صنعاء | بعد رفض السعودية مبادرة وقف الهجمات الجوية المتبادلة بين صنعاء والرياض خلال مشاورات مسقط الشهر الماضي، دشّنت صنعاء، أخيراً، مرحلة جديدة من تلك الهجمات، ضدّ أهداف اقتصادية وعسكرية سعودية. ومنذ مطلع الشهر الجاري، تصاعَدت العمليات الجوية اليمنية ضدّ أهداف سعودية، من واحدة أسبوعياً الشهر الفائت، إلى أربعٍ أسبوعياً، وبواقع عملية كلّ 58 ساعة، ليصل عدد العمليات التي نَفّذتها القوة الصاروخية وسلاح الجوّ المُسيّر منذ مطلع نيسان/ أبريل حتى أمس الاثنين، إلى 10، استُخدمت فيها عدّة أنواع من الصواريخ الباليستية المُطوَّرة محلياً كـ»بدر» و»سعير»، والمسيّرات اليمنية الصنع كـ»صماد 3» و»قاصف 2k». وطالت الضربات الأخيرة قاعدة الملك خالد الجوية في منطقة خميس مشيط جنوب المملكة، وشركة «أرامكو» في جيزان ومطار جيزان الدولي، كما امتدّت إلى مطار أبها الدولي ومواقع حسّاسة في العاصمة السعودية. وكانت من أبرز تلك العمليات «عملية الثلاثين من شعبان»، التي نُفّذت بـ 17 طائرة مسيّرة وصاروخ باليستي، واستهدفت مصافي شركة «أرامكو» في منطقتَي جدة والجبيل بعشر طائرات مسيّرة من نوع «صماد 3» الطويلة المدى، ومواقع عسكرية أخرى في منطقتَي خميس مشيط وجيزان جنوب المملكة (وصفتها قوات صنعاء على لسان المتحدّث باسمها العميد يحيى سريع بـ»الحساسة») بصاروخين باليستيّين من نوع «بدر 1» وخمس طائرات مُسيّرة من نوع «قاصف 2k». وفي أعقاب تلك العملية التي نُفّذت في 12 نيسان بثلاثة أيام فقط، نَفّذت قوات صنعاء عملية جوية واسعة أطلق عليها «عملية 15 أبريل»، ضدّ شركة «أرامكو» وأهداف أخرى، بسبعة صواريخ باليستية من نوعَي «بدر» و»سعير» وخمس طائرات مسيّرة من طراز «قاصف 2k»، وهو ما أدى إلى اشتعال حرائق كبيرة في خزانات «أرامكو» في جيزان، وفق ما أظهرته مقاطع فيديو تداولها ناشطون سعوديون عقب الهجوم. والجدير ذكره أن من بين الأهداف التي طالتها هذه العملية مخازن وقواعد «الباتريوت» في جيزان بأربع طائرات من نوعَي «صماد 3» و»قاصف 2k»، زُوّدت بتقنيات لا تكتشفها الرادارات والمنظومات الأخرى الاعتراضية، وتستطيع حمل كمّية كبيرة من المتفجّرات وإحداث انفجار هائل حال الوصول إلى الهدف.
سبق لحركة «أنصار الله» أن قدّمت العديد من المبادرات لوقف التصعيد الجوي المتبادل بينها وبين الرياض


وجاءت هاتان العمليّتان بعد أيّام من تدشين صنعاء «العام السابع» بعملية جوية واسعة في العمق السعودي، عشية ذكرى العدوان السعودي ــــ الإماراتي على اليمن، أطلقت عليها «عملية اليوم الوطني للصمود»، واستخدمت فيها 26 صاروخاً باليستياً و18 طائرة مسيّرة، مستهدفةً مقارّ شركة «أرامكو» في رأس تنورة الواقعة على بعد 1220 كلم من الحدود اليمنية، وكذلك مصافي «أرامكو» في منطقة رابغ النفطية في الظهران، ومنشآت الشركة في منطقة ينبع، وعدد من المواقع العسكرية السعودية الحسّاسة في الدمام. وتوعّدت وزارة الدفاع في صنعاء، في البيان الصادر عنها عقب تلك العملية، بتنفيذ عمليات عسكرية أشدّ وأقسى خلال العام السابع.
وكانت قوات صنعاء، التي هدّدت على لسان العميد سريع مطلع العام الجاري باستهداف عشرة أهداف سعودية في غضون 24 ساعة، قد توعّدت الرياض، أكثر من مرّة، بتصعيد كبير في حال استمرار العدوان والحصار، مؤكّدة تعاظم قدراتها العسكرية الجوية، واتّساع بنك أهدافها ليشمل 300 هدف عسكري واقتصادي، أضيفت إليها خلال الأيام الماضية عشرة أهداف سعودية حسّاسة جديدة، وفق مصادر مطّلعة في صنعاء. والجدير ذكره، هنا، أن المصالح الاقتصادية للمملكة، وعلى رأسها شركة «أرامكو» (عملاق النفط السعودي)، باتت على رأس أولويات بنك الأهداف اليمني خلال العام الجاري.
وسبق لحركة «أنصار الله» أن قدّمت العديد من المبادرات لوقف التصعيد الجوي المتبادل بينها وبين الرياض، وذلك بعدما فشلت الأمم المتحدة في تحقيق تقدُّم في مسار السلام خلال السنوات الماضية. وكانت من أبرز تلك المبادرات مبادرة رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط، التي أطلقها عشية الذكرى الخامسة لـ»ثورة سبتمبر» عام 2019. وعلى رغم تقبُّل السعودية للمبادرة بعد أسبوعين من إعلانها، وتوجُّهها نحو فتح خطوط تواصل مع صنعاء عبر دائرة تلفزيونية خلال الربع الأخير من العام نفسه، تحت تأثير نكسة كتاف في محافظة صعدة، والتي فقدت فيها الرياض ألوية عسكرية بكامل عدادها وعتادها، إلّا أنها عادت وتنصّلت من التزاماتها أثناء سقوط جبهات نهم الموالية للتحالف السعودي ــــ الإماراتي مطلع عام 2020. ومع أن مقترح وقف التصعيد الجوي كان من ضمن المقترحات التي حملها المبعوثان، الأممي مارتن غريفيث والأميركي تيم ليندر كينغ، الشهر الماضي من العاصمة العُمانية مسقط إلى الرياض، بعدما وافق عليها وفد صنعاء المفاوض، لكن الجانب السعودي تهرّب من مناقشة المقترح المذكور وتمسّك بمبادرته المعلَنة منتصف الشهر الماضي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا