بعد أيام فقط على حضور رئيس الوزراء السوري أمام مجلس الشعب، في جلسة لنقاش الواقع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد، أقيل عماد خميس من منصبه بمرسوم رئاسي وكُلّف وزير الموارد المائية حسين عرنوس، بمهامه.الإقالة جاءت بعد تأجيل الانتخابات البرلمانية مرّتين على التوالي، بسبب القيود التي فرضها انتشار فيروس «كورونا»، وتزامنت مع فوضى سعر صرف الليرة وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات، كما تلت المعركة الإعلامية التي خاضها رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، مع السلطات، حول ممتلكاته وأعماله.
كل تلك العوامل جعلت الملف المعيشي والاقتصادي في واجهة المشهد السوري، وسط تراجع لافت للنقاشات الجيوسياسية والعسكرية مُنذ حلّ «كورونا» ضيفاً ثقيلاً على المنطقة والعالم.
وساهم قرب موعد نفاذ «قانون قيصر» في تعزيز المخاوف من تدهور معيشة السوريين أكثر، وتُرجم ذلك بجدل كبير حول شعارات تظاهرات خرجت في السويداء، وما لبثت أن غابت عنها المطالب المعيشية لحساب الشعارات السياسية، وعلى رأسها «إسقاط النظام» و«إخراج روسيا وإيران».
وفي مقابل المخاوف والتململ الشعبي من الواقع المعيشي القاسي، تم تنظيم تحرّك في العاصمة دمشق عصر أمس، للحشد سياسياً في وجه تظاهرات السويداء من جهة، وإعلامياً في وجه «قانون قيصر» من جهة أخرى. وحمل عشرات المشاركين في التحرّك أعلاماً وصوراً للرئيس السوري بشار الأسد، موجّهين خطابهم ضدّ العقوبات الأميركية، ومردّدين شعارات على غرار: «الشعب السوري لا يجوع».
ولا يُنتظر أن ينعكس تغيير رئيس الوزراء بشكل مباشر على الاقتصاد أو الأداء الحكومي، إذ تجتمع عوامل عدّة لتقلّل من فرص حدوث ذلك، بينها العقوبات ونقص الموارد اللازمة لإحداث تغيير في بنية الاقتصاد بما يلائم واقع الحصار وسنوات الحرب.
يزور ظريف موسكو لبحث جملة ملفات بينها سوريا


وبالحديث عن الموارد، وصلت أمس شحنة مساعدات طبية إلى مطار دمشق الدولي قادمة من أربيل، شمالي العراق، منظّمة من قبل منظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء الدولي. وتعد الشحنة المقدّرة بنحو 32 طناً، الدفعة الأولى من أصل ثلاث دفعات مرتقبة ستصل تباعاً خلال 24 ساعة، وتتضمّن مستلزمات طبّية وجراحية كجزء من الاستجابة الصحية في شمال شرقي سوريا، على ما أوضح مكتب منظمة الصحة العالمية في سوريا. ومن المقرر أن يصل حجم الشحنات الإجمالي إلى نحو 85 طناً. ولم توضح منظمة الصحة العالمية إذا ما كانت هذه الشحنات وصلت جواً بعد إغلاق معبر اليعربية الحدودي، وتعذّر تسليم المساعدات الطبية المخصّصة لشمال شرقي سوريا، عبره. وفي حال صح ذلك، ستكون هذه الشحنة الأولى من نوعها التي تسلّم إلى دمشق، لتنقل لاحقاً إلى مناطق نفوذ «قوات سوريا الديمقراطية»، حيث تتواجد قوات الاحتلال الأميركي.
وتوازياً مع التوتر الذي يرافق الدوريات الأميركية أخيراً في مناطق شرق الفرات، كان لافتاً ما قاله أول من أمس، قائد القيادة المركزية الأميركية، كينيث ماكنزي، عن توقعاته بأن تقوم دمشق خلال الفترة المقبلة (لم يحدد المدى الزمني) بالضغط ومضايقة الأميركيين في شمال شرقي سوريا. وجاء ذلك في حديث لماكنزي عبر الفيديو، قال فيه إن قوات بلاده «لن تظل إلى الأبد في سوريا»، ولكنه أوضح أنه «لا يعرف المدة التي قد تظل فيها هناك»، مشيراً إلى أن هذا الأمر «قرار سياسي» لا عسكري.
حديث ماكنزي جاء في وقت توسّع فيه القوات الروسية والتركية مسار دورياتهما المشتركة في إدلب، برغم التوتر الذي شهدته خطوط التماس أخيراً في سهل الغاب. ويتوازى ذلك مع نشاط دبلوماسي لافت، ترجم باتصال الرئيس فلاديمير بوتين بملك الأردن عبد الله الثاني، ونقاش ملفات بينها سوريا وليبيا.
وبعد محادثة هاتفية بين نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، والمساعد الأول لوزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي أصغر خاجي، ناقشت الملف السوري، أُعلن عن زيارة قريبة لوزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى موسكو، الأسبوع المقبل. وينتظر أن تكون «محادثات أستانا» جزءاً مهماً من النقاشات المرتقبة لظريف في موسكو، على أن تحضر ملفات أخرى على رأسها الملف اليمني.