يجتمع بعض صناع الدراما السورية مصادفة في مقاهي بيروت خلافاً للأشهر الماضية التي شهدت لقاءات يومية لهؤلاء. لكن حالياً، انهمك معظمهم بأعمال الموسم المقبل، أو سافر بعضهم خارج لبنان لاستكمال مشاريعهم. وفي اللقاءات القليلة التي تجمعهم، تستشف من حديثهم تشاؤماً إزاء «الموسم المضروب» كما يسمونه بلغة التجارة. إذ إنّ شهر رمضان سيتزامن مع نهائيات كأس العالم 2014 التي ستقام في 12 حزيران (يونيو) في البرازيل.
ومن الطبيعي أن يسرق المونديال الأضواء من أي حدث آخر، مهما علا شأنه. هكذا لفت النجم السوري مكسيم خليل في حوار سابق مع «الأخبار» (26/2/2014) إلى أنّه فضل قبول دور بطولة في مسلسل «سيرة حب» وهو عمل طويل (قوامه 90 حلقة) سيعرض خارج الموسم الرمضاني بسبب «تخوّف الشركات المنتجة من الموسم المقبل بسبب تزامنه مع كأس العالم».
إلا أن لمدير «سوريا الدولية» (أعرق شركات الإنتاج في سوريا) فراس دباس رأياً مختلفاً. يقول في حديثه إلى «الأخبار»: «لم نتخوف من هذا الأمر. سرت العادة أن ننتج ثلاثة أعمال سنوياً كحد أقصى. لكن في هذا الموسم، نستعد لإنتاج أربعة مسلسلات، لأننا نؤمن بأهمية العمل الدرامي السوري وضرورة وجوده على الشاشات، وتحديداً في هذه الظروف، علّه ينقل جزءاً من الواقع الذي تشوّهه المحطات الكاذبة»، ويرى دباس أنه تبقى للدراما خصوصيتها «طالما أنها تخاطب جمهوراً عريضاً يختلف عن جمهور كرة القدم».
لكنّ الكاتب والمنتج محمد ماشطة يفصح في حديثه معنا: «من المعروف أنّ القنوات الكبيرة التي تموّل الدراما عبر شراء المسلسلات بمبالغ قد تقارب أحياناً قيمة الإنتاج، باتت قليلة اليوم، ومحصورة بشركات معدودة على الأصابع. هذا يعني أن المنتجين الآخرين قد يتخوفون فعلاً من الإنتاج، في ظل تزامن المونديال مع الموسم الرمضاني، ولا سيما أنّ المنتج لا يسعى فقط إلى بيع عمله بأفضل سعر كعرض أول، بل يهمه جداً توقيت العرض. إلا أنّ القناة العارضة ستمنح الأحقية في عرض الذروة لإنتاجاتها الشخصية أو لعملائها من المنتجين الذين تتعامل معهم بصورة دائمة».
من جانب آخر، يعتبر صاحب «ثنائيات الكرز» أنّ هذا الأمر ليس السبب الوحيد الذي يتحكم بالموسم الرمضاني، إنما «هناك عوامل عديدة تتعلق بأوضاع البلاد السياسية والأمنية، وقد قادت العديد من المنتجين إلى توقيف أعمالهم هذا الموسم في انتظار الاستقرار». في السياق ذاته، يخفف مدير الإنتاج الشهير وصاحب شركة «البادية» فهر الرحبي من التأثير الكبير لهذا الموضوع، والسبب كما يقول هو «توقيت عرض المباريات في وقت متأخر من الليل، لتكون هناك ساعتان فقط من وقت الذروة لصالح مباراة كأس العالم». وماذا عن إنتاجات «كلاكيت» التي يشرف هو على الشق الإنتاجي من أعمالها؟ يجيب الرحبي بأنّ «إنتاج هذه الشركة الأضخم هذا العام، سيكون في مسلسل تسعيني هو «الإخوة»، لكنّه سيُعرض خارج رمضان» وفي ما يخص بقية المسلسلات التي يفترض أن تنتجها الشركة، يعوّل الرحبي على «براعة صاحب الشركة إياد نجار وأسلوب تسويقه المتقن وسمعته الجيدة لدى المحطات».
على الرغم من كل هذه التخوفات، إلا أنّ شركة «غولدن لاين» لا تحسب حساباً لشيء. هي لا تزال مرابطة في دمشق، وقد زادت عدد إنتاجاتها لتصل إلى أربعة مسلسلات، أحدها «خواتم» لنادية الأحمر وناجي طعمي. وقد باشرت قناة «أوربت» المشفرة في عرضه. كذلك، تواصل الشركة إنتاج «صرخة روح» و«الغربال» و«وراء الوجوه». في حديثنا معها، تلفت مصادر من داخل الشركة إلى أنّ «الموسم الرمضاني هو الموسم الأفضل، وخصوصاً أنّ جمهوره جاهز. ولو تخوفنا من تعارض كأس العالم مع رمضان، نكون قد غامرنا بموسمنا الأفضل لكل السنة. ثم هناك نقطة ثانية أنّ جمهور كرة القدم يختلف قليلاً عن جمهور الدراما الرمضانية الذي يشمل العائلة كاملة، وخصوصاً النساء، إضافة إلى عرض المسلسل ذاته على أكثر من محطة وفي أوقات مختلفة وإعادات متكررة، وهو ما يساعد المشاهد على الجمع بين الدراما والرياضة». علاوة على ذلك، تعوّل «غولدن لاين» على الدراما الشامية التي تجذب جمهوراً تعودها كطبق رئيسي على المائدة الرمضانية.
على هذه الحال، تتحضر الدراما السورية لخطوة جديدة في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها الشام، من دون أن يهتم المنتجون كثيراً بتضارب كأس العالم مع الموسم الرمضاني، على اعتبار أنّ جمهورهم أعرض من جمهور كرة القدم.