قبل أكثر من أسبوعين، حذّرت مُمثلة منظّمة الصحة العالمية في لبنان، إيمان الشنقيطي، في مؤتمر صحافي مع وزير الصحة، حمد حسن، من أن لبنان لم يتجاوز مرحلة الخطر، ونصحت بالاستمرار في التعبئة العامة لأسبوعين آخرين. وأشارت الى أن أي تخفيف للتعبئة يجب أن يجري بطريقة مدروسة وتدريجية، فيما لفت حمد، من جهته، إلى أن الوصول إلى «صفر إصابات» ليس مُعطى يمكن اتخاذ قرارات بناءً عليه، قائلاً إن الحكومة ستواصل التدابير «حرصاً على عدم التعرّض لموجة ثانية من وباء كورونا»، وتجنّباً لاستئناف ارتفاع أعداد الإصابات.في اليومين الماضيين، برزت ملامح السيناريو السيئ المنتظر مع تسجيل 49 إصابة (13 إصابة السبت و36 إصابة أمس)، 34 منها تعود للمُقيمين و15 في صفوف الوافدين.
في المبدأ، كان ارتفاع عدّاد الإصابات متوقعاً مع عودة نحو 8500 مغترب منذ الخامس من نيسان الماضي. وهذا الارتفاع كان ليكون مقبولاً لو أنه اقتصر على تسجيل الإصابات بين الوافدين، ما يعني بقاء المنحنى الوبائي «تحت السيطرة». إلا أن تسجيل إصابات في صفوف المُقيمين هو ما دقّ ناقوس الخطر.
بحسب وزارة الصحة، فإنّ كل الحالات الجديدة بين المُقيمين هي مخالطة لوافدين وصلوا أخيراً إلى لبنان ولم يلتزموا إجراءات الحجر المنزلي، ما أثار نقمةً على مواقع التواصل الاجتماعي ضد بعض المغتربين الذين لم يتحلّوا بالمسؤولية و«ضيّعوا جهود شهرين ونصف شهر من الحجر»، علماً بأن جزءاً معتبراً من المسؤولية يقع على السلطات المعنية المكلفة متابعة الحجر المنزلي، سواء وزارة الصحة عبر مندوبيها أو وزارة الداخلية والبلديات عبر الإيعاز للبلديات بالتشدّد في تطبيق الإجراءات.
وبمعزل عن هذا النقاش، فإنّ عوامل أخرى تثير مخاوف من استمرار هذا السيناريو، أبرزها التفلّت الواضح في الأيام العشرة الماضية من إجراءات التعبئة، والتجمعات التي شهدتها البلاد من تظاهرات ومن «هجوم» على الأسواق والمحال التجارية. بمعنى آخر، يتحمّل المُقيمون بدورهم جزءاً من المسؤولية في الأيام المقبلة في حال بقي العداد يواصل ارتفاعه.
كما أن تساؤلات تطرح في شأن جدية الرقابة على تطبيق الشروط التي رافقت إعادة فتح البلاد، فضلاً عن تساؤلات مرتبطة بجدوى الفحوصات التي أجريت في المناطق وبالمعايير التي استندت إليها (في ظل اعتراف الوزير بأن 85% من اللبنانيين عرضة للوباء من دون عوارض). وهذه كلها عوامل تحتم عدم حصر المسؤولية بالوافدين، والتنبه الى مكامن الخلل التي تحيط بآلية إدارة الأزمة التي قد تستعر في الأيام المُقبلة.
نائب رئيس لجنة علماء لبنان لمكافحة الكورونا، الدكتور محمد حمية، توقع أن يلامس عدد الإصابات الألف نهاية الشهر الجاري، لافتاً إلى أن ما يحصل «ليس موجة ثانية من الوباء، بل نتيجة الاستهتار الذي حصل في الأيام الماضية ونحصد نتائجه اليوم». وقال لـ«الأخبار» إن خرق مرحلة «الثبات الرقمي» من شأنه أن يؤخر حالات الشفاء التام إلى 20 تموز المُقبل، داعياً إلى الحذر في الأيام المُقبلة.
الإصابات إلى ألف نهاية الشهر وحالات الشفاء التامّ قدتتأخّر إلى 20 تموز


وكان عدّاد كورونا قد أقفل، مساء أمس، على 846 إصابات بعد إعلان مستشفى رفيق الحريري الحكومي ليلاً تسجيل إصابة واحدة من أصل 160 فحصاً، فيما وصل عدد حالات الشفاء الى 234. ومع الاستقرار على 26 وفية، يكون عدد المصابين الفعليين حالياً 586.
هذه الوقائع صوّبت الأنظار نحو الدفعة الثالثة من المُغتربين التي يُفترض أن تصل أولى رحلاتها في الرابع عشر من الجاري. رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت صرّح أمس لـ«إل بي سي أي» بأن هذه المرحلة كان مقرراً أن تتضمن 100 رحلة، ولكن تقرر إلغاء 17 رحلة منها، لافتاً إلى أن عدد العائدين في المرحلة الثالثة يصل الى نحو 11300 راكب.
وأعلنت «ميدل إيست»، أمس، تعديل جدول رحلاتها للمرحلة الثالثة من عملية الإجلاء الممتدة بين 14 و24 من الشهر الجاري. وحددت الرحلات الآتية من البلدان التي تجري فحوصات الـ PCR أيام 14-16-18-20-22-24 أيار، ومن البلدان التي لا تتوفر فيها الفحوصات أيام 15-17-19-21-23 أيار باستثناء مدريد ولوساكا وموسكو، حيث تطبق شروط فحص الـ PCR.
هذه المعطيات المُستجدّة فرضت جواً من التأهّب عكسه بداية وزير الصحة حمد حسن، أول من أمس، أثناء تفقده نقطة المصنع الحدودية، عندما عبّر عن تخوفه من عودة وتيرة الإصابات، ورجّح مطالبة الحكومة بإغلاق البلاد يومين إذا بقيت النتائج خلال الساعات الـ 24 المقبلة مرتفعة». كذلك ترجم مستوى التأهب مع اتخاذ وزير الداخلية والبلديات قراراً بمنع الخروج والولوج الى الشوارع بين السابعة مساء والخامسة فجراً.
ووفق المعلومات، فإنّ اتخاذ الحكومة قرارات جديدة على هذا الصعيد متوقف على نتائج الساعات القليلة المُقبلة. فيما تُطبّق بدءاً من اليوم المرحلة الثالثة من إعادة الفتح التدريجي وفق المذكرة الرقم 50/ أ.م/ 2020 الصادرة، أمس، والتي سمحت لمهن جديدة بإعادة مزاولة العمل.



تأهّب في الجنوب واقتراح لعزل عكار
بعدما سُجلت 13 إصابة جديدة بفيروس كورونا في عكار بسبب مخالطتهم لأحد الوافدين، ومع احتمال تزايد الإصابات في المنطقة، تُفيد المعلومات بأن هناك طرحاً بعزل المحافظة وإجراء مسح مُفصّل تجنّباً لتفاقم تداعيات انتشار الوباء.
وجنوباً، أثار تسجيل إصابات بين وافدين من الخارج قلقاً في عدد من البلدات التي دعت بلدياتها (البابلية والصرفند والغسانية) الأهالي إلى الالتزام بإجراءات الحجر المنزلي.