ١٩٦٦) للاشتباه بمشاركته في الأحداث. وهو الرجل الذي توجّه غاضباً نحو المتظاهرين الذين كانوا في طريقهم إلى قصر العدل. وقال ماراسيديان للمحقق: «أفيدكم بأنني كنت منظماً في القوات اللبنانية سابقاً، وتركتها منذ ٣٠ سنة لاعتبار بعض عناصر القوات أنني أرمني ولست لبنانياً». وذكر أنّه كان يرتشف القهوة في عين الرمانة صباحاً، وأثناء وجوده في محل يعمل فيه شقيقه، «كنت أشاهد تجمعاً من الشبان في آخر الشارع من مؤيدي القوات اللبنانية ومن منطقة عين الرمانة، وبنفس الوقت كان متظاهرون يعبرون الشارع الرئيسي باتجاه قصر العدل. وفجأة توقف عدد من الشبان وحصل تبادل للشتائم بين المتظاهرين وبين الشبان في الطريق الداخلية لعين الرمانة والذين كان بعضهم يحمل عصياً». وذكر أنّ الشتائم كانت لرئيس حزب القوات قبل أن تتطور إلى شتائم طائفية حيث ما لبث أن دخل جزء من المتظاهرين الشارع وبدأوا بضرب الشبان القادمين من داخل عين الرمانة. وذكر أنّه تعرض للضرب من قبل المتظاهرين، وأنّه لم يُشاهد أياً من المسلحين أو مطلقي النار، إنما شاهد شباناً من المتظاهرين «يضعون مسدسات على وسطهم». وأضاف أنّ المجموعة التي كانت محتشدة بالقرب من تمثال سيدة لورد، بدأت تطلق هتافات طائفية وحزبية رداً على هتافات المتظاهرين. وذكر أنّ ذلك استفزّ الشبان الذين ردوا بالمثل على الشتائم، ما استفزّ المتظاهرين الذين دخلوا إلى الشارع وبدأوا اعتداءاتهم.

إفادة نبيل داود
قال داود (مواليد ١٩٦٦) للمحققين إنّه كان في الكتائب اللبنانية ثم انتمى إلى القوات اللبنانية حتى عام ١٩٨٦ قبل أن ينسحب منها لأسباب عائلية، لكنه عاد وانتسب مجدداً في عام ٢٠١٠ ولا يزال إلى اليوم. وذكر أنّه نقل المسؤول العسكري الياس نخلة وبرفقته شخص آخر إلى مكان بالقرب من شاركوتييه عون في عين الرمانة حيث كان بانتظارهما طانيوس النجار. وذكر أنّ نخلة طلب منه فتح صندوق السيارة «وبقيت بالسيارة. حينها أخذ نجار كيساً بداخله بندقية حربية وكيساً آخر أعتقد أن بداخله جعبة عسكرية. وصعدا معي بالسيارة حيث أوصلتهما إلى قرب مدرسة الفرير، هناك صعد معنا شخص ناداه نخلة باسم «ادي» بالقرب من كنيسة مار مطانيوس، ثم ترجّل إدي من السيارة وأخذ الأغراض من الصندوق». ،ونفى داود مشاركته بأي إطلاق نار، وأكد أنه شاهد استنفاراً لجميع عناصر القوات في الشوارع الداخلية وتقاطع الطرق في عين الرمانة.

إفادة محمد محسن
الموقوف محمد محسن (مواليد ١٩٩٥) موظف في مطار بيروت، أبلغ محققي المخابرات أنه مسؤول مجموعة تضم حوالى عشرين شخصاً تابعين لحركة أمل، وتكلّف بتأمين الحماية لنشاطات الحركة والتظاهرات. «وقد كُلّفت بالمشاركة مع المجموعة بتنظيم الوقفة الاحتجاجية على قرارات القاضي بيطار بغية تنحيته. وقد انتقلت نهار التظاهرة من منزلي إلى محيط قصر العدل على متن دراجتي النارية وبحوزتي مسدس حربي عائد للحركة استلمته منذ عدة سنوات ويبقى في حوزتي أو في مكتب الحركة. وكان يوجد هناك عدد قليل من المتظاهرين عند التاسعة صباحاً، لكون الموعد المحدد للتظاهرة كان الساعة ١١. وأثناء وجودي، سمعت من عدد من الأشخاص عن وجود إشكال في محيط الطيونة مع ٤٠ شخصاً من جهة فرن الشباك يتجمعون ضد التظاهرة. وبدأت أسمع صوت إطلاق نار. توجهت عندها سيراً على الأقدام إلى محيط مستديرة الطيونة. وبسبب غزارة النيران، دخلت إلى موقف للسيارات واختبأت خلف حائط. في الجهة المقابلة لنقطة وقوع الإشكال في شارع سامي الصلح. وخلال وجودي داخل الموقف شاهدت شخصاً يحاول الركض باتجاهي، لكنه سقط أرضاً فجأة ولم أعلم السبب ولم أستطع الاقتراب منه بسبب النيران. عندها سحبت مسدسي وأطلقت منه النار في الهواء. على أثرها حضر أشخاص مدنيون إلى مكان وجود المصاب، وتمكنت حينها من الخروج إلى مستديرة الطيونة في ظل الأخبار عن ارتفاع أعداد القتلى والجرحى. ولدى وصولي إلى المستديرة أمام محل OMT شاهدت أشخاصاً مقنّعين بحوزتهم أسلحة حربية يُطلقون النار باتجاه منطقة عين الرمانة. كنت أبحث عن أي شخص من أفراد المجموعة التابعة لي، لكن لم أجد أي شخص، فعدت باتجاه قصر العدل حيث تم توقيفي». وروى الموقوف أنّه شاهد «شخصاً أو شخصين، لا أذكر بالتحديد، أحدهما مقنّع خلف مستوعبات نفايات يُطلقان النار باتجاه الأشخاص الموجودين أمام OMT، لكني لا أعرف وجوههم جميعاً». وأكد أنّه لم يتم تكليفه بالقيام بإطلاق النار أو التخطيط المسبق لذلك، وأنه لم يُطلق النار على أحد، إنما فقط في الهواء.

