داخلياً، بات الاستحقاق الرئاسي رهينة لاءات ثلاث. حزب الله يرفض قرار تيار المستقبل تسمية رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة والحصول على قانون انتخابي وتفرّد بالسلطة. تيار المستقبل يرفض مطلقاً وصول العماد ميشال عون إلى بعبدا. أما عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع فيرفضان أي تجاوز لصفتهما التمثيلية، كونهما يقدّمان تحالفهما المستجد كممثل "شرعيّ وأول" لأكثرية المسيحيين.وكل واحدة من الكتل تراهن على عامل الوقت لجر الآخرين إلى خيارها. لكن الصراع الإقليمي يزداد سخونة يوماً بعد آخر، مع ما يعنيه من ارتفاع منسوب الحدة في الانقسامات اللبنانية. رغم ذلك، تستمر القوى الداخلية في "تقطيع الوقت" ببعض المشاورات، وبسجال سياسي، سرعان ما تمحى آثاره متى حان موعد التسوية.
وعلمت "الأخبار" أن رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع كثف في عطلة الأسبوع اتصالاته محلياً وإقليمياً في إطار حملة "تسويق ودعم" لمرشحه الى رئاسة الجمهورية، العماد عون. وسيواصل جعجع لقاءاته واتصالاته الدبلوماسية وحركة إعلامية عربية مواكبة لإطلاقه عملية ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح.
وفي وقت لا تزال فيه الأجواء بين القوات وتيار المستقبل على حالها من التشنج نتيجة تمسك الطرفين بمرشحيهما، سجل اتصال من عون بالرئيس سعد الحريري الذي أجرى بدوره اتصالاً برئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، علماً بأن الحريري قام بالخطوة ذاتها حين اتصل به جعجع غداة لقاء باريس بين الحريري ورئيس تيار المردة، للاستفسار منه عن فحوى اللقاء وجدية الترشيح، وبادر الحريري حينها الى الاتصال بفرنجية.
واشنطن للوفد النيابي: أهلا وسهلاً لكن لا مجال لمناقشة العقوبات

وكان لافتاً أمس عدم مبادرة تيار المردة إلى نفي المعلومات التي جرى تناقلها عن لسان فرنجية. وتنسب هذه المعلومات إلى فرنجية قوله إنه لن يتراجع عن ترشحه إلى الرئاسة حتى لو طلب منه ذلك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس السوري بشار الأسد. وقالت مصادر سياسية "وسطية" لـ"الأخبار" إن ما نُسِب إلى فرنجية "صحيح، وقال أكثر من ذلك"، فيما قالت مصادر في تيار المستقبل إن فرنجية أبلغ هذا الموقف إلى الرئيس الحريري.
في السياق عينه، شنّ مناصرو القوات والتيار الوطني الحر ومستقلون هجوماً شديداً على النائب سامي الجميل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد مؤتمره الصحافي الأخير الذي تناول فيه إقدام جعجع على ترشيح عون. وبلغت الحملة حداً قاسياً استدعى من الجميل التدخل، طالباً من مناصريه عدم الانجرار الى السجالات والتزام النقاش الهادئ. ولفتت مصادر سياسية إلى أن التواصل بين الحريري والجميل متقدّم، وأن رئيس المستقبل يسعى إلى ضم الجميل إلى معسكر داعمي ترشيح فرنجية.
وفي الملف الحكومي، أكّدت مصادر الرئيس نبيه بري وجود "ملامح اتفاق" يسمح بتفعيل عمل مجلس الوزراء من باب التعيينات الأمنية. وأشارت إلى أن الخطة المقترحة للحل تقضي بأن يقدّم وزير الدفاع سمير مقبل اقتراحات بثلاثة أسماء ضباط مرشحين لشغل كل من المواقع الشاغرة في المجلس العسكري للجيش، على أن تتضمّن مقترحات مقبل الأسماء التي قدّمها عون إلى المجلس العسكري. وفيما توقّعت مصادر كل من بري وتيار المستقبل التوصل إلى اتفاق قبل موعد الجلسة الخميس المقبل، لفتت مصادر وزارية "وسطية" إلى أن اتفاقاً مماثلاً دونه صعوبات. ومن المتوقع أن يُضاف إلى عنوان التوتر في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، اقتراح وزير العدل أشرف ريفي إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة على المجلس العدلي. ورغم أن القوى السياسية المعارضة لهذا الاقتراح لم تعلن موقفها منه بعد، فإن النقاش حوله سيأخذ منحى قانونياً، بسبب القاعدة التي تنص على عدم جواز محاكمة أي متهم مرتين على جرم واحد.
على صعيد آخر، وفيما انطلق إلى العاصمة الأميركية واشنطن وفد مصرفي للبحث مع السلطات الأميركية في تداعيات قانون العقوبات الأخير الذي أصدره الكونغرس بحق من يشتبه في تأييدهم حزب الله، علمت "الأخبار" أن اللجنة النيابية التي يزمع تأليفها للهدف ذاته، لكن في النصف الثاني من شباط، تواجه اعتراضاً أميركياً. وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن الجانب الأميركي أبلغ "وسطاء" بأن أي وفد نيابي مرحّب فيه في واشنطن، لكن بشرط عدم التطرق إلى قضية العقوبات على الحزب. ويجري التواصل مع السفارة الأميركية في عوكر لمحاولة تذليل هذه العقبة.
وفيما استمر تيار المستقبل في ابتزاز اللبنانيين من خلال الترويج للدعوات الخليجية لمعاقبة لبنان ومواطنيه على خلفية موقف حزب الله من النظام السعودي، وبسبب موقف وزارة الخارجية النائي بلبنان عن الحملة السعودية على إيران، أعلنت وزارة الخارجية أمس أن بعثتها في البحرين "وافقت على البيان العربي ــ الهندي الذي حصر الموضوع الإيراني ــــ السعودي بنقطتَي إدانة الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى عدم تدخل إيران في الشؤون الداخلية للدول العربية، من دون أي نقاط أخرى متعلقة بسوريا والإرهاب والسياسات الداخلية للدول العربية وغيرها من النقاط، ما حتّم الموافقة اللبنانية دون النأي بلبنان عن هذا الموضوع". ورأت الوزارة أن "هذا برهان إضافي على انسجام السياسة الخارجية مع البيان الوزاري ومع سياسة حكومة الوحدة الوطنية ومنطقية مواقف الخارجية، بما يؤمن الإجماع العربي من دون المساس بالوحدة الوطنية".