لم ينجح رئيس حكومة العدو الإسرائيلي المستقيلة، بنيامين نتنياهو، في مناورته التي ارتكزت على استغلال التهديد الذي يمثله انتشار كورونا لتشكيل حكومة طوارئ برئاسته، بعدما عمد خصومه إلى احتواء الهجمة السياسية والإعلامية التي شنّها تحت هذا الشعار، والالتفاف على دعوته عبر إعلانهم دعم أي اجراء تتخذه حكومته لمواجهة الفيروس، بموازاة سعيهم إلى تشكيل حكومة بديلة، إذ أسفرت الاتصالات بين الأطراف التي تُجمع على محاولة إسقاطه عن توصية 61 عضو كنيست أمام الرئيس رؤوبين ريفلين، بتفويض رئيس تحالف «أزرق أبيض»، بيني غانتس، مقابل توصية 58 عضواً بنتنياهو، مع امتناع رئيسة حزب «غيشر»، أورلي ليفي، عن تفويض أي من الاثنين. بموجب هذه النتائج، يفترض أن يعلن ريفلين اليوم تكليف غانتس مهمة تشكيل الحكومة.رغم التكليف المفترض، فإنه لا يعني حدوث اختراق في الانسداد السياسي، لأن الغالبية التي أوصت بغانتس ترتكز إلى 15 عضو كنيست عربياً، ما يسلبها المشروعية الشعبية رغم كونها تتمتع بشرعية دستورية وقانونية، وهذا عامل أساسي في الواقع الإسرائيلي. مع ذلك، يحاول خصوم نتنياهو الالتفاف على هذه العقبة بمحاولة سنّ قانون يمنع نتنياهو من تشكيل الحكومة كونه متهماً بقضايا جنائية، وعبر تشريع يجعل انتخاب رئيس الحكومة عبر الشعب مباشرة. ويراهنون في هذه العملية على أن الغالبية الجماهيرية التي تجلّت في انتخابات الكنيست ستصوّت لأي مرشح ينافس نتنياهو بهدف إسقاطه، كما يسلبه القدرة على التعطيل. لكن العقبة نفسها تبقى قائمة انطلاقاً من الغالبية المفترضة، إذ أنها تستند أيضاً إلى الجمهور الفلسطيني الذي صوّت عدد كبير منه لـ«القائمة (العربية) المشتركة».
في كل الأحوال، يتواصل الصراع السياسي الداخلي منذ أكثر من سنة برغم إدراك جميع الأطراف حجم التداعيات التي يمكن أن يتركها انتشار كورونا على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. ومع أن حدثاً أقلّ من هذا المستوى كان يفترض أن يدفعهم إلى التكتل في حكومة واحدة، بغضّ النظر عمن يتولى رئاستها، فإن غياب ذلك حتى الآن يعكس حجم الصراعات وتجذّرها في الواقع الإسرائيلي.
قدّم نتنياهو عرضاً أخيراً بالتناوب مقابل تنازلات من غانتس لكنه لم يُقبل


في التفاصيل، عقد ريفلين منذ صباح أمس مشاورات مع ممثلي الأحزاب. وحضر الممثلون إلى المشاورات وفقاً لحجم القوى، إذ التقى ريفلين مع «الليكود» أولاً، ثم «أزرق أبيض»، ولاحقاً «المشتركة»، ثم «شاس»، فـ«يهدوت هتوراة»، وتباعاً: «العمل ـــ غيشر ـــ ميرتس»، «إسرائيل بيتنا»، كتلة أحزاب اليمين المتطرف «يمينا». خلال اللقاءات، أوصى ممثلو «أزرق أبيض»، وتحالف «العمل ـــ غيشر ـــ ميرتس» (باستثناء رئيسة «غيشر»)، وكذلك «إسرائيل بيتنا» و«المشتركة»، بتفويض غانتس، فيما أوصى «الليكود» و«يمينا» والأحزاب الحريدية بنتنياهو. وكان الأخير قد عمد إلى محاولة أخيرة بتكرار دعوة غانتس للانضمام إلى «حكومة طوارئ قومية» تستمر ولايتها نصف سنة، لن يكون بإمكانه فيها إقالة وزراء من «أزرق أبيض»، على أن يقدم التحالف مقترحاً لحجب ثقة عنه. وقال نتنياهو: «إنني مستعدّ للبحث في تشكيل حكومة وحدة قومية مع تناوب على أساس متساوٍ بالوقت والتركيبة. سأستمر في حكومة الوحدة هذه بتولي رئاسة الحكومة في السنتين القريبتين، وغانتس سيتولى كقائم بالأعمال بالتركيبة الوزارية المتساوية نفسها». لكن هذه المحاولة باءت بالفشل وتُرجم ذلك بالتوصية.