إفادة السوري محمد المصطفى
محمد المصطفى (مواليد ١٩٩٥) يعمل ناطوراً لمبنى «بدارو ٩»، أبلغ المحققين أنه «يوم التظاهرة، استيقظت من النوم بتمام الساعة ٨ صباحاً حيث حضر عمال الورشة في البناء الذي أقيم فيه. وعند الساعة الحادية عشرة صباحاً بدأ المتظاهرون يعبرون الطريق العام من مستديرة الطيونة باتجاه العدلية مروراً بشارع سامي الصلح. وكنت أشاهد ذلك بالعين المجرّدة وأراقب ما يحدث من أمام المبنى الذي أقيم فيه. وما هي إلا دقائق قليلة حتى بدأت أسمع أصوات إطلاق نار، وبدأ المتظاهرون يتراجعون مسرعين باتجاه مستديرة الطيونة. عندها طلبت من العمال البالغ عددهم ١٥ الاختباء في الطابق الأول. وبعد حوالى نصف ساعة، طُلب مني التوجه لمقابلة آمر دورية عسكرية وتم سؤالي عن الشخص الذي كان يُطلق التار من على سطح المبنى الذي أعمل فيه كناطور. فأخبرتهم أنني لم أشاهد أحداً نهائياً وأعلمته أنه يوجد كاميرات مراقبة على كل جوانب المبنى ترصد الداخل والخارج إلى المبنى».

إفادة السوري جاسم المصطفى
كرر السوري جاسم المصطفى (مواليد ١٩٩٠) الذي يعمل ناطوراً في مبنى «بدارو ٤» الرواية نفسها لجهة سماعه صوت إطلاق نار في شارع سامي الصلح قبل أن يزداد صوت الرصاص، مشيراً إلى أنّ معظم سكان البناية نزلوا إلى المدخل خوفاً من الرصاص الطائش الذي بدأ يُصيب المبنى. وذكر أنّه زوّد الجيش بمضمون كاميرات المراقبة.

إفادة محمد الآغا
محمد الآغا (مواليد ١٩٩٠)، وهو سائق سيارة أجرة يقيم في طرابلس، أبلغ المحققين أنّه كان في زيارة والدته المقيمة في الرمل العالي حيث التقى بكل من سلطان عكر وأسامة فضل الله وشقيقه رامي الذين طلبوا منه المشاركة معهم في التظاهرة التي دعا إليها حزب الله وحركة أمل، «فوافقت على ذلك. وذكر أنّه لدى وصولهم كان هناك إطلاق نار فتفرقوا ليدخل في أحد الزواريب خلف فصيلة الدرك وصولاً إلى الشارع العام. وذكر أنّه وقف قرب سيارات الدفاع المدني والإعلاميين حيث شاهد شخصاً يحمل قذيفة أر بي جي يسقط أرضاً. وعندما حاول عناصر الدفاع المدني سحبه لم يستطيعوا بسبب كثافة النيران. عندها تقدم لسحبه ولحق به آخرون ونقلوه إلى سيارة الدفاع المدني. وأضاف أنّه علم أنّ هناك سيدات حوصرن في أحد الأبنية السكنية، فتوجه برفقة شبان من الدفاع المدني لسحبهن. وأعطى الآغا أسماء شبان كانت في حوزتهم بنادق حربية بدأوا بإطلاق النار بالقرب من غاليري الموسوي. واعترف بأنّه يدخن حشيشة الكيف منذ خمس سنوات، ويحصل عليها من مخيم شاتيلا مقابل ١٥ ألف ليرة لكل خمس سجائر.


