بغداد | وقّع الرئيس المكلّف بتأليف الحكومة الاتحادية في العراق، مصطفى الكاظمي، بيانه الوزاري (أو «المنهاج الوزاري» كما يتعارف عليه في العراق)، معلناً إرساله إلى البرلمان لمناقشته قبل جلسة «منح الثقة» (لم يحدّد موعدها بعد)، في خطوة تؤكّد قطع الرجل شوطاً كبيراً في مسار تأليف حكومته، والمتوقّع أن يعلن عنها منتصف الأسبوع المقبل، وفق مصادر سياسية متابعة. بدوره، تسلَّم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، البيان الوزاري المقدّم، مشيراً في بيان إلى أن «لجنة برئاسة النائب الأوّل حسن الكعبي، وعضوية عدد من النواب والمستشارين، ستبدأ دراسة البيان الوزاري لتقديم تقرير إلى المجلس بشأنه».«الأخبار» اطلعت على البيان الوزاري الواقع في 7 صفحات، والذي قٌسّم إلى 7 عناوين، هي: الأولويات، وتطوير المؤسسات العسكرية والأمنية وإصلاحهما، والاقتصاد والاستثمار، والعلاقات الخارجية، ومكافحة الفساد والإصلاح الإداري، والعدل، والاحتجاجات. عناوين صاغها الكاظمي وفق كلمته الأولى، التي ألقاها عقب تكليفه (9 نيسان/ أبريل الجاري)، مؤكّداً عزمه على إجراء انتخابات نيابية مبكرة، ومواجهة جائحة «كورورنا»، وإعداد مشروع موازنة استثنائية في ظل انهيار أسعار النفط عالميّاً، والأخذ بعين الاعتبار إعادة إعمار المناطق المتضرّرة من الحرب ضد تنظيم «داعش». كذلك، أولى الكاظمي أهمية كبرى لتلبية مطالب الشارع المنتفض منذ 1 تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، وحماية السيادة العراقية من الخروقات والانتهاكات، ومكافحة الفساد الناخر في وزارات الدولة ومؤسّساتها. ويعكس البيان الوزاري توجّه الحكومة بوصفها «إنقاذية»، مهمّتها مواجهة الأزمات التي عصفت وتعصف بالبلاد. لكنّه يمثّل في الوقت عينه تحدّياً جدّياً للكاظمي، وقدرته على إدارتها. فنجاحه في تنفيذ بيانه الوزاري خلال المدة القصيرة نسبياً، سيجعله «مرشّحاً دائماً» لرئاسة الوزراء. وأما فشله، فسيكون منعطفاً سلبياً في مشواره السياسي، خاصّة أنّ تسنّمه أعلى منصب رسمي في البلاد جاء وهو في منتصف حياته السياسية.
أبرز أولويّات حكومة الكاظمي إعداد مشروع موازنة استثنائية في ظل انهيار أسعار النفط


وعن «كابينة» الكاظمي، ترفض مصادر قريبة من الأخير ما قيل عن «استسلامه» لأي مكوّن؛ فالمكلّف يسعى إلى «بناء فريق متجانس»، كما عبّر سابقاً بالقول إننا «نريد فريقاً حكوميّاً كفوءاً ونزيهاً يواجه الأزمات، ويسير بالبلاد نحو النجاح وتحقيق مطالب الناس». وتشير المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن البعض حتى الآن «يبدّي تأمين مصالحه الخاصّة على المصلحة الوطنية في هذا الظرف الحساس»، عدا عن تفشّي خلافات عديدة داخل الكتلة الواحدة في مقارباتها لآلية التأليف الحكومي، وهذا ما انعكس «تأخيراً» في إعلانها.
وفي سياق مواز، زار وفد كردي رفيع برئاسة نائب رئيس وزراء «إقليم كردستان»، قوباد طالباني، العاصمة بغداد، بعد قرار الأمانة العامة لمجلس الوزراء، والذي يقضي بقطع الرواتب عن موظفي «الإقليم»، بعد تنصّل أربيل من تسليم بغداد 250 ألف برميل نفطي، بموجب الاتفاق المبرم بين الطرفين، والمنصوص عليه في قانون الموازنة الاتحادية العامّة لعام 2019. وكانت الأمانة العامّة لمجلس الوزراء العراقي قد أصدرت في 26 نيسان/ أبريل الجاري بياناً تضمّن توجيه رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي بقطع رواتب ومخصّصات «الإقليم»، وإعادة الأموال المحوّلة إلى أربيل.
بدورها، ردّت حكومة «الإقليم» برسالة من 10 فقرات على بيان الأمانة العامّة، ما فُهم منه أن «الإقليم» لن يسدّد المستحقّات النفطية، وأن فاتورة النفقات التي أظهرتها حكومة أربيل ستكون ورقة ضغط على بغداد لتحقيق المزيد من المكاسب في أي حكومة قد تؤلف، وإلا قد يكون اللجوء إلى مفاوضات معقّدة تريد منها أربيل قضم أكبر قدر ممكن من الأموال.
وتضمّنت الرسالة ضرورة منح أربيل 1/ 12 من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الجارية لعام 2019، أسوة بباقي المحافظات، وصرف رواتب قوات «البشمركة» المتوقّفة منذ العام 2005، ومنح تعويضات الحرب على «داعش»، فضلاً عن إطلاق رواتب «البشمركة» لعام 2019 والبالغة 68 مليار دينار شهرياً (56 مليون دولار تقريباً)، تليها مستحقات مالية لتعويض خسائر النفقات التي قدّمها «الإقليم» إلى نازحي المناطق المحرّرة والمقدّرة بـ8 مليارات دولار، ومصاريف تأمين الوقود لتوليد الكهرباء لمحافظة كركوك خلال المدّة المنحصرة بين 2011 و2020. البنود العشرة في رسالة حكومة أربيل حملت بنداً يطالب بغداد «إلزامياً» بتأليف لجنة مشتركة تفضي إلى أخذ ما لـ«الإقليم من حقوق، ودفع ما عليه من واجبات»، وهو أمر دفع القيادة الكردية إلى المطالبة بدفع مستحقّات مالية سمّتها «جبر الأضرار الناتجة عن جرائم النظام السابق»، ابتداءً من عام 1963 حتى عام 2003، والمقدّرة بأكثر من 384 مليار دولار.