على رغم ترؤّس السلطة الفلسطينية اجتماع وزراء الخارجية العرب أمس، وإعلاء رام الله سقوفها ضدّ الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي الأخير، لم يستطع وزير خارجية السلطة، رئيس الجلسة رياض المالكي، تمرير «أضعف الإيمان» في البيان الختامي للاجتماع، وسط تصعيد ثلاثي، إماراتي - مصري - أردني، وموقف محايد استغربته رام الله من وزراء بعض الدول. في البداية، طلبت السلطة عقد جلسة خاصة لمناقشة ما سُمّي «الإعلان الثلاثي»، لكن سريعاً جاء الرفض من «الثلاثي»، إضافة إلى البحرين، لجلسة من هذا النوع، والمطالبة بتأجيل النقاش حتى الدورة العادية. عندها، طلبت رام الله إضافة بند خاص في هذه الدورة، تحت قائمة «ما يُستجدّ من أعمال»، لكن الرد كان بأنه لا داعي لذلك، وأنه يمكن الحديث عن الاتفاق في البند الدائم على أعمال الجامعة وهو «القضية الفلسطينية والصراع العربي ــ الإسرائيلي».تنقل مصادر إلى «الأخبار» أن التصدّي من وزراء الخارجية الإماراتي والمصري والأردني للوزير الفلسطيني كان علنياً، وذلك حول وضع نصّ خاصّ بالفقرة الثانية (ب) في البند الثاني (القضية الفلسطينية). هنا، طلب المالكي أن يخرج البيان بالدعوة إلى «التمسّك بالمبادرة العربية للسلام وإدانة الخروج عنها»، لكن طلبه رُفض، فتنازل الوزير وتحدّث عن «التمسّك بالمبادرة وعدم الخروج عنها»، وهو ما رُفض أيضاً. من جرّاء هذا، انفجر المالكي وانتقد الرفض لكلّ الطلبات رغم تنازلات السلطة، قائلاً: «الإمارات وَقّعت الاتفاق وهي ماضية فيه. ماذا ستؤثر هذه الجملة فيهم؟»، مستدركاً بأنه «إذا لم يكن بإمكاننا فعل شيء الآن، فما معنى بقائنا في الجامعة؟». عندها تَدخّل وزير الخارجية المصري، سامح شكري، وأجاب باستهزاء قائلاً له: «نعم، سنعمل كما تريد»، ليتدخل المندوب الكويتي ويقول للمالكي إن ما طلبته موجود عملياً، لكون «التمسك بالمبادرة يعني حكماً رفض الخروج منها». لكن المالكي أنهى الجلسة على أساس أن هذا البند لم يقرّ.
هذه التفاصيل تتطابق مع ما صرّح به السفير المناوب لفلسطين في الجامعة، مهند العكلوك، إذ نقلت عنه وكالة «رويترز» أنه «كان هناك إصرار من جانبنا على نقطة واحدة فقط: إدانة الخروج على مبادرة السلام العربية»، مضيفاً: «سعوا جاهدين على مدى ساعتين من النقاش ليسقطوا هذه النقطة. (المالكي) رفض إسقاطها وقال: عندكم حلّان؛ إما تعليق الاجتماع لساعات أو أيام حتى نتوافق عليها، وإما أن تسقطوا البند من جدول الأعمال. وعندما رفضوا التعليق سقط البند من جدول الأعمال». ووفق المصادر التي تحدّثت إلى «الأخبار»، «تمّ الاتفاق خلال الاجتماع على منع إلقاء كلمات الوزراء الـ18 بدعوى الحرص على الوقت، لكن الهدف فعلياً كان تفادي سماع المواقف المختلفة». وهو ما برّره الأمين العام المساعد للجامعة، حسام زكي، بقوله في مؤتمر أمس: «الموضوع المشار إليه الخاص بالتطور المتعلق بالبيان المشترك للولايات المتحدة والإمارات وإسرائيل... كان موضع حديث جادّ وشامل، والجانب الفلسطيني قدّم مشروع قرار حصلت عليه بعض التعديلات وتعديلات مقابلة»، مضيفاً: «الجانب الفلسطيني فضّل ألا يخرج القرار منقوصاً من المفاهيم التي حدّدها، وبذلك لم يصدر قرار في هذا الموضوع تحديداً».
وقفت كلّ من تونس والعراق ولبنان والجزائر على الحياد


ونقلت مصادر أخرى أن الأطراف الذين أيّدوا النص الفلسطيني هم الصومال وقطر وحكومة الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبد ربه هادي منصور (الأخيران بسبب موقفهما السلبي من الإمارات)، فيما وقفت كلّ من تونس والعراق ولبنان والجزائر على الحياد ولم تتدخل في النقاشات. وبينما تَصدّرت مصر والأردن والإمارات التصدّي للمقترح، أبدت سلطنة عمان والبحرين والكويت والمغرب والسودان تعليقات سلبية بدورها. وسريعاً انطلقت حملة فلسطينية، من السلطة والفصائل، ضدّ ما حدث، إذ قال القيادي في «فتح»، وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، إن «الجامعة العربية تَمخّضت ولم تلد شيئاً. أشبعت الجميع في المنطقة والإقليم إدانات إلا إسرائيل». وأضاف في تغريدة على «تويتر»: «سقطوا إلا فلسطين بقيت كما كانت وستبقى سيدة نفسها وحامية لتاريخها... انتصر المال على الكرامة». كذلك، قال المتحدث باسم الأجهزة الأمنية في الضفة، عدنان الضميري، إن «الجامعة العربية تحتضر وغير قادرة على القرار بعد أن فقدت الفعل من تأسيسها، ونعرف أن القادم أسوأ، لكن المواجهة أصعب، والمؤكد فيها أن الفلسطيني الذي يقاتل وحيداً لن يموت وحيداً». أما «حماس»، فدانت موقف المجلس الوزاري للجامعة، قائلة في بيان أمس إن ذلك يؤكّد «تخلي الجامعة عن دورها وواجبها تجاه فلسطين وقضيتها عبر تبرير عقد اتفاقات مع العدو، بينما الاحتلال يتمادى في قمعه».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا