درعا | لم تنجح محاولات «اللجنة المركزية» المفاوِضة باسم المسلّحين في درعا، بإعادة تعويم نفسها كطرفٍ يفرض كلمته على المجموعات المسلّحة في درعا البلد، بعدما انهالت عليها الاتهامات من كلا الطرفين: الحكومة السورية، والمجموعات الرافضة للتسوية. وجاء فشل «المركزية» على خلفية عدم الوفاء بالتزاماتها - من وجهة نظر المسلّحين - بالكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين، وعدم نجاحها في إلزام «اللجنة الأمنية» الحكومية بعدد محدّد من نقاط الانتشار في مركز درعا البلد ومحيطها. ومن جهتها، تعتبر الحكومة السورية أن «المركزية» نكثَت بعهودها، ولم تتمكّن من إقناع المسلّحين بتسليم سلاحهم المتوسط، والكشف عن مخابئ قذائف الهاون والصواريخ المحلية الصنع، والسيارات الرباعية الدفع المزوّدة بالرشاشات الثقيلة. بهذا، عادت الأجواء في درعا إلى ما كانت عليه قبل إنجاز أيٍّ من الاتفاقات المتعثّرة، إذ عاد الجيش السوري، بعد فشل الاتفاق الأخير، إلى استهداف مواقع المسلّحين في أحياء طريق السدّ والمخيم ومحاور درعا البلد، إيذاناً بالعودة إلى الخيار العسكري بفعل مماطلة «اللجنة المركزية»، ومن خلفها المجموعات الرافضة للتسوية. وفي تفاصيل ما جرى في اليوم الثاني من أيّام تطبيق الاتفاق الأخير، بدا المشهد معاكساً لليوم الأوّل؛ فكان على الإعلاميين الانتظار طويلاً في مركز التسوية في حيّ الأربعين، وعلى معبر «الجمرك القديم»، برفقة حافلات كان من المقرّر أن تُقلّ المسلّحين إلى الشمال، حيث الوجهة التي طلبتها «اللجنة المركزية»، ولاقت رفضاً من زعماء المجموعات المسلحة. وتوازياً، وقع الخلاف حول 45 مطلوباً لم تُقبل تسوية أوضاعهم من قِبَل الأجهزة الأمنية التي لم تمنحهم خياراً سوى الرحيل شمالاً، وهو ما تذرّع به المسلّحون لفضّ الاتفاق. وأعلن مسلّحو جبهتَي المخيم وطريق السدّ، أن الاتفاق الذي يجري تنفيذه «لا يعنيهم»، لينسفوا بذلك 23 اجتماعاً على الأقل، وثلاثة اتفاقات «هشّة»، وليخرج بعدها المتزعّم، محمد المسالمة، الملقّب بـ«الهفو»، مطالباً بـ«الثبات والجهاد»، وداعياً الأرياف الشرقية والغربية إلى النفير العام في معركة «نكون (فيها) أو لا نكون».
عادت الأجواء في درعا إلى ما كانت عليه قبل إنجاز أيٍّ من الاتفاقات المتعثّرة


إزاء ما تقدَّم، ومع انقضاء مهلة التنفيذ، ستُفرض وقائع جديدة على الطاولة، بحسب مصدر في «اللجنة المركزية»، قال، لـ«الأخبار»، إن «الأيّام المقبلة ستشهد مزيداً من الساعات العصيبة، مع عودة احتمالات التصعيد، بسبب ما جرى أخيراً في حيّ الأربعين في درعا البلد، ونظراً إلى عدم إبداء بعض المفاوضين من الطرفين أيّ مرونة». وعلى وقع التوتّر المتصاعد في المحافظة الجنوبية، برزت استغاثة مسلّحي درعا البلد بالملك الأردني، عبد الله الثاني، فيما يُتوقَّع ألّا تلقى آذاناً صاغية، ولا سيما أن عمّان باتت تتمسّك بضرورة التعاون مع دمشق، لما يحقّقه لها من مصالح، يأتي في مقدِّمها الحدّ من وطأة الأزمة الاقتصادية، فضلاً عن ملفّ تأمين الأراضي الشمالية من احتمال تحوُّل بعض مناطقها إلى بؤر تتمركز فيها فصائل متشدّدة.