«تعطيل» مجلس الجامعة اللبنانية سمح لوزير التربية القاضي عباس الحلبي بتطبيق المرسوم الاشتراعي الرقم 49 بتاريخ 6 حزيران 1977، الذي ينص في مادته الأولى على أنه «عندما يتعذر على مجلس الجامعة، لأي سبب كان، ممارسة حقه في الترشيح المنصوص عليه في المادتين 10 و25 من القانون الرقم 75 بتاريخ 26 /12/1967، ينوب عنه في ذلك وزير التربية والتعليم العالي». وعلى رغم أن المادتين اللتين استند إليهما المرسوم الرقم 10 والرقم 25 عدلتا بالقانون 66 بتاريخ 4/3/2009، الخاص بالمجالس الأكاديمية، إلا أن المرسوم الاشتراعي نفسه لا يزال قيد التطبيق ولم يصنف ضمن التشريعات غير النافذة.قرار الوزير باستخدام حقه في هذا المرسوم خلط الأوراق بالنسبة إلى المرشحين للرئاسة، وأعاد البحث في الملف إلى المربع الأول، ووضع مهمة التعيين عند السياسيين بالكامل. وبما أن النص لا يفرض على الوزير أن يرفع إلى مجلس الوزراء عدداً معيناً من المرشحين، يمكن الثنائي الشيعي أن يطلب منه رفع خمسة أسماء، ويمكنه أيضاً أن يرفع الملف الذي سلمه إياه رئيس الجامعة فؤاد أيوب أمس كاملاً، أو ثلاثة مرشحين فقط أو حتى اسماً واحداً. الثابت أنه لن يكون هناك دور لرئيس الجامعة في اختيار المرشحين الخمسة الذين كان يفترض أن يرشحهم مجلس الجامعة لو كان موجوداً، لأن هذه الصلاحية ليست كسائر الصلاحيات التي يمارسها الرئيس والوزير معاً، مثل المعاملات الإدارية وغيرها، عندما يغيب مجلس الجامعة.
لكن مصادر أكاديمية في الجامعة أشارت إلى أن أيوب اتخذ قراراً بوقف جلسات مجلس الجامعة بلا استشارة مجلس شورى الدولة، في حين أنه لم يتجرأ أحد في وقت سابق أن يتخذ قراراً بهذا الحجم من دون العودة إلى مرجعية قانونية. وتضمنت الاستشارة كيفية احتساب النصاب القانوني، أي النصف زائداً واحداً من المعينين في مجلس الوزراء فقط وليس النصف زائداً واحداً من مجموع أعضاء الجامعة المعينين والمكلفين من رئيس الجامعة، وأنه لا يوجد مانع مادي وقانوني من تعيين العمداء.
حصر اختيار المرشحين بالوزير أعاد الكلام عن الرئاسة إلى المربع الأول


إلا أن أيوب أوضح في اتصال مع «الأخبار» أن الرأي بتوقيف مجلس الجامعة صادر عن الهيئة الاستشارية القانونية المنصوص عنها في قانون الجامعة وليس عن اللجنة القانونية كما يشيع الأساتذة، والهيئة تضم ثلاثة قضاة هم رئيس مجلس شورى الدولة وعضواً في مجلس شورى الدولة وعضواً في ديوان المحاسبة، وبينما كان النصاب يساوي 20 أستاذاً، لم يكن يحضر أكثر من 15 أستاذاً، بحسب أيوب.
وفي السياق، علقت مصادر قانونية في الجامعة على الآليات التي تمت بها الترشيحات وصولاً إلى تعيين الرئيس بأنه غير منصوص عليها في القوانين، لا سيما لجهة بدعة الترشيحات من دون وجود مجلس الجامعة ليصوّت عليها، وأن الترشيحات لم تحترم الأصول والوقت، في حين أن المرسوم 49 يتحدث عن أنه يفترض أن مجلس الجامعة موجود وتعذر عليه الترشيح لسبب خارج عن إرادته، في حين أن الحالة اليوم هي تعطيل لمجلس الجامعة، وهو أمر غير منصوص عليه في المرسوم، بالتالي فإن كل الترشيحات ستكون غير ملزمة للسياسيين ولمجلس الوزراء». وسألت المصادر: «لماذا طلب الرئيس من الأساتذة أن يترشحوا طالما أن الآلية ليست موجودة؟»، مشيرة إلى أن الوزير والرئيس لا يستطيعان أن يستنسبا ويسلبا حق التصويت المعطى في القانون لأعضاء مجلس الجامعة، لا سيما أن نصف هؤلاء منتخبون من الهيئة التعليمية، وما حصل هو استنساب لتعطيل مجلس الجامعة وتعيين العمداء. هكذا، بحسب المصادر، حرم أساتذة من الترشيح، وآخرون لم يكونوا ليتجرأوا أن يترشحوا لو كان هناك مجلس جامعة، بالتالي فإن مجلس الوزراء يسرق صلاحيات الجامعة بصورة مباشرة وغير مباشرة، في ملفات التعيينات والتفرغ والملاك وغيرها.
ورأت المصادر القانونية أن تعيين رئيس جديد من دون عمداء هو ضربة من حكومة تدعي أنها تسعى إلى الإصلاح، باعتبار أن الجامعة مؤسسة لا تستقيم في مهمتها التربوية والتعليمية من دون مجالس تمثيلية وأكاديمية، «وأي تعيين من دون ترشيحات ومشاريع ورؤية ومقاربة واضحة ومن دون مجلس جامعة، ستكون كارثة إضافية على الجامعة».