لا توسعة لمطار القامشلي، ولا غرفة عمليات عسكرية روسيّة فيه. هذا ما تؤكده مصادر سورية معنية في محافظة الحسكة. إذ رغم الحضور الأميركي الواضح في مناطق سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية وتجهيز واشنطن مطار أبو حجر الزراعي ليكون مطاراً عسكرياً (كشفت «الأخبار» عنه في 4 كانون الأول الماضي)، لا تعمل موسكو على منافسة واشنطن في المنطقة على نحو مباشر.
فالضباط والفنيون الروس يزورون الحسكة والقامشلي «للاطلاع على الواقع الميداني فيهما، ووجودهم الحالي لا يتعدى الجولات الاستطلاعية ولقاءات تقريب وجهات النظر مع الجانب الكردي»، حسب المصادر.
الحضور في حجمه الحالي وتجهيز مساكن لـ«الزوار» شبه الدائمين في مطار القامشلي لم يتحوّل بعد إلى وجود رسمي، والقاعدة العسكرية في شمال شرق سوريا ليست من الأولويات حالياً، وإن كان مطارات ككويريس في حلب الشرقي والشعيرات والـ«تي فور» في ريف حمص الشرقي لها الأولوية إذا قرّر الروس استخدام قواعد إضافية لمطار حميميم في اللاذقية. وقد يكون تعبير المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف بأنّ «تحليق طائراتنا حتى في اتجاه الموقع الأبعد في سوريا يستغرق نحو ثلاثين دقيقة، لذا من يتحدثون عن قاعدة روسية قرب الحدود التركية جاهلون تماماً»، ذا دلالة في هذا المجال.
الزيارات الروسيّة لمحافظة الحسكة قديمة

وتفيد المصادر ذاتها بأنّ الطائرات العسكرية السورية (من نوع «ميغ 21») التي حطّت في مطار القامشلي المدني، منذ شهرين، وكثافة حركتها الجوية أخيراً، دفع متابعون إلى الحديث عن وجود روسي في المدينة وتحويل مطارها إلى قاعدة عسكرية، إلّا أنّ «الطائرات الثلاث كانت في مطار دير الزور العسكري، وتعمل من القامشلي لتؤازر القوات السورية في مواجهة هجمات تنظيم داعش وضرب خطوط إمداده، لأن استخدام مطار الدير متعذّر»، حسب المصادر.
كذلك إنّ الزيارات الروسيّة للمحافظة قديمة وتعود إلى مطلع كانون الأول الفائت، وجاءت إثر سلسلة لقاءات روسية ـ كردية في اللاذقية ودمشق («الأخبار» العدد ٢٧٠٩، ٧ تشرين الأول ٢٠١٥).
فبداية الشهر الماضي زار جنرال روسي برفقة أربعة ضباط مدينة القامشلي والتقى بمسؤولين أكراد مرتين، الأولى في القامشلي والثانية في مدينة رميلان، تلتها جولات استطلاعية على نقاط «وحدات حماية الشعب» الكردية في الحسكة، بالإضافة إلى مواقع الجيش في ريفي الحسكة والقامشلي.
مصادر مطلعة أكدت لـ«الأخبار» أنّ اللقاءات الروسية - الكردية لا تزال في إطار التشاور، ولا اتفاق على تعاون رسمي بين الطرفين». والتعاون لا يزال في إطار المساعدات اللوجستية وكمية من الذخائر قدمها الروس الشهر الماضي.
مصادر أخرى كشفت لـ«الأخبار» أنّ «الأكراد متمسكون بالتنسيق والتحالف الوثيق مع الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى مطالبة موسكو بالاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتيّة بكافة مؤسساتها، وفرض الأكراد المنضوين ضمن قوات سورية الديمقراطية كأحد أعمدة الحوار مع الحكومة السورية في أي مفاوضات مستقبلية بين المعارضة والحكومة».
كذلك، قالت مصادر كردية لـ«الأخبار» إنهم «(الأكراد) طلبوا نصب رادارات روسيّة على مدن الشريط الحدودي، وتحديداً في منطقة عين ديوار عند المثلث السوري - التركي - العراقي، لمنع الطائرات التركية من اختراق أجواء منطقة الإدارة الذاتية».
المعطيات إذاً، تفيد بأنّ النقاشات واللقاءات بين الروس والاكراد لم تتعدّ المربع الأول، إلّا أن موسكو بادرت أخيراً إلى عرض المساعدة على تحرير مدينة جرابلس من سيطرة «داعش» (تقع جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي، مباشرة على الحدود التركية، وعلى الضفة الغربية لنهر الفرات. وتُعد الزاوية الشمالية الشرقية لـ«المنطقة الآمنة» التي تطالب بها تركيا داخل الأراضي السورية) من خلال تأمين غطاء جوي لـ«قوات سورية الديمقراطية». لكن لم تتوافر معلومات عن توصل الطرفين إلى اتفاق بهذا الشأن.
الناطق الرسمي باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية، ريدور خليل، وبعد لقاءات متكررة مع الرّوس في دمشق واللاذقية، وصل منذ ثلاثة أيام إلى موسكو لبحث مشاركة قوات «سوريا الديمقراطية» في مؤتمر جنيف، والحصول على دعم لهذا المطلب.

مطار ومهابط
المحادثات «الشفوية» الروسية ــ الكردية متواصلة في وقت اقتربت فيه واشنطن من إنهاء عمليات تأهيل مطار ابو حجر الزراعي جنوب شرق مدينة رميلان في ريف الحسكة (أقصى الشمال الشرقي السوري، قرب الحدود العراقية)، ليكون مطاراً عسكرياً أميركياً في المنطقة، («الأخبار» العدد ٢٧٥٧، الجمعة ٤ كانون الأول ٢٠١٥). ويوجد نحو 100 أميركي بين ضابط وخبير وجندي في مدينتي رميلان وعين العرب (كوباني)، لتنسيق العمليات الجوية لطائرات «التحالف» دعماً لـ«قوات سورية الديمقراطية»، وذراعها الرئيسي «الوحدات» الكردية. إلى ذلك، تؤكد مصادر متقاطعة أنّ الأميركيين زاروا مهبطين للمروحيات في قريتي الكاظمية وخراب الجير في ريفي المالكية واليعربية الحدوديتين لاستخدامهما.