«جنود الرب» يستنفرون!
تفيد محاضر التحقيقات المحالة الى قاضي التحقيق بأن «مجموعة تابعة لرئيس مجلس إدارة سوسيتيه جنرال أنطون صحناوي تُعرف باسم «جنود الرب» قامت في الليلة السابقة للتظاهرة بنشر وكتابة شعارات دينية في عدد من أحياء المنطقة الشرقية ورسم صلبان في العديد من الشوارع بغية شدّ العصب الطائفي. وقد انتقل كثير من هؤلاء وهم بحالة تأهب من دون سلاح ظاهر». وتشير المحاضر الى أن عدداً من مناصري رجل الأعمال المذكور شاركوا في الأحداث ويُعرف منهم جوزيف م. وجورج ش. وعبدو ل.
وذكر المحققون من الجيش أنّه جرى استقدام عناصر قواتية إلى منطقة عين الرمانة (كانوا مسلحين) من مركز الرميل الذي يرأسه إيلي مشعلاني ومن مركز كرم الزيتون الذي يرأسه رولان المير ومركز الحكمة الذي يرأسه طوني بطرس ومركز الجميزة الذي يرأسه ريشار أبي خليل ومركز حي السريان الذي يرأسه عساف أبو مراد.


تسلسل الأحداث
ــــ مساء ١٣ تشرين الأول ٢٠٢١ عقدت اجتماعات في مراكز القوات اللبنانية في عين الرمانة وتم التعميم على العناصر وجوب البقاء على جهوزية وعدم الذهاب إلى أعمالهم.
ــــ صباح ١٤ تشرين الأول ٢٠٢١، اعتباراً من السادسة والنصف صباحاً، توزع عناصر القوات اللبنانية أمام المراكز في نحو سبع نقاط أساسية تمّ تحديدها.
ــــ اعتباراً من التاسعة صباحاً بدأ المتظاهرون بالتجمع عند مستديرة الطيونة، وحوالى الساعة ١٠:٣٠ حاولت مجموعة منهم الدخول من مفرق OMT إلى عين الرمانة.
ــــ عند الساعة ١٠:٣٩ حاولت مجموعة من المتظاهرين الدخول إلى الشارع ٩٨، حيث تقدم نحوها المدعو جيلبير سيمون مارسيديان الذي تعرّض للضرب، ما سبّب توجه المتظاهرين مباشرة نحو تجمع القوات حيث بدأ الصدام، وتطور إلى تكسير وأعمال شغب وتراشق بالحجارة. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ المحضر يورد إفادة شاهد من سكان عين الرمانة يذكر أنّ الرجل الغاضب بادر بالتوجه نحو المتظاهرين أثناء مرورهم ليقع تلاسن، قبل أن يدخلوا إلى الشارع ويعتدوا عليه بالضرب ثم يبدأ الصدام.
ــــ عند الساعة ١٠:٤٩، أقدم متظاهران على الأقل على إطلاق النار من مسدسات حربية. تزامن ذلك مع وصول عناصر من حزب القوات من مركز عين الرمانة لينضموا إلى المجموعة الموجودة في الشارع ٩٨ وقاموا بإطلاق النار باتجاه المتظاهرين.
ــــ عند الساعة ١٠:٥٠ أصيب وقتل على الفور حسن مشيك. كما أصيب آخرون من الطرفين.
ــــ بعد دقائق، أصيب حسين جميل نعمة وقتل على الفور.
ــــ عند الساعة ١١:٠٠ بدأت قوة من فوج المغاوير بالتحرك من العدلية باتجاه الطيونة حيث أجبرت المتظاهرين والمسلحين على التراجع باتجاه الشياح.
ــــ عند الساعة ١٢:٠٩ أصدرت قيادة الجيش بياناً حذرت فيه من أنّ الوحدات المنتشرة سوف تطلق النار باتجاه أي مسلح يوجد على الطرقات وعلى أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر، وطلبت من المدنيين إخلاء الشوارع.
ــــ عند الساعة ١٣:٣٦ أطلق أحد عسكريي فوج المغاوير النار باتجاه المتظاهرين ومسلحين في منطقة الشياح على أثر إشكال بين مجموعته وعدد من المسلحين، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الأشخاص وانسحاب مجموعة المغاوير.
ــــ حوالي الساعة ١٣:٣٨ توفيت مريم فرحات على شرفة منزلها اثر إصابتها برصاصة في الرأس.
ــــ حوالي الساعة ١٣:٤٥ قُتل محمد السيد أثناء محاولته إطلاق قذيفة ب ٧.