صنعاء | كشف المتحدث باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، السبت الماضي، تفاصيل عمليّة عسكرية جديدة في جبهات جنوب مأرب، أُطلق عليها اسم «عملية النّصر المبين الثالثة». هذه العمليّة التي شاركت فيها نخبة من مقاتلي الجيش اليمني و «اللجان الشعبية»، وإلى جانبهم مجموعة من أبناء قبائل مراد، أدّت إلى تحرير مديريتَي ماهلية ورحبة بمساحة إجمالية قُدّرت بحوالي 1200 كيلو متر مربع، على رغم تدخّل طيران التحالف السعودي - الإماراتي بأكثر من 484 غارة جويّة في محاولة لإيقاف ذلك التقدّم. وتنطوي المرحلة الثالثة من «النصر المبين» على عدّة دلالات، تشي بها المشاركة الفاعلة للمقاتلين القبليّين في المعركة، كردّ فعل على محاولات قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، إفشال اتّفاقات سبق لزعماء هؤلاء أن أبرموها مع صنعاء لتحييد مناطقهم، وقيام «التحالف» بتحريك الموالين له من القبائل لتفجير الوضع عسكرياً في جبهات رحبة وجبل مراد وماهلية مطلع تموز الفائت، بإغرائه إيّاهم بملايين الريالات، قبل أن يتخلّى عنهم عندما انكسرت جبهتهم، ويتّهمهم بالخيانة وتسليم المديريّتين. كذلك، عكست العملية تفوّق القوات البرّية التابعة لحركة «أنصار الله»، وتمكّنها من تغيير أصعب المعادلات العسكرية على الأرض، كون «عملية النصر المبين الثالثة» جرت في مناطق جبلية ذات تضاريس معقّدة.
أنقر على الصورة لتكبيرها

واللّافت في تفاصيل العملية الأخيرة هو الاستماتة السعودية في الحيلولة دون نجاحها، الأمر الذي يعكس مخاوف الرياض من ما بعد تحرير رحبة وماهلية، كون المديريّتَين تُعدّان من مديريات طوق مأرب التي كانت قوات هادي تستخدمها بين فترة وأخرى لتخفيف الضغط على جبهات تخوم المدينة وتأخير الحسم. فعلى سبيل المقارنة، لم يتجاوز عدد الغارات التي شنّها الطيران الحربي السعودي في المرحلة الثانية من «النصر المبين» التي جرت أواخر تموز الفائت واستمرّت عدّة أيام، الـ67 غارة، فيما استطاع الجيش و«اللّجان» من خلالها تحرير مديريّتَي نعمان وناطع في محافظة البيضاء، بما يعادل الـ380 كلم مربعاً. وممّا يبزر أيضاً كشف العميد سريع، في إيجازه الصحافي، عن اغتنام أسلحة أميركية تحمل شعار «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)» كانت بحوزة الفصائل الموالية لـ«التحالف» في محافظة مأرب. ووفقاً لما نشره مركز «الإعلام الحربي» التابع لوزارة الدفاع في صنعاء، الأحد الماضي، بالصوت والصورة، فقد عُثر على مخزن سلاح يحتوي على كمّيات من المتفجّرات والقذائف، قُدّمت على الأرجح إلى عناصر تنظيم «القاعدة» على شكل مساعدات إنسانية، وسبق لقوات صنعاء أن عثرت على ما يماثلها خلال معركتها مع تنظيمَي «القاعدة» و«داعش» في مديرية الصومعة في البيضاء في شهر تموز 2020.
حرّرت عمليات «النصر المبين» حتى الآن ستّ مديريات مهمّة أربع منها في البيضاء واثنتان جنوب مأرب


حرّرت عمليات «النصر المبين»، حتى الآن، ستّ مديريات مهمّة - أربع منها في إطار محافظة البيضاء، واثنتان جنوب محافظة مأرب -، كانت تراهن عليها السعودية لإحداث اختراق عسكري كبير، وإبعاد الخطر عن تخوم مدينة مأرب، وفتْح مسارات جديدة للمعركة. ووفقاً لمراقبين في صنعاء، فإن التقدّم الكبير للجيش و«اللّجان» في جبهات جنوب مأرب وجنوب شرقها في العمليّة الأخيرة، ينقل المعركة إلى آخر مديريّات المحيط، ويحوّل مديريتَي حريب والجوبة وما تبقّى من جبل مراد مسرحاً لعمليات المرحلة الرابعة من «النصر المبين»، وهو ما يعني وضع قوات هادي والميليشيات التي تقاتل إلى جانبها أمام خيار الانسحاب من المنفذ الشمالي للمحافظة. وبدأت عمليات «النصر المبين»، مطلع تموز الماضي، في مديريتَي الزاهر والصومعة في البيضاء، وشاركت فيها من الجهة المقابلة عناصر «القاعدة» بكثافة بإسناد سعودي، وانتهت إلى تحرير 100 كلم في المديريّتين، وذلك عقب قيام قوات هادي أواخر حزيران الفائت، بإحداث خرق عسكري في الزاهر، ومحاولتها نقل المعركة إلى قلب محافظة البيضاء التي تربطها حدود إدارية مع سبع محافظات منها ذمار وصنعاء ومأرب. واعترفت قوات هادي، بطريقة غير مباشرة، بالهزيمة الأخيرة، فيما سارعت قيادات محسوبة على حزب «الإصلاح» إلى اتهام خصوم الحزب الموالين لـ«التحالف» بتسليم جبهة ماهلية. وكما في أعقاب كلّ انتكاسة عسكرية، تعود حكومة هادي إلى توظيف الملفّ الإنساني في محاولة منْع سقوط مركز المحافظة. وعلى الأرض، اشتدّت المواجهات في الجبهتَين الغربية والشمالية الغربية، خصوصاً في منطقة القاعد الأسفل القريبة من أوّل مناطق مديرية الوادي التي تقع مدينة مأرب في نطاقها، وفق ما أفادت به مصادر قبلية «الأخبار»، مشيرة إلى أن «قوات هادي تستميت في محاولة إعاقة أيّ تقدّم صوب المدينة».