وتلفت مصادر مصرفية إلى أن أزمة الدولارات لن تقتصر على المحروقات، إذ إن استيراد الأدوية لن يتم بصورة مريحة مستقبلاً، لافتة من جهة أخرى إلى وجود مخزون كبير من الأدوية في لبنان، إذ تبيّن أن الشركات استوردت في السابق كميات أكبر من حاجة السوق. وأشارت المصادر إلى أن سلامة أكثر تساهلاً مع شركات الأدوية منه مع شركات استيراد المحروقات.
وفي ظل شح المعلومات عن الكمية الحقيقية من الدولارات التي لا يزال مصرف لبنان قادراً على استخدامها لتمويل الاستيراد، لم تستبعد مصادر معنية أن يكون حاكم «المركزي» في طور استعمال أزمة الدولارات للضغط سياسياً، تنفيذاً لمطالب أميركية. ولفتت إلى أن سلامة أكّد لمراجعيه أن السبيل الوحيد لحل الأزمة هو «سياسي، من خلال حلحلة داخلية تسمح بعودة التدفقات المالية من الخارج، وخاصة من دول الخليج».
سلامة لا يزال يمانع عقد اتفاق على برنامج بين لبنان وصندوق النقد الدولي
ويتّضح من كلام سلامة لمراجعيه أنه لا يزال يمانع عقد اتفاق على برنامج بين لبنان وصندوق النقد الدولي، لعلمه بأن اتفاقاً مماثلاً يعني حُكماً تدقيقاً جدياً في حسابات مصرف لبنان، وإعادة هيكلة للقطاع المصرفي وفق رؤية صندوق النقد، لا وفق رؤية سلامة وأصحاب المصارف اللبنانية. لكن سلامة قال لمراجعيه إنه مستعد للسير في ما تقرره الحكومة المقبلة، لجهة تحديد أرقام الخسائر في القطاع المالي، التي على أساسها سيتم التفاوض مع صندوق النقد. وبحسب المصادر، يعوّل سلامة على موقف «المجلس النيابي»، الذي لن يمرر أرقام الحكومة، تماماً كما تمكّن من نسف الأرقام التي قدمتها الحكومة المستقيلة. ولفتت المصادر إلى أن الأوراق الثلاث التي سمّاها أصحابها (كتلة حركة أمل، النائب جبران باسيل والنائب السابق وليد جنبلاط) «إصلاحية» وقدموها إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اجتماع قصر الصنوبر في الأول من أيلول، تتضمن عملياً دفن خطة «التعافي المالي» التي أقرتها حكومة الرئيس حسان دياب. فالورقة الأولى (حركة أمل) طالبت بإقرار خطة جديدة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، كما لو أن الخطة السابقة غير موجودة. أما الورقة الثانية (باسيل)، فطالبت بإقرار خطة «مطوّرة انطلاقاً من خطة الحكومة السابقة»، فيما جنبلاط طالب بتعزيز قدرة مصرف لبنان على تطبيق القانون!
في المحصلة، دخلت البلاد مرحلة حرجة، لجهة القدرة على استيراد السلع الأساسية المدعومة حالياً، فيما تتعامل السلطة النقدية مع الأمر كما لو أنها وسيط من خارج النظام. أما القوى السياسية فلا تفعل شيئاً سوى الانتظار.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا