صنعاء | تقدُّمٌ عسكري جديد أحرزه الجيش اليمني و"اللجان الشعبية"، خلال الساعات الـ48 الماضية، عند التخوم الشمالية الغربية لمدينة مأرب، بالتزامن مع تقدُّم مماثل نَقَل المعارك إلى مشارف المدينة، وأفقد قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، والميليشيات الموالية لها، عدداً من المناطق الاستراتيجية في جبهات غرب مأرب، وسحَب منها زمام التحكُّم في مسارات المعركة في أكثر من محور، إذ إن عدداً كبيراً من الحاميات العسكرية القريبة من قاعدة "صحن الجنّ" العسكرية، الواقعة في الأطراف الغربية لمركز المحافظة، سقطت تحت سيطرة قوات صنعاء، خلال مواجهات عنيفة في جبهة شرق الكسارة وجبهة إيدات الراء. وانتهت مواجهات أمس، والتي شارك فيها سلاح الطيران السعودي بأكثر من 20 غارة، بسقوط مواقع جديدة في جبهة الكسارة، كما تَمكّن خلالها الجيش و"اللجان" من السيطرة على تِباب "الفجوة" و"الحراملة" و"السيطرة" الاستراتيجية. وتزامن هذا التقدُّم مع تطوُّرات مماثلة في الجبهة الغربية لمدينة مأرب، بسقوط أكثر من 70% من منطقة إيدات الراء تحت سيطرة قوات صنعاء، التي سيطرت أيضاً على منطقتَي حمّة الذئاب والحمّة الحمراء الواقعتَين شمال غرب مركز المحافظة، والقريبتَين من طريق مأرب - الجوف. وفي موازاة ذلك، اشتدّت المعارك في محيط الطلعة الحمراء الاستراتيجية، حيث وقَع العشرات من عناصر قوات هادي تحت حصار الجيش و"اللجان" جنوب الطلعة، فيما احتدمت المواجهات مع ميليشيات سلفية قادمة من محافظة أبين في جبهتَي البلقَين الأوسط والقِبْلي جنوب غرب مدينة مأرب خلال الساعات الماضية، وهو ما انسحب على الجبهة الشمالية، حيث سَجّلت قوات صنعاء تقدُّماً إضافياً في جبهة رغوان، وازاه تراجُع حدّة المعارك في جبهات مراد والعلم في جنوب المدينة وشمالها.
سقط أكثر من 70% من منطقة إيدات الراء تحت سيطرة قوات صنعاء

ومَكّنت تلك التطوُّرات، الجيش و"اللجان"، من نقل المعركة إلى مناطق قريبة من "صحن الجنّ"، ومن الاقتراب من جبال الخشب المطلّة على القاعدة العسكرية ومعسكرات مستحدثة تابعة لميليشيات حزب "الإصلاح". ووفقاً لمصادر قبلية في مأرب، فإن "قوات هادي والميليشيات المساندة لها انسحبت إلى محيط مخيّمَي إيدات الراء والسويداء الواقعَين بالقرب من الحمّة الحمراء بعد سقوطها مساء الأحد، وهو ما عَرّض حياة النازحين للخطر". وأضافت المصادر، في حديث إلى "الأخبار"، أن "قوات هادي وميليشيات الإصلاح منَعت النازحين في مخيّم إيدات الراء من النزوح إلى مناطق آمنة شرق المدينة"، موضحةً أن "نقطة الميل أو ما تُسمّى بنقطة الضرائب الواقعة شمال غرب مدينة مأرب منعت العشرات من الأسر النازحة من الخروج من المخيّم، وأعادتها بالقوة إلى المنطقة التي بينها وبين نقطة الشرطة"، لافتةً إلى "رصد اشتباكات بين أفراد النقطة والنازحين صباح الأحد، بعد رفض النازحين العودة واتهامهم تلك القوات بتحويلهم إلى دروع بشرية، إثر اقتراب المواجهات من المخيّم".
وحذّر محافظ مأرب المُعيَّن من قِبَل سلطات صنعاء، علي محمد طعيمان، قوات هادي وميليشيات "الإصلاح" من استخدام النازحين في أطراف المدينة كدروع بشرية. وأكد طعيمان، في تصريح صحافي أمس، أن "قوى العدوان رفضت السماح للنازحين بالانتقال إلى مناطق أكثر أماناً وبعيدة عن المواجهات، في محاولة يائسة للمتاجرة بمعاناتهم واستغلالهم كورقة ضغط إنسانية لوقف تَقدُّم الجيش واللجان الشعبية". وأشار إلى أن "صنعاء حرصت منذ بدء عملياتها العسكرية على تجنيب المدنيين، بِمَن فيهم النازحون، ويلات الحرب والاستهداف"، مُتّهماً "قوى العدوان باستحداث مرابض للمدفعية بجوار بعض مخيّمات النازحين". وكشف أن "هناك توجيهات سعودية بمنع نقل النازحين من المخيّمات الواقعة في الأطراف الغربية والشمالية للمحافظة"، معتبراً أن "تلك التوجيهات تكشف عن نيّات سيّئة لدى قوى العدوان في استهداف النازحين وإلصاق التهمة بالجيش واللجان لإثارة الرأي العام المحلّي والدولي".
وتزامنت تطوُّرات الساعات الماضية مع فشل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إرساء وقف لإطلاق النار في مختلف الجبهات، ورفْض حكومة هادي مقترحات حَمَلها المبعوثان الأممي مارتن غريفيث، والأميركي تيم ليندركينغ، إلى الجانب السعودي، بالإفراج عن سفن المشتقّات النفطية، والسماح بوصولها إلى ميناء الحديدة، وفتْح مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية المدنية من دون قيود، كخطوات "حسن نيّة" قبل الدخول في مفاوضات قد تفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار في البلاد. وطالبت حكومة هادي، في المقابل، بوقف التقدُّم في محيط مدينة مأرب، واتّهمت حكومة صنعاء بـ"عدم الجدّية"، كما عمدت إلى التصعيد في جبهات الكسارة التي لا تزال تتمركز في أطرافها، ليقابِل الجيش و"اللجان" التصعيد بالتصعيد.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا