لا يزال مدير العمليات النقدية في المصرف المركزي مازن حمدان موقوفاً. ادّعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم عليه بارتكاب جرائم مخالفة قانون الصيرفة والمسّ بهيبة الدولة المالية وتبييض الأموال، ليخضع للاستجواب أمام قاضي التحقيق في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا أمس. غير أنّ ما يجري مع حمدان بات أقرب إلى التعسّف جرّاء تحويله إلى «كبش فداء» عن حاكم مصرف لبنان لكونه الحلقة الأضعف. كما لم يوفّر له القضاء أي حماية. وسواء أُدين حمدان بالجرائم المنسوبة إليه أو لا، يبقى الثابت الوحيد أنّه موظف في المصرف المركزي كان يُنفّذ تعليمات رؤسائه. وهذا ما ذكره في إفادته أمام المحققين بأنه كان يُعلم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بجواب واضح حرفيته، بحسب محاضر التحقيق: «إنني كُنت أُعلِم الحاكم بمجمل العمليات والمبالغ والأسعار للشراء والبيع». غير أنّ أداء الجسم القضائي على كافة مستوياته يُظهر جهداً مبذولاً لحماية رياض سلامة. فالمدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم يكيل بمكيالين سعياً إلى التستّر على الحاكم، ما يوحي بوجود توجهٍ للفلفة الملف. وفيما اعتبر أنّ المذنب هو حمدان وحده، ولم يأخذ بإفادته عن كونه يُنفّذ تعليمات رئيسه، لم يستدع القاضي إبراهيم موظفين في المصرف المركزي أتى مازن على ذكرهم، على اعتبار أنّهم مرؤوسون وكانوا يُنفّذون تعليماته. بينما كان الأجدر استدعاءهم لتبيان إن كان بحوزتهم معطيات قد تُفيد التحقيق. لذلك، الأوجب على قاضي التحقيق إن لم يكن هناك نيّة للمساس بالمحميّين أن يخلي سبيل الموقوفين على اعتبار أنّهم ضعفاء ومأمورون.وفيما كانت القوى الأمنية تنفّذ عمليات دهم لتوقيف صرّافين في صور وبيروت والشمال، انعقدت جلسة التحقيق الأولى. وكشفت المعلومات الأمنية أنّه تم توقيف الصرّاف و. ح. والصراف و. م. وصرّاف ثالث من طرابلس. أما في ما يتعلق بجلسة التحقيق الأولى أمام قاضي التحقيق، فقد كشفت مصادر قضائية لـ«الأخبار» أنّ مازن حمدان يتصرّف على قاعدة أنّه المتضرر الوحيد في جميع الحالات. وعلمت «الأخبار» عن حصول مقابلة بين حاكم مصرف لبنان وحمدان، لكن لم يُعرف إذا كان الحاكم قد جاء إلى قصر العدل. وخلال مثوله أمام القاضي أبو سمرا، كرر حمدان أنّه سيُقدّم استقالته من المصرف المركزي فور خروجه من السجن وانتهاء التحقيقات. وأشارت المصادر إلى أنّه جرى استجواب حمدان حيال سبب اختياره سبعة صرافين بالتحديد من الفئة «أ»، بينما هم 14 صرّافاً. إضافة إلى خياره التعامل مع صرّافين من فئة «ب»، الأمر الذي يُعدّه حمدان خطأه الوحيد. وقد ركّز حمدان على أنّ ما ارتكبه مخالفة إدارية يحاكمه عليها المصرف، مستغرباً محاكمته أمام قاضي التحقيق. كما سُئل عن الأيام التي نزل فيها إلى السوق لشراء الدولار وبيعه.
وقد توكّل للدفاع عن حمدان وكيل حاكم مصرف لبنان الشخصي ووكيل المصرف المركزي شوقي قازان. وعلمت «الأخبار» أنّ لجنة قانونية من مصرف لبنان جلست مع مازن حمدان قبل مثوله أمام قاضي التحقيق لتحذيره من إفشاء معلومات محددة، بذريعة أنها مشمولة بالسرية المصرفية. وأشارت المعلومات إلى أنّ هذه اللجنة أمْلَت على حمدان ما يمكنه التحدث عنه وما لا يمكنه ذكره.
لجنة قانونيّة من المصرف أبلغت حمدان بما لا يمكنه التحدّث عنه بذريعة السريّة المصرفيّة


كما استمع القاضي إلى صرّافين أفادوا بأنّهم نزلوا بشكل رسمي إلى المصرف المركزي لتسلّم الدولار. ونقلت مصادر خاصة لـ«الأخبار» أنّ مواد الادعاء لا تنطبق على الوقائع المساقة ضدهم.
وبعدما أنهى قاضي التحقيق شربل أبو سمرا استجواب مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان مازن حمدان ومستشاره وسام سويدان، وثلاثة صرافين موقوفين في ادعاء النيابة العامة المالية بجرائم مخالفة قانون الصيرفة والمسّ بهيبة الدولة المالية وتبييض الأموال، قرر إبقاءهم موقوفين إلى اليوم لحين عرض نتائج التحقيقات على النيابة العامة لإبداء مطالعتها، على أن يتّخذ قاضي التحقيق قراراً، إما بإصدار مذكرات توقيف في حقهم، أو تركهم بسندات إقامة أو بكفالات مالية. كما قرر ترك اثنين من الصرافين بموجب كفالة قدرها ٥ ملايين ليرة.