غزة | بعد ثلاث جولات لانتخاب قائدٍ لحركة «حماس» في قطاع غزة، لم ينجح فيها أيٌّ من المرشّحَين المتنافسَين الرئيسَين في الحصول على 50+1 من أصوات أعضاء مجلس شورى الحركة، قرّر الأخير تأجيل عملية الانتخاب إلى يوم أمس، حتى يتسنّى إجراء تعديل على النظام الداخلي، الذي لم يسمح لكلّ من قائد «حماس» الحالي في القطاع يحيى السنوار، ومنافِسه الأقوى نزار عوض الله، في حسم المعركة. وتُجري «حماس»، منذ الثامن عشر من شباط/ فبراير، جولات انتخابية لاختيار قيادتها في مختلف المناطق، وأبرزها غزة، حيث ثقلها الأكبر، إلّا أن المرحلة الخامسة من الانتخابات ظلّت مفتوحة حتى مساء الأربعاء. ومن هنا، أجرى مجلس شورى الحركة تعديلاً على النظام الداخلي يسمح باختيار قائد على أساس حيازة أعلى الأصوات في الجولة الثانية، في حال الفشل في الحصول على الـ50+1 في الجولة الأولى. وعلى هذا الأساس، أُجريت الانتخابات مجدّداً في اليوم نفسه، وصَوّت خلالها 320 شخصاً هم أعضاء مجالس الشورى في مناطق غزة الـ7، بِمَن فيهم النساء اللواتي يُمثّلن 17% من أعضاء مجلس الشورى، ليفوز السنوار بـ167 صوتاً مقابل 154.
لا خلاف في إسرائيل على عدائية كلّ من السنوار وعوض الله لدولة الاحتلال

وتركّزت المنافسة، هذه المرّة، بين قائدَين كبيرَين في الحركة، هما يحيى السنوار الذي تقاربت الأصوات المؤيّدة له، في الجولات الثلاث الأولى، مع تلك التي أُعطيت للمهندس نزار عوض الله عضو المكتب السياسي لـ«حماس». إلا أن السنوار يحظى بدعم مطلق من الجناح العسكري للحركة والمنطقة الجنوبية للقطاع، خاصة بعد تعزيزه لهما في مواقع اتخاذ القرار خلال رئاسته الحركة في غزة على حساب الجناح الدعَوي ومنطقتَي غزة والشمال، فيما يتمتّع عوض الله بدعم الجناح الدعَوي التاريخي وغزة والشمال اللتين تُمثّلان الثقل الأكبر. وينحدر السنوار (59 عاماً) من مدينة عسقلان المحتلّة، ويُعدّ من مؤسّسي الجهازَين الأمني والعسكري لـ«حماس»، وسبق أن خاض تجربة الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي قبل أن يُفرَج عنه عام 2011 بموجب صفقة تبادل، كان يرأس وفدَ التفاوض فيها منافسُه نزار عوض الله، وإلى جانبه قائد الجناح العسكري السابق أحمد الجعبري الذي اغتالته إسرائيل عام 2012. أمّا عوض الله (63 عاماً)، فينحدر من قرية حمامة قرب عسقلان، ويشغل منصب عضو المكتب السياسي منذ أكثر من 20 عاماً، وكان مقرّباً من مؤسّس الحركة الشيخ أحمد ياسين. وعلى الرغم من كونه قيادياً سياسياً غير عسكري، إلا أنه يمتنع عن الظهور في الإعلام نظراً لقيادته مناصب مالية وإدارية حسّاسة.
وبخلاف المرّات السابقة، ووفق النظام الجديد للانتخابات، يختار رئيس «حماس» الفائز أعضاءَ المكتب السياسي في قطاع غزة بما يُمثّل المناطق الـ7، بالإضافة إلى الملفّات الأخرى، وممثّلي الجناحَين العسكري والأمني. وبعد ذلك، تبدأ الحركة، خلال أسابيع، اختيار رئيس المكتب السياسي وأعضائه بشكل عام، علماً أن المنافسة تنحصر هذه المرّة بين إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي الحالي، وسلفه خالد مشعل، فيما لا تزال حظوظ الرجلين متساوية، وبالتالي يبدو توقُّع هوية الرئيس أمراً صعباً، بحسب مصادر في «حماس». وفتحت الانتخابات الحالية داخل الحركة باب المطالبات بتغيير النظام الانتخابي، ليصبح على أساس المؤتمر العام، منعاً لوجود خلل أو تحالفات داخلية غير معلنة تؤثّر على نتائج الانتخابات، فيما طالبت قيادات أخرى بإفراد عضوية في المكتب السياسي لامرأة كجزء من متطلّبات مجاراة التطوُّر، وهو ما دعا إليه، تحديداً، القيادي يحيى موسى.
على الجانب الآخر، كانت دولة الاحتلال تراقب ما ستفضي إليه تلك الانتخابات، إلا أنه بدا أن ثمّة إجماعاً في الصحافة العبرية على عدائية السنوار وعوض الله، على السواء، لإسرائيل، وعلاقتهما الوثيقة بالجناح العسكري لـ»حماس» وبإيران. وفي هذا الإطار، وصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عوض الله، بأنه «رجلّ الظل في حماس، الذي تربطه علاقة متينة مع إيران».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا