وجّه الاتحاد اللبناني لكرة القدم يوم أمس الدعوات إلى أعضاء الجمعية العمومية لعقد اجتماع استثنائي في 27 كانون الأول المقبل، لوضع صيغة إكمال الموسم الكروي. أرفقت الدعوة بالآلية المقترحة في جميع الدرجات. وضعت الكرة في ملعب الجمعية العمومية التي يعود إليها قرار وضع الصيغة. فهل تتحول الجمعية العمومية الى «برج بابل» كروي، حيث إن كل طرفٍ يتحدث بـ«لسان» مختلف لتصل الأمور الى مرحلة إلغاء الدوري؟أصدر الاتحاد اللبناني لكرة القدم أول من أمس تعميمه الرقم 65/2019 وفي بنده الأول دعوة الجمعية العموميّة الى اجتماع استثنائي للاتفاق على آلية استكمال الدوري. بعد طول انتظار، تمّ وضع المقترحات التي اتفقت عليها اللجنة التنفيذية وجرى توزيعها على الأندية كي تدرسها وتأتي يوم الجمعة 27 الجاري الى فندق البريستول للتصويت عليها وإقرارها، أو رفضها. القسم الثاني من الفرضية يبدو أقرب. فكل تفصيل في آلية استكمال الدوري يتضمن «مطباً» ويمكن أن يلقى معارضة، خصوصاً أن الآلية تنسحب على جميع الدرجات من الأولى الى الرابعة، وبالتالي ستتضارب المصالح ويتصادم أعضاء الجمعية العمومية الخمسين في ما بينهم، بحسب ما يؤكد البعض، ما قد يوصل الى صيغة قد تكون مريحة لمعظم الأطراف: إلغاء الموسم.
الأنظار متجهة الى الصيغة التي سيستكمل فيها دوري الدرجة الأولى. الصيغة المقترحة تنص على إكمال مرحلة الذهاب فقط، من المرحلة الرابعة من دون إقامة الإياب، على أن يتم تتويج صاحب المركز الأول باللقب من دون اللجوء الى مربع ذهبي. هذا الأمر ينسحب على الدرجة الثانية أيضاً، ومتعلّق بدوري الدرجة الأولى في مسألة الهبوط من الأولى الى الثانية والصعود من الثانية الى الأولى.
فعلى صعيد الهبوط الى الدرجة الثانية، سيلعب صاحب المركز الحادي عشر من الدرجة الأولى مع صاحب المركز الثاني في الدرجة الثانية مباراة واحدة فاصلة، كما يلعب صاحب المركز الثاني عشر من الدرجة الأولى مع متصدر ترتيب الدرجة الثانية أيضاً مباراة واحدة فاصلة. الفائز يبقى أو يصعد والخاسر يهبط أو لا يصعد. هذه الصيغة أيضاً ستنسحب على الدرجة الثانية والثالثة على صعيد الصعود والهبوط.
أما بالنسبة إلى اللاعبين الأجانب فالاقتراح ينص على استكمال الموسم من دونهم، إذ من الصعب الطلب من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» استثناءً على صعيد عقود الأندية واللاعبين، ومن ثم اعتماد وجود أجانب في دوري يمر بـ«ظروف قاهرة». الكرة أصبحت في ملعب الجمعية العمومية. هذه هي مقترحات الاتحاد اللبناني التي يمكن مناقشتها طبعاً وتعديلها حتى، فهي ليست ملزمة، وخاصة أن وصول التعديلات الى الجمعية العمومية لم يأتِ من فراغ. فبعد اجتماع اللجنة التنفيذية يوم الخميس الماضي، كان هناك توجّه نحو عدم اللجوء الى اجتماع عام للجمعية العمومية والاستعاضة عنه بالحصول على تفويض من أكثر من نصف أعضاء الجمعية للسماح للجنة التنفيذية بالقيام بما تراه مناسباً. لم تنجح هذه الفكرة لسببين. فأكثر من نادٍ لم يحبذ فكرة التفويض خوفاً من إقرار أي صيغة تتضارب مع مصالحه. في هذا الإطار، يقول بعض المصادر المتابعة للواقع الكروي اللبناني إنه حين تصل الأمور الى «الجيب» تسقط العلاقات و«المونات» ويصبح كل نادٍ «يا رب نفسي». أضف الى ذلك أن الاتحاد فضّل أن تتم مناقشة التعديلات في جمعية عامة مفتوحة أمام الإعلام، ويكون معلوماً موقف كل نادٍ تفادياً لأي نقاش أو اعتراضٍ سينبثق لاحقاً بعد إقرار التعديلات من اللجنة التنفيذية.
كل تفصيل في مقترحات الاتحاد يتضمن «مطباً» قد يطيحه


إذاً المقترحات أصبحت على طاولة الأندية، ومنها أندية الثالثة والرابعة حيث ستكون «الصرخة» الأكبر، ولدى كل مقترحٍ من هذه المقترحات باب لاعتراض أطراف معنيين.
