لم يكن اتفاق التطبيع بين العدو الإسرائيلي ودولة الإمارات وليدَ لحظته؛ إذ إن خلفه علاقات متجذّرة سبقت لحظة الإعلان عنها بما يزيد عن العقدين. هذا ما كشف عنه الإعلام العبري أمس، مشيراً إلى أن الاتفاق لا يُؤسّس لتمثيل دبلوماسي، بقدر ما يرفع عنه الغطاء. يدور الحديث، هنا، حول سفارة إسرائيلية في الإمارات تحت ستار مؤسسات أممية، وزيارات دورية رسمية وخاصة من سياسيين ورجال أعمال ومسؤولي استخبارات، إضافة إلى وفود مشاركة في منتديات ومؤتمرات خاصة وحكومية ودولية، بما يشمل وفوداً رياضية كانت تظهر إلى العلن بين الحين والآخر، إذ إن «جواز السفر الإسرائيلي لم يكن يثير الاستغراب في الإمارات».تقرير صحيفة «هآرتس» بدا مشبعاً بمعطيات دسمة، وإن لم تَرْق إلى حدّ المفاجآت. يَرِد في التقرير أنه لأكثر من عشرين عاماً كانت العلاقات الدبلوماسية السرّية بين الجانبين تتطوّر ببطء، إلى أن باتت في الأيام القليلة الفائتة أكثر وضوحاً من أيّ وقت مضى. المسألة الآن لا تتعدّى، عملياً، حدود ترقية البعثة الإسرائيلية الحالية في أبو ظبي إلى سفارة رسمية علنية، بعدما عملت لغاية الأسبوع الماضي تحت غطاء إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة. وتَأسّست تلك البعثة في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، عبر ممثّل دبلوماسي دائم يحمل جواز سفر إسرائيلياً، وفي مكتب معترَف به من السلطات الإماراتية، ويرتفع في داخله العلم الإسرائيلي، علماً أنه يقع داخل مبنى خاص بوكالة تابعة للأمم المتحدة، هي «وكالة الطاقة المتجدّدة». وتنقل الصحيفة عن مصدر إماراتي أنه من غير المتوقع أن تفتتح الإمارات سفارتها لدى إسرائيل في القدس المحتلة، في إشارة منه إلى إمكان أن تكون السفارة في تل أبيب، لا في القدس.
تضيف «هآرتس» أنه بالتوازي مع أنشطة الموساد في المنطقة، عملت وزارة الخارجية الإسرائيلية على مرّ السنوات الماضية في دول الخليج، وكانت على اتصال مع المسؤولين الحكوميين والهيئات غير الرسمية والشركات التجارية وعناصر أخرى في هذه الدول. وما بين عامَي 2016 و 2018، زارت أربعة وفود إسرائيلية دولة الإمارات، لتتزايد وتيرة هذه التحرّكات في عام 2019 مع قيام 15 وفداً من إسرائيل بزيارة الإمارات، مع وجود علم مسبق بكونهم إسرائيليين. في الوقت نفسه، زار رجال أعمال إسرائيليون الإمارات بشكل مستقلّ، بعيداً عن الانتظام الاعتيادي لوزارة الخارجية.
أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي اتصالات مع ثلاثة وزراء عرب جدد


ساعدت وزارة الخارجية الإسرائيلية، حتى الآن، ما يقارب 500 شركة إسرائيلية على العمل في الإمارات. وفي كلّ أسبوع، تَتقدّم حوالى عشر شركات إسرائيلية بطلب إلى الوزارة لمساعدتها في التواصل مع شركات محلّية هناك، في الوقت نفسه الذي يتمّ فيه استقبال رجال أعمال إماراتيين. ويساعد مسؤول في الخارجية في معهد التصدير في إقامة روابط بين الشركات الإسرائيلية وتلك الإماراتية، علماً أن «التعاون» يشمل مجالات متعدّدة، من بينها المياه والتكنولوجيا والزراعة والصحة وتكنولوجيا قطاع الخدمات المالية (fintech)، إضافة إلى قطاعَي الأمن الداخلي والأمن السيبراني. وتتولّى الوزارة، حالياً، 20 مشروعاً مشتركاً مع الإماراتيين، تُقدّر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات. كذلك، وَقّعت «مجموعة 42» الإماراتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة (التي تتّخذ من أبو ظبي مقراً لها) مذكّرتَي تفاهم مع شركة «رفائيل» للصناعات العسكرية لتطوير فحوصات خاصة بمكافحة فيروس «كورونا» بشكل سريع جدّاً، بينما خَصّصت إسرائيل مبلغاً مالياً كبيراً لبناء جناح لها في معرض «إكسبو دبي».
إلى ذلك، أشارت مصادر في الخارجية الإسرائيلية، في إيجاز خاص لعدد من المراسلين المعتمدين لديها أول من أمس، إلى أنه في أعقاب الإعلان عن اتفاق التطبيع مع الإمارات، تَحدّث وزير الخارجية، غابي أشكنازي، مع ثلاثة وزراء خارجية عرب جدد، فَضّلت المصادر أن لا تُسمّي دولهم، لتضاف تلك الاتصالات إلى آخرَين كان أجراهما أشكنازي مع نظيرَيه في الإمارات وسلطنة عُمان.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا