بغداد | يرتكز المنهاج الحكومي الذي صاغه محمد علّاوي وفريقه على محورين أساسيين: إجراء انتخابات مبكرة أولاً، والإصلاح الحكومي ثانياً. يشمل المحور الأول حزمة من الإجراءات التنفيذية، أبرزها استكمال بناء المؤسسات الدستورية والقانونية اللازمة لتنظيم الانتخابات، ودعمها لإجرائها في أقرب موعد تُحدّده «المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات» والبرلمان، شرط أن لا يتجاوز السنة الواحدة، والعمل على توفير أجواء مطمئنة ومشجّعة على المشاركة في الانتخابات، بعيداً عن جميع القضايا «غير القانونية» المؤثّرة في العملية الانتخابية. ويدعو المنهاج، أيضاً، البرلمان، إلى تحديد الدوائر الانتخابية بوضوح، بوصف ذلك «مقدمة ضرورية لا غنى عنها للتشاور مع المفوضية والجهات الساندة لها، لتحديد الموعد النهائي للانتخابات المبكرة». وفي شأن آخر، يشدّد على ضرورة تشكيل «لجنة خبراء» من خارج قوى السلطة، تُكلَّف بتحديد الخطوات المطلوب اتخاذها في سبيل مكافحة الفساد وتحقيق الإصلاح. كما يشدّد على أهمية كشف المتورّطين في الاعتداء على المتظاهرين السلميين والقوات الأمنية ومحاكمتهم، والإفراج عن المعتقلين بعد التشاور مع الجهات المختصّة، إضافةً إلى الاهتمام بالقوات المسلّحة وتمكينها من فرض القانون، وإخراج القوات القتالية من المدن، وإنهاء مظاهر التسلّح فيها، وحصر السلاح بيد الدولة، فضلاً عن إنهاء ظاهرة الفضائيين ومعاقبة المسؤولين عنها. ويخُتم هذا المحور بالدعوة إلى «العمل الجاد على توفير بيئة آمنة لعودة النازحين إلى منازلهم ومدنهم، بشكلٍ طوعي».أما في المحور الثاني، فيتطرّق المنهاج إلى آليات تطوير جملة من القطاعات الإنتاجية ضمن خطّة «تقوية الاقتصاد»، من خلال منح القطاع الخاص دوراً أساسياً في تفعيل الاقتصاد وإصلاحه، وتنويع الإيرادات غير النفطية بتوفير بيئة استثمارية جاذبة، وتحسين الآليات التي تُشجّع تصدير المنتوجات المحلية والسياحة وتطوير المرافق السياحية الدينية وغيرها. كما يتعهّد تبنّي مشاريع استراتيجية عملاقة، وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية المبرمة (ومنها الاتفاقيات الموقعة مع الصين)، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لدورها في امتصاص البطالة. وفي مجال الزراعة والمياه، يستهدف البرنامج تحقيق زيادة في الإنتاج المحلي وحمايته، ورفع نسبة مشاركة القطاع الزراعي في دعم الاقتصاد الوطني، وضمان تدفق المياه الخارجية إلى العراق، وتوزيع الموارد داخلياً بشكل عادل. أما في الصحة والبيئة، فيتطلّع إلى تحسين الخدمات الصحية والعلاجية للمواطنين على شكل تغطية شاملة وعادلة، وعلى أسس علمية صحيحة، وتحسين الواقع البيئي والحدّ من أخطار التلوث. وفي القطاع الكهربائي، يلتزم زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية، والحفاظ على استقرار التجهيز خلال ساعات الذروة، وإعادة رسم سياسة الاستثمار في الإنتاج، والتوجّه نحو الاستثمار في محطات الطاقة الشمسية.
يبرز دور نوري المالكي في رصّ الصفوف المعارضة لتمرير علّاوي


وفي أعقاب نشره، عقدت «لجنة دراسة المنهاج الحكومي»، أمس، اجتماعها الأول، برئاسة النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي، الذي أكد ــــ وفق البيان ــــ «أهمية هذا المنهاج»، كونه يراعي «أولويات المرحلة»، منبّهاً في الوقت عينه إلى أنه «لا يُعدّ منهجاً تفصيلياً لعمل الوزارات التي ستُكلَّف بإعداد منهج تفصيلي خاص بكلّ منها...». وبالتدقيق في تفاصيل البرنامج، يتبيّن أنه ترجمة لـ«خريطة الطريق» التي سبق أن رسمتها «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) لحلّ الأزمة المستمرة منذ 1 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وهو ما يحيل إلى التساؤل عن العلاقة بين علّاوي و«المرجعية» ومدى قبول الأخيرة بها. مطّلعون على مناخات النجف يقولون إن «المرجعية» لم تتدخّل في عملية تسمية الرئيس المكلّف، و«لا تريد ذلك»، ولم تعطِ «أيّ ضوء» إزاءه، مضيفين إن «الساسة كانوا على علم بأن المرجعية رفضت وسترفض إبداء أيّ رأي في هذا الصدد»، وستكتفي بمراقبة الأداء الحكومي. أما موقفها فـ«مبنيٌّ على موقف الشعب»، كما يقول هؤلاء.
في هذا الوقت، تتّجه الأنظار إلى الجلسة المقرّرة غداً الخميس لمنح الثقة للحكومة. حتى الآن، ثمة من يؤكد أن الجلسة «لن تشهد تمريراً للتشكيلة»، في ظلّ الكباش القائم بين الأحزاب والقوى السياسية من جهة، وعلّاوي من جهة ثانية، وأيضاً المواجهة القاسية بين رئيس الجمهورية برهم صالح الداعم لعلّاوي من ناحية، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي وزعيم «الحزب الديموقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني من ناحية أخرى، لرفضهما منح الحكومة بشكلها الحالي الثقة. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن الإدارة الأميركية أبلغت كلّاً من الحلبوسي وبارزاني بأنها «لا ترحّب كثيراً بهذه الحكومة، وتفضّل تسليم المهامّ إلى صالح»؛ إذ إنه ــــ وفق الدستور ــــ إن لم تنل حكومة علّاوي الثقة في 2 آذار/ مارس المقبل، يفوَّض صالح تلقائياً إدارة شؤون البلاد، وخصوصاً في ظلّ تمسّك عادل عبد المهدي بالعودة إلى منزله بعد هذا التاريخ. بناءً على ما تقدّم، تقول مصادر سياسية إن تمرير الحكومة سيكون بـ«شق الأنفس وليس بالسهل»، مستشهدة في حديثها بتغريدة لعلّاوي أمس، كشف فيها عن «مخطط إفشال التمرير بشراء أصوات النواب، ودفع مبالغ باهظة لجعل التصويت سرياً». كما تستند المصادر، في تقديرها، إلى مواقف زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر الأخيرة، والتي أظهرت تراجعاً في جرعة الدعم الممنوحة من قِبَله لعلّاوي. أما رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، فلا يزال يشتغل على رصّ الصفوف المعارضة لتمرير الحكومة، وذلك لـ«كسر شوكة» الصدر، وهو ما يبدو واضحاً في «التنسيق اليومي» مع زعيم «القائمة الوطنية» إياد علّاوي وبارزاني، الذي أرسل خلال الساعات الماضية إلى علاوي 20 ترشيحاً للحقائب الأربع التي مُنحت لـ«الإقليم»، مقترحاً عليه الاختيار من بينها مقابل المضيّ في منحه الثقة.