يحمل اللقاح اسم «Gam-Covid-Vac Lyo»، من إنتاج مركز «غاماليا» للأبحاث، وهو مركز تابع لوزارة الصحة الروسية. تم تصنيعه بطريقة مشابهة للقاح الصيني، لكن عبر استخدام نوعين من فيروس «Adenoviruse»، هما «Ad5» و«Ad26»، والذي يصيب البشر، بعكس اللقاح البريطاني الذي يعتمد على فيروس «Adenoviruse» الخاص بحيوان الشمبانزي. تم استخدام تقنية الهندسة الجينية وتعديل الفيروسين لينتجا تيجاناً مشابهة لفيروس «كورونا» الجديد، من دون أن تكون ضارة بالإنسان. ومن ثم يطور الشخص المحقون باللقاح استجابة مناعية من ناحية الخلايا التائية «T-cells»، ومن ناحية الأجسام المضادة «Antibodies». اللقاح حالياً ما زال في المرحلة الثانية من التجارب السريرية، والتي ستنتهي في 3 آب/أغسطس المقبل. بعدها ستبدأ المرحلة الثالثة من التجارب، لتحدد أياً من نوعي «Adenoviruse» المستخدمين هو الأفضل، إذ إن المشكلة الحالية تكمن في أن المرحلة التجريبية الأولى للقاح الصيني، الذي يعتمد على فيروس «Adenoviruse» الخاص بالبشر، بيّنت أن الأفراد الذين تطوّعوا للتجربة وكانوا قد أصيبوا من قبل بفيروس «Adenoviruse» البشري وطوروا مناعة ضده، كانت استجابتهم المناعية بعد حقنهم باللقاح تتضاءل بشكل أسرع (وجدت الصين حلاً لهذه المشكلة بعد انتهاء المرحلة التجريبية الثانية). وهذا هو سبب استخدام التجربة الروسية لنوعين من فيروس «Adenoviruse» البشري، وفق الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي (صندوق الثروة السيادية الروسي الذي أنشأته الحكومة الروسية والذي يقوم بتمويل أبحاث مركز «غاماليا») كيريل ديميترييف. يوضح الأخير، بحسب ما نقل تقرير لوكالة «بلومبرغ»، أن المرحلة الثالثة من الأبحاث ستبرهن أياً من الفيروسين هو الأفضل لاستخدامه كلقاح، والأقل احتمالية أن يكون قد طوّر أحدٌ مناعة ضده.
لدى روسيا خبرة مع هذه التقنية، إذ سبق أن استخدمتها ضد «إيبولا»

تحتل روسيا اليوم المركز الرابع من جهة عدد الإصابات بفيروس «كورونا» في العالم. وصحيح أن عدد المصابين الكلي بلغ أكثر من 800 ألف شخص، إلا أن عدد من شُفي من هؤلاء يبلغ نحو 590 ألفاً. لكن الأيام والأسابيع الماضية حملت معها أرقام إصابات جديدة ووفيات كبيرة، لذا تتخذ روسيا مقاربة مختلفة لكيفية إجراء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية على اللقاح، بشكل مختلف عن باقي الدول. في العادة، تستمر المرحلة الثالثة من التجارب لعدة أشهر، من أجل التأكد من فعالية اللقاح وأمانه. ولكن بحسب ديميترييف، فإن اللقاح الروسي تجري تجربته بحسب الأطر الإكلينكية الرسمية، وأيضاً خارجها، إذ تم اعطاء اللقاح لعدد كبير من الأشخاص خارج منظومة التجارب السريرية، وعلى سبيل المثال: يقول مدير مركز «غاماليا» إنه هو عائلته قد حقنوا أنفسهم باللقاح، وقبل بدء التجارب الرسمية حتى. ستبدأ المرحلة الثالثة من التجارب مباشرةً بعد الانتهاء من المرحلة الثانية، أي في الثالث من آب/أغسطس المقبل، وستشمل التجربة آلاف الأشخاص داخل روسيا وخارجها، مثل السعودية والإمارات.
من المحتمل جداً أن تكون روسيا هي الدولة الأولى التي تبدأ بتصنيع اللقاح، إذ لروسيا القدرة على إنتاج اللقاح، بمعنى تصنيعه، بشكل أسرع وأكبر من باقي الدول. حتى إن هناك اتفاقاً تمّ توقيعه في الأيام القليلة الماضية بين شركة «أسترازينيكا» البريطانية وشركة «أر فارم» الروسية، كي تقوم الأخيرة بالمساعدة على إنتاج اللقاح البريطاني داخل الأراضي الروسية. وفي هذا الشأن، ينفي ديميترييف الاتهامات التي وُجّهت إلى بلاده من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، بأن مجموعة من القراصنة الروس والتابعين للاستخبارات الروسية حاولوا الاستحواذ على معلومات تخصّ اللقاح البريطاني، قائلاً إن الشركة البريطانية ذاتها قد نقلت جميع المعلومات الخاصة بعملية تصنيع اللقاح إلى شركة «أر فارم» الروسية من أجل أن تقوم بإنتاجه. كما أن روسيا لديها خبرة أكبر في التعامل، واستخدام فيروس «Adenoviruse» لصنع لقاحات ضد أمراض أخرى، إذ قامت بصنع لقاح ضد فيروس «إيبولا» عبر استخدام تكنولوجيا مشابهة لما تقوم به الآن ضد «كورونا»، وسيتم توزيع اللقاح المضاد لفيروس «إيبولا» قريباً في الكونغو.



لقاحان أميركيان
إلى جانب اللقاحين الصيني والبريطاني اللذين وصلا مرحلة التجارب الثالثة، واللقاح الروسي في محطته التجريبية الثانية، ثمّة لقاحان أميركيان أيضاً على وشك البدء بمرحلة التجارب الثالثة:
الأوّل، من شركة «مودرنا»، اسمه «mRNA-1273»، يعتمد تكنولوجيا مختلفة عن اللقاحات الأخرى، إذ يعمل عبر حقن الأفراد بـ«RNA» موجه يحمل معلومات خاصة بفيروس «كورونا» إلى الخلايا البشرية، لتقوم الأخيرة بالتعرف إلى الفيروس وإنتاج استجابة مناعية ضده، من دون أن تكون تعرّضت لفيروس «كورونا» بشكل فعلي. سيدخل اللقاح المرحلة الثالثة في الـ27 من الشهر الحالي.
الثاني، هو نتيجة عمل مشترك لثلاث شركات: «بيونتك» الألمانية، «ب-فايزر» الأميركية و«فوسن فارما» الصينية. يعمل بشكل مشابه للقاح شركة «مودرنا»، لكن بحسب تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن بعض الأفراد الذين تطوّعوا للمشاركة بالتجارب، عانوا من عوارض جانبية متوسطة، مثل اضطرابات في النوم وتقرّح في الأذرع. ستبدأ المرحلة الثالثة من التجارب على اللقاح أواخر الشهر الحالي.