امتنع المحامون، أمس، عن حضور الجلسات لدى جميع المحاكم في قصور العدل كافة لمدة ساعة، عند الثانية عشرة ظهراً، استجابة لقرار مجلس نقابة المحامين في بيروت الصادر أول أمس، وذلك اعتراضاً على إصدار المحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة أبو علوان، مذكرة بحث وتحرٍّ بحق المحامي كريم غبالي، بما يخالف مضمون التعميم رقم 31 الصادر عن المدعي العام للتمييز عام 1992.
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر الإشكال الذي يستند إليه القضاء للاستماع إلى شهادة غبالي، حيث يظهر بوضوح أن المحامي تعرّض للضرب من قبل أحد الأشخاص. ولكن عند حضور القوى الأمنية إلى المكان، حاولت إخضاع غبالي للتحقيق بأمر من القاضية أبو علوان، التي ترى أن حالة التلبس بـ"الجرم المشهود" تنطبق على غبالي. رفض الأخير متسلحاً بالحصانة التي يتمتع بها، وتواصل مع نقابة المحامين، التي سارعت بدورها إلى الاتصال بالمخفر المعني، طالبة منه ترك غبالي دون التحقيق معه، لكون التعميم رقم 31/ص/1992 يمنع استجواب المحامي من قبل أي مرجع كان من الضابطة العدلية، على أن يتولى قضاة النيابة والتحقيق القيام بهذا الاستجواب للمحافظة على قواعد الحصانة.
بعد أيام من هذه الحادثة، اكتشف غبالي أن هناك مذكرة بحث وتحرٍّ صدرت بحقه بعد مغادرته المخفر، فسارع مجدداً إلى التواصل مع نقابة المحامين، التي تواصلت بدورها مع القاضية أبو علوان. رفضت الأخيرة طلب النقابة تطبيق التعميم واستجواب غبالي من قبلها. من هنا جاءت دعوة نقابة المحامين إلى توقف المحامين ساعة عن العمل في قصور العدل، وعقد نقيب المحامين أنطونيو الهاشم مؤتمراً صحافياً، تلا خلاله نص التعميم، وأشار إلى مخالفة المحامية العامة الاستئنافية له.
المفارقة أن القاضية نفسها، عُرضت عليها منذ فترة قصيرة حالة مماثلة، وقامت بنفسها بالاستماع إلى إفادة المحامية س.س. على خلفية إشكال عائلي، التزاماً بمضمون التعميم، بحسب ما شرح محامون شاركوا في المؤتمر.
مفوض قصر العدل في نقابة المحامين ناضر كاسبار، يشير في حديث مع "الأخبار" إلى أن المحامية العامة في جبل لبنان "مصرة على حضور زميلنا إلى المخفر لتستمع الضابطة العدلية إلى إفادته"، فيما تطالب النقابة بالتزام التعميم 31 الساري المفعول حتى اليوم، "فلم يقم أي مدعٍ عام تمييزي طوال السنوات الفائتة بإصدار تعميم يلغي مفاعيل هذا التعميم"، وهذا ما أكده أكثر من نقيب سابق للنقابة تواصلت معهم "الأخبار". يلفت كاسبار إلى أن "النقابة أبقت اجتماعاتها مفتوحة، وقد تصعّد في موقفها إن لم تحل هذه القضية".
مصادر قضائية تروي لـ "الأخبار" أن المتهم بالاعتداء على غبالي هو شقيق قاضية.
تشير مصادر مقرّبة من النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم، إلى أنه يرى أن "لا شيء قانوناً يلزمه التزام التعميم المذكور"، وتشرح المصادر أن القاضي كرم يشكو من نقص في عدد المحامين العامين ومعاونيهم، وبالتالي لا يستطيع أن يخصص أحدهم للاستماع إلى إفادة المحامي.
لم يصدر مجلس القضاء الأعلى أي موقف بهذا الشأن بعد، إلا أن "الأخبار" علمت أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، تواصل أمس مع نقيب المحامين، ومن المتوقع أن يلتقي فهد صباح اليوم أعضاء مجلس النقابة بهدف إيجاد حل لهذه المسألة.