البداية من صيغة استكمال الذهاب من المرحلة الرابعة مع تتويج المتصدر في نهايته من دون مربّع ذهبي. ففي الدرجة الأولى قد يلقى هذا القرار اعتراضاً من الأنصار بالدرجة الأولى، لكونه خسر واحدة من مواجهتين تحددان شكل البطل على الصعيد النظري. فإذا كان هناك وجهة نظر تقول إن لقب الدوري ينحصر بين ثلاثة أندية هي العهد والأنصار والنجمة (وهذا طبعاً نظرياً وفي دوري منتظم، وليس في نصف دوري يمكن لمباراة واحدة أن تقلب الموازين)، فحينها يكون الأنصار خاسراً لإحدى المواجهتين بعد سقوطه أمام النجمة في المرحلة الأولى. العهد بدوره قد لا يستسيغ مثل هذه الفكرة انطلاقاً من قاعدة أن لقب الدوري قد يتحدد في مواجهة واحدة من المواجهات، ويصبح من الصعب التعويض كونه لم يتبقَّ سوى ثماني مباريات. النجمة قد يكون المستفيد الأكبر، فهو فاز على الأنصار، ومن الممكن أن يخطف المباراة من العهد كما فعل مع الأنصار، طبعاً في حال تخطّى عقبة البرج العنيد في مباراة مؤجلة من المرحلة الثالثة. وبالتالي ستكون حظوظه بإحراز اللقب كبيرة.
نقطة أخرى هي موضوع اللاعبين الأجانب الذي من الطبيعي أن يلقى اعتراضاً من الأنصار، أيضاً بالدرجة الأولى، ومن العهد بشكل طفيف انطلاقاً من مسألة استحقاق كأس الاتحاد الآسيوي وضرورة وجود لاعبين أجانب مع الفريق يحتاجون الى خوض مباريات محلية كي يبقوا بالجاهزية المطلوبة. لكن هذا القرار قد يخرج من أيدي الجميع في حال كانت هناك إلزامية بعدم وجود أجانب ارتباطاً بالكتاب الموجّه الى الاتحاد الدولي للسماح بفسخ العقود وفق تسوية مشتركة بين النادي واللاعب.
وتقول مصادر إن المعضلة الأكبر ستكون في مسألة الهبوط الى الدرجة الأدنى، والتي هي مرفوضة من معظم أندية الجمعية العمومية على صعيد الدرجات الأولى والثانية والثالثة. وهذه النقطة من الصعب جداً أن تمر في الجمعية العمومية تحت طائلة التلويح بالانسحاب من خمسة أندية على الأقل في الدرجة الأولى ومعظم أندية الدرجتين الثالثة والرابعة. وهنا لن يستطيع اتحاد اللعبة تطبيق أي قرار بحق تلك الأندية في حال قررت الانسحاب، خصوصاً إذا تمسكت بعذر «الظروف القاهرة» التي لجأ إليها الاتحاد مع الـ«فيفا». فكيف تكون الظروف القاهرة قائمة على الأجانب ولا تكون قائمة على الأندية غير القادرة على اللعب؟
هذه المواجهات في الجمعية العمومية قد تفضي بحسب متابعين الى إلغاء الهبوط وارتفاع عدد الأندية في الأولى الى 14 وفي الثالثة الى 31، وهذا الأمر قد يؤدي إلى مباريات غير جدية، لا بل شكلية ايضاً، وتكون خالية من أي معنى، على اعتبار أنه مهما كانت النتائج فإن الفرق لن تهبط. وهذا الأمر لقي رفضاً في اللجنة التنفيذية في اجتماعها الأخير من قبل غالبية الأعضاء، ما فرض اللجوء الى صيغة «باراج» بين أصحاب المراكز 11 و12 والأول والثاني في الدرجة الأدنى، لعدم ارتفاع عدد الأندية في كل درجة.
كما أن هذه الصيغة ستلقى معارضة من الأندية التي ستحتل المركزين الأول والثاني في الدرجتين الثانية والثالثة، وأندية الدرجة الرابعة الأربعة التي سيحق لها الصعود الى الدرجة الثالثة. فهؤلاء سيجدون أنفسهم مهددين بعدم الصعود نظراً إلى مواجهات «الباراج» مع أندية أخرى، وهذا أمرٌ مجحفٌ بحقّهم، بحسب ما يقول البعض. فبعد انتهاء المنافسات، يحق للأندية المتصدرة الصعود مباشرة وليس خوض مباريات فاصلة مع أندية من درجة أعلى قد تحرمهم من الصعود.
تبقى مسألة الحضور الجماهيري، حيث إن هناك إجماعاً كروياً على ضرورة حضور الجمهور، لكنه قرار قد يسقط في «جمعية عمومية» القوى الأمنية التي ليست بوارد السماح بحضور الجمهور في حال بقيت الأجواء في لبنان كما هي حالياً.
إذاً هي مرحلة حساسة ستجري خلالها مشاورات عديدة داخل الأندية والاتحاد، إلى أن يحين موعد الحقيقة في 27 كانون الأول الجاري.