USAID أنفقت في لبنان نحو 25 مليون دولار فقط عام 2005، ليرتفع هذا الرقم إلى 733 مليون دولار عام 2019
لكن الرقم الملياريّ الذي تحدّث عنه هيل في جلسة الاستماع، إذا ما طُبّق على الأرقام التي تنشرها وزارة الخارجية الأميركية على موقعَي كل من «المساعدة الخارجية – Foreign Assistance» و«الوكالة الأميركية للتنمية الدولية – USAID»، يُظهِر تناقضاً واضحاً لجهة قصور الأرقام عن رقم هيل الذي أعلنه. تظهِر قاعدة بيانات موقع «المساعدة الخارجية» أن مجموع ما دفعته واشنطن في لبنان بين عامي 2011 و2020 لا يتجاوز 4 مليارات دولار، وهذا المبلغ يشمل التمويل المخصص للجيش والقوى الأمنية وكل برامج الاختراق السياسي والثقافي تحت عناوين التنمية والتعليم والصحة والبيئة، والأهم اليوم «دعم المجتمع المدني». لدى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID برامج مخصّصة للساحة اللبنانية تقدّم عبرها التمويل لوزارات ومؤسسات رسمية، إلى جانب المؤسسات الخاصة والجمعيات أو الـNGOs. يصعب تتبّع كل عمليات التمويل التي حصلت عليها جمعيات لبنانية من الوكالة الأميركية، لكن يكفي أن نذكر أنّ USAID صرفت في لبنان حوالي 25 مليون دولار فقط عام 2005، ليرتفع هذا الرقم إلى 204 ملايين دولار عام 2011، ويقفز إلى 508 ملايين دولار عام 2015، وليسجّل أرقاماً قياسية عام 2018 بحوالى 731 مليون دولار و733 مليون دولار عام 2019.
من غير الواضح كم خصّص الأميركيون من مبلغ الـ 10 مليارات دولار في لبنان للجمعيات والمنظّمات غير الحكومية اللبنانية، أملاً بتحقيق «التغيير» الذي صوّره هيل في شهادته أمام مجلس الشيوخ الأميركي على أنّه ثمن تحرير مبلغ الـ 22 مليار دولار (قروض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤتمر سيدر). وتبقى هناك حقيقة واضحة ماثلة للمراقبين والعارفين بأساليب عمل الأميركيين في البلدان المأزومة، وهي أنّ واشنطن تتقن جيداً الاستثمار في الأزمات، وتعرف كيفية استغلال الكوارث وتحويلها لخدمة مصالحها. على سبيل المثال، في زيمبابوي الدولة الأفريقية التي أفلست وبدأ انهيار قطاعها المالي منذ عام 2011، ضخّت وكالة الـ USAID مبلغ 850 مليون دولار لجمعيات ومنظّمات غير حكومية قبيل انتخابات عام 2013 البرلمانية، أملاً في إحداث «التغيير» الذي يطيح الرئيس بروبرت موغابي. انتصر موغابي في الانتخابات وظهرت فضيحة الـUSAID في الصحافة الزيمبابوية لاحقاً عام 2015، واضطرت الوكالة إلى الاعتراف بما فعلته عام 2018، عازية فشل ما قدّمته في تحقيق أي نتائج إلى «فساد» المجتمع المدني وبعض مسؤولي الوكالة. هل في لبنان اليوم من يكرّر تجربة «الفساد» الزيمبابوي؟
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا